-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قدّم الكثير للجزائر.. فماذا قدّمنا له؟

حسن خليفة
  • 473
  • 0
قدّم الكثير للجزائر.. فماذا قدّمنا له؟
ح.م

ونحن على مشارف المعرض الدولي للكتاب، وهي سُنّة كريمة طيبة، تلتئم كل عام في بلدنا، نتذكرـ ضمن من نتذكرـ أولئك الذين خدموا الثقافة والفكر والعلم، وما أكثرهم، ولكن نحبّ أن نتذكر أيضا الكثير ممن خدموا بلدنا ـ الجزائرـ خدمات جليلة؛ في مجال الثقافة والفكر والنشر.

ومن هؤلاء الأستاذ الكبير والناشر الرائع الحبيب اللمسي صاحب دار الغرب الإسلامي (البيروتية) والتي كانت منطلق طبع ونشر وتحقيق الكثير من الأسفار والكتب والكنوز العلمية والتاريخية والمعرفية والإعلامية المغاربية عموما، ومنها بالأخص ذلك المتصل بالجزائر وتراثها وفكرها وأدبها.

ما أكثر ما طبع الشيخ الحبيب اللمسي للجزائريين قديما وحديثا، ككتب الدكتور المؤرخ أبي القاسم سعد الله ـ على سبيل المثال ـ ولكن بعض ما طبعه من أسفار كان بمثابة تراث زاخر قيّم، كاد أن يندثر و”يموت” ويختفي، لولا أن هيأ الله تعالى له هذا الرجل الشهم والمثقف الرسالي والناشر المتميز ليبعثه ويحييه، على أكمل وأجمل ما يكون، وأعني هنا بشكل خاص مجلات وصحف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي نشرها تباعا.

 وقد لا يعلم الكثيرون منا أنه أنفق في ذلك الكثير والنفيس والغالي من الجهد والمال، بالسفر والانتقال من مكان إلى مكان، ومن بلد إلى بلد باحثا عن نسخة ناقصة، بل عن ورقة ناقصة، من هذه الجريدة أو تلك المجلة، أو مستقصيا عن مسألة هنا أو هناك مما له صلة، وكنتُ شاهدا على ذلك أكثر من مرة، عندما يزور الأستاذ والمؤرخ سليمان الصيد المعروف باهتمامه بالتراث الجزائري. لقد أمكن للناشر الشغوف بالتراث الجزائري، بعد بحث وجهد تصوير ذلك الميراث العزيز وإعداده وطباعته ونشره في مجلدات أنيقة فخرجت “البصائر” و”الشهاب” و”السنة” و”الصراط السويّ”و”المنتقد” وسواها من الأسفار النافعة التي توثّق تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر، وتسجل وقائعه وتفاصيله بأقلام تلك الثلة من الكتَاب والأعلام رحمة الله عليهم جميعا .

لقد خدم اللمسي ـ رحمة الله عليه ـ الثقافة العربية الإسلامية أجلى ما تكون الخدمة، وخدم الجزائر على نحو خاص..وقدّم الكثير في هذا المجال.

والسؤال: ماذا قدمت له الجزائر؟ أيليق أن نغضّ الطرف عن كل ذلك الإحسان لدولتنا وتراثنا وثقافتنا، ونهمل مقابلة الإحسان بالإحسان، بأي شكل كان، بل بالشكل الرائق والمناسب، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وأقل ما يمكن أن نكرّمه التكريم اللائق بإسداء العرفان والاحترام والذكر الحسن والثناء الطيب، فالرجل ـ رحمه الله ـ كان يرى أن كل ما فعله هو من فضل الله عليه أن هيأه وملأ نفسه بهذا النوع من الشغف الاستثنائي بالكتاب التراثي، كما هيأ له الربط بين المغرب والمشرق، كما قال عنه الأستاذ حسين بافقيه:

“أراد الحبيب اللَّمسيّ – رحمه الله – أن يقوِّي تلك العلائق/بين المشرق والمغرب/ حين اتَّخذ بيروت – في الشَّرق العربيّ – مقرًّا لدارٍ تُدْعَى «دار الغرب الإسلاميّ»، فأسدَى لكلتا النَّاحيتيْن معروفًا لا يُستطاع تقديره، ولولا ذلك ما عرفتْ طائفة مِنَ القرَّاء مؤلَّفات الجِلَّة مِنْ علماء تونس والجزائر والمغرب. فلولا الحبيب اللَّمسيّ، ولولا دار الغرب الإسلاميّ، ما عرفْتُ كُتُب أبي القاسم سعد الله، ومحمَّد حجِّي، وإبراهيم بن مراد، ومحمَّد المنونيّ، ومحمَّد الحبيب ابن الخوجه، ومحمَّد صالح الجابريّ، ومحمَّد محفوظ، وإبراهيم النَّجَّار، ومحمَّد الهادي المطويّ، والطَّيِّب العشَّاش، ومبروك المنَّاعيّ. والجهل بمصنَّفات هؤلاء خسارةٌ كبرى في ميزان العلم والثَّقافة، فاستوى في ميزان المعرفة الاتِّصال بعلماء المغرب، وأعلام العلماء مِنَ المشارقة..”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!