-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الشروق العربي تزور قلعة الجزائر

قصر السلطان.. متحف التاريخ ونصف قرن من الترميم!

الشروق أونلاين
  • 4770
  • 0
قصر السلطان.. متحف التاريخ ونصف قرن من الترميم!

في كل مرة تستوقفنا معالم عثمانية إلا ونستشف منها قيمة الإرث الذي حرص الأتراك على تركه، انه حضارة قائمة بذاتها تشي بقوة وحضارة استقرت في زوايا المكان وعششت بأن تركت آثارها باقية أبد الدهر. يقول ابن خلدون: “إن الدولة والملك للعمران بمنزلة الصورة للمادة، وهو الشكل الحافظ لوجودها، وانفكاك أحدهما عن الآخر غير ممكن على ما قرر في الحكمة، فالدولة دون العمران لا يمكن تصورها، والعمران دونها متعذر، فاختلال أحدهما يستلزم اختلال الآخر، كما أن عدم أحدهما يؤثر في عدم الآخر”..(1). هكذا كان حال القلاع والقصور التي بقيت من عهد الأتراك “قلعة الجزائر” أو ثم “قصر الداي” أو “دار السلطان” أو مقر السلطة فيما بعد. كلها تسميات لهيكل واثب صامد يتوج مدينة الجزائر في الجنوب الشرقي في شكل زاوية مائلة نزولا عن طريق الأسوار حتى البحر من باب الواد إلى حصن 23 . أُعطي أمر بنائه من طرف “عروج بربروس” سنة 1516م وتم الانتهاء من بنائه سنة 1591. انطلقت فيه أشغال الترميم منذ 1963 ولازال حلم فتح أبواب متحف التاريخ تحت رحمة الاسمنت!!!

 يقول المؤرخ ورئيس مؤسسة القصبة “بلقاسم باباسي” “دار السلطان” قبل أن تكون دار السلطان كانت عبارة عن بطارية أنشأها “عروج بن يعقوب المدعو بربروس” لما استدعاه شيوخ الجزائر لكي ينقذهم من الإسبان بعد أن قاموا ببناء قلعة وراء المنارة Amirauté، إذ يوجد هناك قلعة بها 44 مدفعا و200 عسكري إسباني. ونظرا للاستفزازات الإسبانية، طلب شيوخ الجزائر من “سليم تومي” الذي كان محافظ الجزائر آنذاك أن يحضروا الإخوة بربروس “خير الدين ويعقوب الذي يدعى عروج” واللذان كانا في جيجل وكانا قد أنقذاها من  Les Ginois الذين أرادوا استعمارها فطارت شهرتهم في محاربة النصرانية في البحر الأبيض المتوسط وفي الجزائر، لذا قرر الشيوخ أن الخلاص سيكون على يد الإخوة بربروس فذهبوا إليهما في جيجل. وفعلا وافقا وحضر “عروج” لوحده وبدأ يهاجمهم ويوجه ضربات للقلعة، لكن من دون نتيجة. في سنة 1516 انتبه إلى المكان العالي –مكان القلعة- وقرر تصميم بطارية بـ06 مدافع قبالة البحر لكي يحمي البلاد. ولما أنشأ تلك البطارية قام ببناء بيوت تقليدية للجنود الذين يقومون على البطارية يسمون “البشطابجية” فكل مدفع يقوم عليه 6 جنود. ومع الوقت أصبحت هناك حركة وكان لزاما توفير بعض المرافق فقرر بناء مسجد “ياني شاري”. بعد ما توفي “سليم بن تومي” كان “علي خوجة” هو الذي يجلب كنز مدينة الجزائر الذي كان يحضره من رياس البحر كغنيمة، وكان كنزا كبيرا وبما أن القصبة السفلى تشهد بعض الاضطرابات التي تقوم بها بعض العصابات قرر أخذ الكنز للقلعة –البطارية- ثم قسمه على ثلاث غرف “غرفة للذهب”، “غرفة للفضة”، “غرفة المجوهرات”. وفي سنة 1817 استقر هناك الداي “علي خوجة” عام بعدها مات بالطاعون وكان الخزناجي “حسين” هو من خلفه ليكون آخر دايات الجزائر. وحسب الكاتب والمؤرخ “محمد بن مدور” في كتابه الموسوم “اكتشاف البهجة ما بين 1516 و1830” أنه قبل إنشاء القلعة كان هناك برج يعود للفترة الرومانية. القلعة الحربية المتعالية تقع على علو 118.80 متر على سطر البحر، لتتحول سنة 1818 إلى إقامة رسمية، استقر فيها آخر دايات الجزائر “الداي حسين” الذي عمر فيها أمدا طويلا امتد إلى 12 سنة. القلعة التي تتربع على مساحة إجمالية تقدر بأكثر من 10500م2، وتضم بين جنباتها قصر البايات (قسنطينة، التيطري، وهران)،  la poudrière الخاصة بحفظ الغنائم، جناح epouvantail ، جناح المروحة، جامع القصبة “البراني” وحدائق غناء تتزين بأجمل الأشجار والنباتات ويسكنها أنواع نادرة من الطيور وبها في طابق سفلي إسطبلات لحيوانات متنوعة..

القلعة صنفت كمعلم تاريخي سنة 1887م وأصبحت تراثا إنسانيا سنة 1992 من طرف اليونيسكو. وللأسف لازالت إلى يومنا تحت أشغال الترميم التي بدأت سنة 1963م، وبقي متحف التاريخ المنتظر مغلقا على نفسه!! 

(1)-ابن خلدون، كتاب المقدمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!