-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قالوا 2030..  !

قالوا 2030..  !
ح.م

كثيرا ما تَرِدُ سنة 2030 في أحاديثنا السياسية أو برامجنا الاقتصادية أو التربوية.. شيء جميل أن نضع أنفسنا باستمرار ضمن المستقبل، وأن نحاول التفكير لما بعد اليوم والغد البعيد.. ولكن هل نملك فعلا تصورا عما سيكون عليه العالم بعد أكثر من 10 سنوات من الآن في ظل التسارع الكبير الذي يحدث اليوم؟ هل لدينا هيئات متخصصة لرصد خصائص العالم لسنة 2030 وما بعد؟ هل خصَّصنا اعتمادات مالية لمراكز بحث عالية المستوى لأجل الاهتمام بالمستقبل؟ هل تقوم مديريات الاستشراف بوزاراتنا المختلفة بالدور الذي ينبغي أن تقوم به؟ وهل لديها الإمكانات والخبرة العلمية اللازمة للقيام بذلك لكي يتحدث بعض من لا علاقة لهم بالمستقبل عن سنة 2030؟

وفي جانبٍ آخر، هل لدى أيِّ مسؤول في بلادنا القدرة على الإجابة عن السؤال الكبير الذي يقول: إذا كان العام سيتغير بهذا الشكل بعد 20 سنة من الآن، هل بإمكاننا التكيف مع ذلك وتمكين أبنائنا من العيش فيه بسلام؟

يبدو لي أننا بقدر ما نُسارع للحديث عن المستقبل، ومحاولة إبراز أننا نسعى إلى إيجاد موقع لنا ضمنه، لم نوفر لأنفسنا ما يلزم من المعلومات والتحاليل القادرة على تبصيرنا بما ينبغي علينا فعله من الآن.

هل لدينا إجاباتٌ كافية مثلا عن نوع الأمن الذي ينبغي أن نوفره للأجيال القادمة في ظل تبعيتها المطلقة للتكنولوجيات الجديدة؟ هل لدينا إجاباتٌ كافية لنوعية الاقتصاد الذي ينبغي أن يكون لدينا في ظل الأنماط الاقتصادية التي ستسود العالم في العقود القادمة؟ وقس على ذلك ما تعلق بالثقافة والدين والتعليم واللغة والسياسة والأخلاق والأسرة…

إننا بحق أمام تهديداتٍ لا حصر لها في هذه الجوانب، ككل الدول التابعة في هذا العالم.. وبكل المقاييس لا تكفي الجهود الحالية المبذولة للتكفل بالتكيف مع المستقبل، بالنظر إلى انشغالنا الكبير بالحاضر الضاغط وباليوميات التي نعيشها ولا نكاد نتمكن من تجاوزها. وعليه ليس أمامنا سوى أن نُلزم أنفسنا بتفعيل ما هو موجود من هيئات إدارية لها علاقة بالاستشراف، وتزويدها بالمعارف اللازمة للقيام بعملها على أحسن وجه من خلال تكوين ملائم، وفي مقام آخر إنشاء هيئة مركزية مستقلة علميا وماليا، مهمتها فقط رصد التحولات العالمية القادمة، وتقديم ما يلائم من أفكار واقتراحات للهيئات والوزارات المختلفة لتكييف برامجها مع ما هو قادم من تحولات، وإلزامها بذلك.

دون هذا يبقى الحديث عن سنة 2030 أو ما بعدها مجرَّد وهم بأننا نسعى إلى حماية أنفسنا من مستقبل ضاغط بلا شك، ومجرد كلام  يطلقه هذا المسؤول أو ذاك للهروب من مشكلات يومية ضاغطة يعيشها بعيدا عن أي تفكير استشرافي شامل يهم مستقبل هذا الوطن ومستقبل أبنائه، أخلاقيا وعلميا واقتصاديا، ليس فقط كشباب سيعيش للمستقبل القريب إنما حتى كأطفال لم يولدوا بعد، وينبغي الاستثمار فيهم من الآن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • مجبر على التعليق - بعد القراءة

    نهار نحبو بلادنا قبل انفسنا حتما تتقدم الامور اما حب الذات و انا و بعدي الطوفان و هنا اقصد الجميع و ليس للذين يظنون الظنون إلا على المسؤولين و فقط فالقاعدة التحت كذلك فاسدة بالغش ... ماذا تفعل منظومة و بعض مواطنيها فاسدين مرتشين خداعين و و و .....

