-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في ذكرى رحيل بومدين

عمار يزلي
  • 2629
  • 6
في ذكرى رحيل بومدين

أربعون سنة تمر اليوم على رحيل الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، أصغر رئيس يتوفى وهو يزاول مهامه الرئاسية.. 46 سنة فقط… قضى منها 13 سنة على رأس الدولة الجزائرية: 19 جوان 1965 ـ 27 ديسمبر 1978. غير أن إنجازاته وأعماله كانت أكبر من سنه وعمره.
اليوم، حين نتذكر المرحلة، على الرغم من كل ما يقال عنها وما قد قيل، نتساءل: هل إننا نسير نحو الأمام أم باتجاه الخلف؟ ولماذا صرنا نحـِـنُّ إلى الماضي؟ أهو العمر الذي يتقدم بنا نحو الأمام، فصرنا ننظر إلى الخلف لنعرف ما تركنا خلفنا، أم هو تخلف فعلا؟ كما نتساءل: هل ستمر 40 سنة بعد هذا الجيل ونحن مرة أخرى إلى 2018؟.. لا نتمنى ذلك أبدا، لأن ذلك معناه أننا لم نتطور وأننا مازلنا نعيش على الماضي.
الجديد بعد 40 سنة من وفاة الرئيس هواري بومدين، هو أننا بقينا لسنوات نلف وندور بحثا عن ذواتنا وحتى هويتنا المطموسة التي أريد لها أن تبقى كذلك. كان بومدين أحرص الناس على كشفها وإخراجها إلى العلن والاعتراف بها.. القضية الأمازيغة مثلا، وهو الشاوي الحر، كانت قضية وقت فقط، لارتباط الموضوع بحساسية الثورة والصراع بين الفرقاء على المسألة البربرية التي كانت من صنع فرنسي بامتياز، لهذا كان على بومدين أن ينتظر حتى يستتب الأمر سياسيا. نفس الأمر بالنسبة إلى الديمقراطية والتعددية.
الواضح أن بومدين لو كان حيا، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه: كان ذكيا وبراغماتيا، والرئيس بوتفليقة ورث عنه الحكمة والتبصر المستقبلي والموازنة بين المصالح المختلفة وبين القوى المتشابكة سياسيا وأمنيا واقتصاديا. بومدين كان يرى بعيدا وأبعد مما ننظر إليه اليوم عند رؤوس أصابع أقدامنا. كان هناك مشروع دولة ومشروع مجتمع، حتى ولو كنا ننتقد ذلك التوجه وما زلنا ننتقده، لكن الرجل كان محبا لوطنه، منزها عن النهب والسرقة والفساد، بل حارب المحاباة والفساد والبيروقراطية بلا هوادة.. غير أن البيروقراطية في النفوس.. البيروقراطية ثقافة وذهنية، وليس من السهل أن تجتث العقلية من ذويها. كنا في حاجة إلى بومدينية طويلة النفس، لكن بلا جور ولا ظلم.
كان أحد الباحثين الاجتماعيين السوريين (أ. الدكتور حنا) يقول لنا: “نحن في الوطن العربي، بدنا مستبد عادل”.. أي نحن في حاجة إلى رجل قوي لكنه عادل. تماما مثل الأسرة والعائلة التي يكون الأب والزوج فيها حازما وقويا، لكنه عادل وعامل في نفس الوقت.
الكل يعيب على بومدين فرضه للاختيار الاشتراكي، لكن بن بلة أيضا كان اشتراكيا. لكن الاشتراكية وقتها لم تكن خيارا.. بل كانت الخيار الأوحد، معناه كانت ملزمة وإجبارية لبلد خارج من الفقر والاستعمار الرأسمالي الذي يرفض أن تكون له شخصية وطينية وكيان مستقل اقتصاديا وسياسيا. كان الاستعمار الجديد يريد لنا ومنا أن نبقى في تبعية دائمة: مستهلكين لما تنتجه مصانعهم ومدارسهم وثقافتهم.. تابعين لهم في كل شيء.. وما زلنا إلى اليوم نعاني من ذلك. كنا نبحث عن أخف الضررين. المعسكر الاشتراكي ولاشتراكية كانت النظام الوحيد لضمان استقلالنا الاقتصادي وعدم عودة الاستعباد الرأسمالي الغربي لنا برؤوس أمواله وبأيادي وأجساد أبنائنا.
ولولا تجند الشعب والمواطنين والعمال والفلاحين لتسير قطاعات ولو بطريقة فوضوية وعشوائية أحيانا، لكانت الأرض والمصانع والإدارات تسيرها اليوم الأقدام السوداء واليهود.. هذه حقائق يجب أن تذكر. الاشتراكية كانت خيارا أوحد على علاته ونقائصه، ولهذا كان بومدين سيبحث عن نظام جديد بعد الخروج من دائرة الخطر.
رحم الله بومدين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • مجمد

