-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قرن الفكرة الثقافية

الشروق أونلاين
  • 307
  • 0
قرن الفكرة الثقافية
ح.م

الثقافة ليست نظرية محايدة بل متحيزة لأربع محددات هي: الدين واللغة والتقاليد والتراث، والمجموع يشكل بذور تقدم حضارة الشعوب في الزمن. الزمن – وليس الوقت- هو الذي يسمح للثقافة بالتراكم في سياق الحضارة لتثمر منتجات تربط الجيل بالجيل.

فكرة القرن القادم

إدماج الزمن في التفكير الثقافي يعني استشراف الثقافة، وهي عملية إستراتيجية في وقتنا الحاضر لأننا نعيش مرحلة تصميم الفكرة الثقافية التي ستقود العلاقات بين الدول خلال القرن القادم أي بدءا من العام 2100. ويلزم العالم المتقدم عشر سنوات أخرى (آفاق 2030) لاستكمال عملية تفكيك المنظومات الثقافية السائدة لاستبدالها خلال ما تبقى من القرن الحالي بمنظومات بديلة لا أحد يستطيع التكهُّن باتجاهاتها إلا بإخضاع العملية برمَّتها لأسلوب الاستشراف، وهذا ما تحتاجه الجزائر وباقي الدول العربية والإسلامية ولكن أغلب الظن أن الاتجاه سيكون في صالح الثقافة الغربية حسب الإشارات المتوفرة حاليا إلا في ظروف حدوث طفرة تضبط معادلة الحضارة لدى هذه الدول، وهو ما يجب أن يعمل لأجله الجميع.

معادلة الحضارة

العمل على ضبط معادلة الحضارة جزائريا وعربيا وإسلاميا يعني العمل على تحويل ثقافة الأمة من حالة المخزون التاريخي كما هي عليه الآن إلى حالة التدفق الذي يحوّل ذلك المخزون إلى ما يشبه رأس المال المؤثر في جميع القطاعات ولكنه رأس مال بشري واجتماعي، أي رأس مال ثقافي وهو فعلا التحدي القادم أمام الجزائر وبقية الدول العربية والإسلامية وذلك استباقا للقرن الثاني والعشرين الذي سيكون قرن الفكرة الثقافية.
هناك إشارات دالة قوية – وأخرى لازالت خافتة لكنها ستظهر تدريجيا مع الوقت- على ماهية القرن القادم أبرزها مجموعة من العمليات التي شُرع في تطبيقها لتفكيك المنظومات الثقافية لدى دول السوق ومنها دول جنوب المتوسط والشرق الأوسط مثل المنظومة التربوية والدينية واللغوية والاجتماعية لإنتاج منظومات جديدة تتميز بالهشاشة وذلك استعدادا لتقسيم جديد للدول يتجاوز الموضوعين السياسي والاقتصادي إلى الموضوع الثقافي، إذ من المنتظر أن تصنف الدول بدءا من العام 2100 إلى دول مثقفة ودول غير مثقفة كما حدث مع قرن الفكرة الاقتصادية عندما قُسِّمت الدول إلى دول متقدمة ودول نامية.

استشراف الثقافة

واستباقا للوضع المرتقب، هناك عدد من المشاهد التي ستؤطر العلاقات الدولية في القرن القادم أبرزها علاقة (الثقافة بين الدول) إذ ستتحول المخزونات الثقافية إلى تدفق جد فاعل ومحرِّك لباقي المنظومات ومنها المنظومتين السياسية والتجارية، وهو نفسه التدفق الذي يسمح بإدماج الرقمنة وأنماط التسويق ووسائط التواصل الاجتماعي في إنتاج والترويج لمكتسبات ذات الطابع الثقافي تكون جديدة وعالية العائد ضمن أسواق ثقافية عابرة للحدود ومتجاوزة للهويات القُطرية.
وعلى سبيل المثال لامس عددُ المشتركين في شبكة الفايسبوك 22 من المائة من عدد سكان المعمورة عند سقف 1.5 مليار نسمة، وفي الجزائر تلامس النسبة 40 من المائة عند سقف 17 مليون حساب، ما يعني فرصة سانحة لصانعي الثقافة لإنتاج عولمة ثقافية رقمية سريعة التحوُّل وقوية التأثير.
ومن أجل اقتناص رتبة مُناسِبة في تقسيم الدول الجديد يجب إتِّباع أسلوب اليقظة الثقافية من خلال الاحصاء الثقافي والاستثمار في المخزون الثقافي من خلال ثلاث بوابات هي: أولوية الثقافة في رسم سياسات الحكومة، التمويل الثقافي المبني على تخصيص الموارد، وأخيرا التوسع في التكوين لإنتاج مؤسسات ثقافية مبنية على التدفق والتسويق ومؤثرة في قطاعات ذات جدوى مثل السياحة والتعليم والابتكار، وهي نفسها القطاعات المعول عليها في ترميم وعينا المفكك لأنها تدعم فكرة (شروط اليقظة) التي هي: الإنسان والفكرة والزمن أي الفكرة المقابلة لنظرية مالك بن نبي في (شروط النهضة) التي كانت: الإنسان والتراب والوقت.
* لامس عددُ المشتركين في شبكة الفايسبوك 22 من المائة من عدد سكان المعمورة عند سقف 1.5 مليار نسمة، وفي الجزائر تلامس النسبة 40 من المائة عند سقف 17 مليون حساب، ما يعني فرصة سانحة لصانعي الثقافة لإنتاج عولمة ثقافية رقمية سريعة التحوُّل وقوية التأثير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!