  • الطيب

    نظن أنك وحدك يا أستاذ مَن يحمل هذا الهم ! الشعب راه مع معارك الخبز و الحليب و خلايع الزيادات و كوشمار الباك !! و المسؤول را ه ضارب ديباردير و بونتكور و داير الكليما في 22 و عايش مع لاتاي و المونديال !

  • محمد

    أتعلم أيضا يا أستاذ سليم مافعله الرئيس بوتين مؤخرا؟ مع أنهم يملكون مثل تلك المراكز الإستراتيجية، إذ أنه لم يكتف بذلك بل فتح خطا مباشرا مع تغطية تلفزيونية مباشرة لإستقبال الأسئلة من جميع سكان دولته،
    قام بالحضور هو وكل ولاته ووزراءه في نقل مباشر..فكل سؤال إما يجيب عليه مباشرة أو يحيله إلى الوالي أو الوزير عبر تقنية الفيديو.
    الخلية التي إستقبلت الأسئلة هي خلية ضخمة من التقنيين والعاملين ولم يضيعوا سؤالا واحدا ..تلقوا مليوني سؤال عبر الهاتف والرسائل القصيرة والموقع الخاص أجاب بوتين مباشرة على الكثير منها ، وماتبقي تم تصنيفه ودراسته، لمعرفة البنود العريضة لمطالب الشعب فتبنى على ذلك السياسيات.

  • محمد

    كل أولئك هم عناصر تنفيذ ..لايطلب منهم كثيرا الإستشراف والتخطيط ..فكلما تقلد أحدهم منصبه لايفكر كثيرا وينظر أين توقف عمل من كان قبله، بل يلجأ إلى مركز الدراسات الإستراتيجية، ليعطيه نظرة عما يجب عليه فعله ومن أين يبدأ .الوزراء والولاة وغيرهم لا يتم إختيارهم ليخططوا في غالب الامر ، بل لينفذوا.وأيضا بالنسبة للشركات ..قد تحصل على معلومات هامة، بمقابل أو بدونه لتختصر وقتا كبيرا
    ميزة مثل هاته المراكز أنها تتبع مخططا مدروسا بدقة تبعا لتغيرات المجتمع في الداخل وتغيرات السياسة والإقتصاد في الخارج..وتشمل عدة مجالات وتتكامل بينها، إذ مثلا تتبنى سياسة إجتماعية تتناسب والسياسة الإقتصادية التي خططت لها.

  • محمد

    صحيح ماتقوله ، عين العقل ...ليس كل الناس تلعب الشطرنج ، ومن يلعبها ليس كلهم يخططون لخمس وسبع خطوات متتالية . أولئك الناس هم الثروة وزبدة المجتمع إن إجتمعت قدراتهم التخطيطية والإستشرافية مع الأخلاق المثلى. فذلك أهم الشروط. وإن جمع خيارهم في مركز دراسات لايكون مركزا مهملا في السياسة الجزائرية ، فتأكد أن الجزائر ستخطو خطوة عملاقة للأمام . لماذا ؟ ..لأن أولئك العباقرة ذوي النظرة الشاملة والبعيدة ..هم من يصنع الفلسفة والإستراتيجية الإجتماعية التي يجب أن يكون عليها المجتمع والإستراتيجية في المجالات التسييرية المختلفة ، الإعلام والتربية والإقتصاد ..الخ
    فكل وزير أو وال أو حتى رئيس دائرة أو شركة ..