    رحم الله بومدين مهما كانت أخطاؤه خاصة لما سجن ما دام على قيد الحياة بن بلة الذي أدخله في صفوف الثورة الوطنية وبفضله تعرف عليه المجتمع الأصيل.لا يستطيع أحد أن ينكر المكانة النضالية التي أحرزت عليها الجزائر والتي ضاعت منها اليوم نظرا لانعدام الوعي الوطني وجشع الذين كونوا بطانة بومدين مما يؤكد أنهم لم يصدقوا في أقوالهم.لقد كان إرث الرجل ثقيلا حتى ضاع كل شيء ولم نسمع عن الخيرين أحدا.كان أتباعه يسايرون أقواله ويترصدون سقوطه لينهبوا ثروات البلاد ويقيموا لأنفسهم كنوزا لم ينجزوها من عرقهم بل بقوة السطو والجور.هذا الذي نؤاخذ عليه المرحوم لأنه صنع مجده لصالح المتملقين والخونة للوطن.لم يهتم بتكوين الرجال

  • م.ب ( يتبع)

    أذا الخيار الاول تلاشى ؛ وسقط . لاسباب؟ فكان الخيار الثاني . ليس حبا فيه ؛ ولكن الظرف الاستعجالي ؛ والعروض بسخاء أقتضت ذالك. فكانت المساعدات في جميع مناحي الحياة تتهاطل؛ وبلا مقابل أأمر فقط .. ورغم ذلك لم يسمح بأقامة قاعدة جوية أو بحرية على ترابنا ؛ وحافظنا على شعرة معاوية . وكل الدول التي نالت استقلالها في تلك الفترة . كانت تحذ هذا الحذو . أولا . الابتعاد عن رائحة الاستمدار الامبريالي.. ثانيا من أجل خلق نوع من تكافؤ الفرص. والتكافل الاجتماعي والقضاء على الفوارق - خلق ديناميكية جديدة تعتمد على السرعة بشعارات قديمة ( الثورة التحرئرية ) . جديدة الثورات الثلاث.. فمصطلح الثورة الشعب متعود عليه

  • م/ أولاد براهيم.

    نعم . يا أستاذ. الزعيم يولد مرة في 100 سنة؟!

  • ايت ساعد العربي

    اظهرت وثائق صندوق التوفير والاحتياطC.N.E.P ان الراحل هواري بومدين فتح حسابا لديه خلال شهر افريل 1966م بواقع 500.00دج وهو مبلغ محترم انذاك وبلغت الفوائد المتراكمة حوالي 75.00دج لغاية 31 ديسمبر1976م، وحقيقة ان الراجل كان من طراز** نحن خدامين حزام وعاش ما كسب ومات ما خلى*** فاعتبروا يا لصوص الامانة يا من توليتم امورنا ورسختم الطمع والابتزاز في النفوس السيئة المبذرة الفاسدة المارقة. صدقت يا بومدين لما قلت:*** الانسان النظيف لو يدخل مزبلة يخرج منها نظيفا** رحم الله بومدين واسكنه فسيح جناته مع الشهداء محرري الارض والاوطان.

  • متسائل

    شهادة لله كنت في السبعينات عند وفاة المرحوم هواري بومدين صغيرا شهدت جنازته مع اخي الكبير و رايت بام عيني شعب يبكي بحرقة و صدق لفقدان زعيمه, فقلت في نفسي الصغيرة البريئة ذاك الوقت يجب ان يكون هذا الشخص محبوب و خدم هؤلاء الناس باخلاص ليبكوا عليه بهذه الطريقة و الحرقة. اما الان فنرى الضحكات و القهقهة على ابواب المقابر. فهل من معتبر.

  • متسائل 2

    اذا كانت 23 سنة كافية لبناء امة دولة جيش عقيدة, فما بال الفاشلين بعد 40 سنة يمرحون لا حسيب لا رقيب بالقانون و بالدوس على القانون لم يبنوا امة علم مدارس ذات شان اقتصاد و عملة محترمة لا نقول قوية?! لم و لن نرث منهم الا الجدال العقيم الانقسام و ثقافة البروفيتاج و البايلك و بني عميس و خاليس.