-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قصة “عطال” و”العاطلين” عن العمل!

قصة “عطال” و”العاطلين” عن العمل!
أرشيف
يوسف عطال

ببراءة جمّة، قدّم اللاعب الجزائري الشاب يوسف عطال، في حوار مع قناة قطرية، لمحة عن مصاعب الحياة الاجتماعية، التي واجهها في طفولته، إلى درجة أنه فكّر في ترك لعبة الكرة، التي لا يتطلب قذفها ودحرجتها مالا كثيرا، ولكن الشاب الذي مازال محتفظا ببراءته الطفولية حتى وهو يلعب إلى جانب كبار القارة العجوز، على ضفاف شواطئ نيس الساحرة، قاوم الصعوبات ومشاريع “الحرقة” التي كانت تُنفذ أمام ناظره، وشق طريقا بلغ به فريقا فرنسيا كبيرا، وتحوّل إلى أحد أحسن اللاعبين في الدوري الفرنسي الممتاز المكتنز بلاعبي ملايين الدولارات.

في المقابل يرفض عاطلون عن العمل، شق طريقهم على طريقة يوسف عطال، وبدلا من أن يغامروا في المواهب التي حباهم بها الله أو في الخيرات التي تحيط بهم، يشقون البحر في رحلة صار كل من ركبها إما يزجّ به في السجون الأوروبية أو يعاد كما تعاد السلع الفاسدة، أو يُسلم للأمواج تقذفه، بعد أن يتعفن جسده، جثة على تخوم أحد الشواطئ.

صحيح أن السلطة في الجزائر بعبقرية نادرة، تمكنت من نسف شهية الحياة من صدور الجزائريين، وصحيح أنها هي من نوّمت الشباب من دون مغناطيس وسيّرتهم من دون إرادتهم، ومن دون أمر منها، إلى حيث زوارق الهلاك، لكن الفرد الجزائري أيضا صار مطالبا بالدفاع عن ذاته أمام ذاته، حتى لا يعرض نفسه بهذه الصور المرعبة، التي قدمتنا كبلد لا يصلح للعيش، بإمضاء وبصمة من قوافل “الحراقة”.

لا يوجد أي مبرر إنساني ولن نتحدث عن العائلي والديني، الذي يجعل عائلة بكل أفرادها تركب زوارق الموت وتهجر البلاد، وكأنها هاربة من الطاعون الفتاك، إلى جنة النعيم أو كأنها مشلولة غير قادرة على صنع الحياة هنا وقادرة هناك.. والذي يُحمّل الدولة وحدها هذه المشاهد المرعبة التي صارت تتهاطل على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى مختلف الصحف، لرضّع وشيوخ ونساء حوامل يكابدون المخاطر وسط الأمواج وهم متجهون إلى المجهول، مخطئ، لأن الفرد العاقل يبني دولته في نفسه، ولا توجد أي قوة تقف في طريقه، لو أراد حياة كريمة، ولو بالنجاح هنا والهجرة إلى هناك، كما فعل هذا الشاب الذي يلعب الكرة في فريق نيس إلى جانب بعض نجوم الكرة في أوربا.

لقد تبنّت الدولة المواطن الجزائري، فهي كلما اشترت له الحليب أو السكر أو القهوة إلا وذكّرته بأنها تدّعمه من حُرّ مالها، وإذا بنت له مسكنا اجتماعيا أفهمته أنها وحدها من يفعل هذا في العالم، وإذا درّسته وأدخلته الجامعة أقسمت له بأنها وحدها من تقدم الوجبة الغذائية والدروس والنقل بالمجان، وإذا داوته من أي مرض خفيف، أعلمته بمجانية علاجها له، حتى صار يرى نفسه مثل الرضيع الذي لا يمكنه أن ينام من دون دندنتها، فاشترك في الدموع الباكي وماسح العبرات، وفي الذنب أيضا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • صالح بوقدير

    العطال يرى أن العامل غير قادر على تلبية الضروريات لنفسه من مأكل وملبس ناهيك أن يفكر في المركب الذاتي أوالقدرةعلى توفير المهرلشريكة الحياة المأمولة من خالص مرتبه ومع ذلك فسوق العمل محدودة جدا لاتستجيب للطلب فما تنتظر من البطال أوالعطال أن يفعل ؟ فالشاذ يؤخذ ولا يقاس عليه