-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قصدير جديد!

جمال لعلامي
  • 772
  • 4
قصدير جديد!
أرشيف

العابر والمتفقد لبعض الأحياء السكنية الجديدة، يكتشف أنها تحوّلت للأسف إلى “قصدير جديد”، وعندما تسأل السكان، أو دون أن تسألهم، فإن المبرّر هو غياب المرافق العمومية، من مدارس وأسواق ومحلات تجارية، وغياب التهيئة الخارجية، حيث تم تسليم الشقق قبل الأوان، وبالتالي فإن المسؤولية مشتركة، بين الجهات التي وزعت ولم تكمل المشروع، والسكان الذين سكنوا ولم يساهموا في المحافظة على الحيّ!

هل من المعقول أن ترافق عمارات جميلة، عربات مهترئة لبيع الخبز والمواد الغذائية والخضر والفواكه، وسط عشرات المتاجر المغلقة، منذ عدّة أشهر، ولو توقف الحال عند التسوّق، لهان الأمر، لأن المأساة التي يصنعها اختفاء المدارس والمرافق العمومية الضرورية ووسائل النقل ومراكز الأمن، هي التي ترسم علامات الاستغراب وتدفع إلى رسم علامات الاستفهام!

لا فرق في مثل هذه النقائص، سواء تعلق الأمر بمشاريع “السوسيال” أو التساهمي أو “عدل” أو الترقوي، فكلها تتشابه وتتقاطع عند انعدام المرافق والمدارس والمراكز الصحية، وهو ما يتطلب وقوفا استشرافيا حتى يتم تصحيح الوضع هنا وهناك، وحتى لا تتكرّر مثل هذه السلبيات التي تتحوّل في ما بعد إلى مشاكل وقنابل اجتماعية دافعة لاحتجاجات المواطنين!

الذي ينقل “عتروسه” أو “زنكه” من أحياء الصفيح إلى “الأحياء الخضراء” هو من يتحمل المسؤولية، ويجب أن يتمّ إقناعه بالتي هي أحسن قبل معاقبته بالقانون، لكن الذي شيّد حيّا من مئات أو آلاف المساكن، دون أن يُرافقها بمدرسة ابتدائية ولا محلات ولا مرافق ضرورية، يجب أن يُستدعى إلى الحساب، وبعدها إلى العقاب ما لم يكشف عن المتسبّبين في هذا الخلل!

لقد تبيّن أن “أحياء المراقد” لم تحلّ مشكلة السكن، في عديد الولايات التي اعتمدت عن قصد أو غير قصد، على هذا النموذج الفاشل، على الأقل بالنسبة للعقلية الجزائرية، لكن الغريب أنه رغم هذا التشخيص الذي أثبتته الوقائع والتجارب، إلا أن نفس النموذج مازال ساريا في كثير من مناطق الوطن، وهو ما عمّق المعضلة، رغم توزيع آلاف المساكن على المواطنين!

الملاحظ أيضا أن الكثير من المشاريع يتمّ انجازها على ضفاف الطرقات السريعة، وهذا الآخر، وإن كان هدفه ربما استحداث مدن جديدة وتوزيع الكثافة السكانية وإخراجها من المدن القديمة والتقليدية، إلاّ أن هذا “الخيار” بدأ يتسبّب في مشاكل أخرى، بينها خلق بؤر جديدة للانحراف والإجرام والعداوات بين الجيران القادمين والمرحلين من جهات مختلفة ومتناقضة في عاداتها وتقاليدها وحتى مستوى وطريقة معيشتها!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • نصيرة / بومرداس

    لماذا عندما نذكر الانحراف يذكر القصدير و العكس هل هما متلازمان و هل من يسكن الفيلات يكون اكثر تحضرا...???????

  • عبد الواحد

    : "التقارب الإختلاطي" ( Promiscuité)، الحرمان من "الغفلية" (Anonymat) وما فيه من شعور بالحرية وإدراك الذات والتخلص من الضغوط وذلك كنه العيش في المدينة, يُضاف إلى ذلك طبعا غياب المرافق العمومية و التسلية والحياة الثقافية وكل هذا يحوّل حياة القاطنين إلى جحيم من التخلف هو مزيج خالص من عيوب القرية وعيوب المدينة دون منافعهما والنتيجة هوية (بتعبير أدق لاهوية) مختلة مريضة، تخلّف، جهل، عنف، إجرام و عجز كلي عن خوض حياة منتجة اجتماعيا.

  • عبد الواحد

    ما دمنا لا نغوص في العمق ونكتفي بالسطحيات فإن التخلفَ قدرُنا وكلّما ظننا أننا وجدنا حلا استفقنا على هول اكتشاف كارثة جديدة. لا يمكن لدولة متخلفة دخلها الخام محدود مثل الجزائر أن تجد حلولا جدّية لمشاكلها مادام التعرّض لأم المشاكل الديموغرافيا تابو لا يجوز الخوض فيه. لماذا؟ لأن الوسيلة الوحيدة المُتاحة للدولة لإسكان الغاشي هي بناء الأحياء السكنية الرخيصة (المراقد) ولكن هذا المجهود المرهق للبلد والخزينة العامة لا فائدة منه وغير منتج اجتماعيا واقتصاديا لأن المساكن الجديدة ليست في الواقع سوى "أحياء قصديرية" بالخرسانة يظلُّ سكّانها خارج المدينة (الحضارة) يعانون من نفس الآفات القاتلة وهي :

  • جزائري

    الثقافة والتفكير القصديري للكثير من الجزائريين لا ينتج إلا قصديرا. اللذي هو في السلطة ويسمح بتسليم مساكن قصديرية والمواطن اللذي يحول مسكنه أو حيه إلى قصدير كلاهما تحكم عقله ثقافة قصديرية. المشكلة ثقافية بامتياز. عاصمة الجزائر كانت محكومة من الاستعمار لكنها كانت نظيفة لدرجة أنها كانت تسمى البيضاء فمن اللذي قزدرها