-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في سبْدو

في سبْدو
ح.م

سبدو مدينة جميلة تقع جنوب غرب مدينة تلمسان على طريق المتوجه إلى مدن النعامة وعين صفراء وبشار. وقد حباها الله – عز وجل- بجبال راسيات أضفت عليها بهاء وجمالا، وأورثت أهلها هيبة وجلالا.

توجهت إليها يوم الجمعة (12 فبراير) تلبية لدعوة كريمة من إخوة كرام يسيّرون جمعية كريمة هي “جمعية المعالي للعلوم والتربية”، لمشاركتهم في إحياء “يوم الشهيد”، وتكريم الشيخ عمار مطاطلة، الذي لم ينسوا فضله، إذ عمل في تلك المنطقة ضمن “مجاهدي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين” قبل إعلان الجهاد في 1954.

المدينة وما حولها من جبال، وما يجري في سهولها من شعاب ووديان تملأ نفسك بالروعة والبهجة، وتملأ نفسك بالإعجاب والفخر لما جرى على تلك الرّبى والجبال من آيات البطولة التي سطرها الأشاوس ضد الفرنسيين المجرمين، إذ صال وجال المجاهدون من عبد القادر إلى بوعمامة، إلى ابن مهيدي، ولطفى وفراج ومن معهم من الأولين والآخرين.

رغم بعد الشقة من البليدة إلى سبدو، وما يصيب المرء من لغوب السفر، فإننا بمجرد وصولنا إلى تلمسان رافقنا خبير بالمنطقة، عالم بما جرى فيها من وقائع، وبمن عاش فيها من علماء ومجاهدين، أعني الأستاذ محمد بومشرة، الذي أبى إلا أن يكرمنا في بيته بما أبدعته من حلويات أنامل حليلته الفاضلة.

في طريقنا من تلمسان إلى سبدو التي كانت تسمى تفافراوا- كما يذكر الأستاذ أحمد توفيق المدني في كتابه “كتاب الجزائر”- عرّجنا على بلدة “عين غرابة”، فزرنا البيت الذي سكنه الشيخ مصباح حويذق الذي كان ينشر العلم النافع، ودعوة جمعية العلماء. وقد أخبرنا الإخوة أن مدرسة جمعية العلماء حوّلت إلى مسجد وهو الآن محل عملية توسيعه.

وتشرفنا بأداء فريضة المغرب في مسجد بلدة “تيفزّة”، المسمى باسم العالم المجاهد محمد بولنوار (سي عبد الرحيم)، وهو من تلاميذ جمعية العلماء، ثم درس في القرويين وتونس، ليعود معلّمنا ومجاهدا ومسئولا في المنطقة إلى أن آتاه اليقين. وقد أحسن استقبالنا فضيلة إمام المسجد ومن وجدناه من عمّاره. فشكرا لهم.

ومن الغد (يوم السبت) أحيت جمعية المعالي ذكرى يوم الشهيد في إحدى قاعات المدينة، وكان الحضور متميزا من الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات، وقد جرى الحفل تحت رعاية السيد رئيس الدائرة ومسئولي البلدية.

لقد كان لي شرف الحديث عن ثلاثة شهداء من معهد الإمام ابن باديس هم رئيسه الشيخ العربي التبسي، وأمينه أحمد رضا حوحو، ومقتصده أحمد بوشمال، الذين اختطفهم المجرمون الفرنسيون، ولا تعرف إلى الآن مقابرهم.

أشكر جزيل الشكر الإخوة في سبدو، الذين إن مدحت كرمهم فكأنني ذممتهم، لأن تلك هي سجيتهم فقد تعودوا بسط اليد، ولو أرادوا قبضها لم تطاوعهم أناملهم، وكيف لا يكونون كذلك وهم من نسل بني هذيل الأماجد.

السفر قطعة من العذاب، وقد يضاعف هذا العذاب إن كان الصحب في السفر ممن هم أثقل من الجبال، ولكنه يتحول إلى عذب إن كان الصحب كأصحابي في هذا السفر، محمد غازي، وعبد المالك، وأبو محمد المحسن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • merghenis

    « سبدو في عهد الإستعمار كانوا يسمونها سهب 2 (sehb2) . تحولت الكلمة عند الغزاة من "sehb deux" في كتابتها بالفرنسية إلى sebdou ، و في حال كتابتها بالعربية يكتبونها : سبدو» و الله أعلم.

  • جزائري

    ما يزال في بلادي رجالٌ أماجد.
    وفّقكم الله ونصركم.