-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قصّ قرمط!

جمال لعلامي
  • 1389
  • 2
قصّ قرمط!

نقابات “التغبية” تهدد بالعودة إلى الإضرابات، ووزارة المظلومة التغبوية ستتوعّد مثلما هي “متعوّدة دايما” بزبر الأجور، وبين التهديد والوعيد، سيذهب التلاميذ في “الكرعين”، والغريب أن المولعين بالإضراب، لا يضربون دفاع عن المستوى والنتائج واحتجاجا على المناهج والبرامج والدروس الخصوصية بالمستودعات، ولا غضبا من أساتذة لا يقدّمون ما عليهم، وإنما مطالبهم كالعادة مختزلة في المشاكل المهنية والاجتماعية و”قصّ قرمط”!
صحيح أنه من حقّ نقابات التربية أن تدافع عن كرامة الأساتذة وكلّ مستخدمي القطاع، لكن أليس من واجبها أيضا أن تدافع عن التلاميذ ومضمون الكتب ومحتوى المناهج؟ أليس من واجبها أن تفتح ملفات الإصلاح والجيل الثاني واستيراد المناهج؟ أليس من واجبها كذلك مواجهة أساتذة لا يدرّسون التلاميذ في الأقسام، لكنهم يبيعون لهم “التفوّق” والنقاط في دروس السراديب؟
قال أستاذ مخضرم من “بقايا” أساتذة الزمن الجميل، إنه كره من الإضرابات، فمنذ تمّ توظيفه قبل سنوات طويلة، وإلى اليوم، لا يتذكـّر سوى الاحتجاجات و”هوشة” النقابات مع الوزارة، رغم تغيّر وزير بعد وزير، ورغم تداول نساء ورجال على هذا القطاع المريض، ورغم الاستجابة على مرّ الزمن إلى عشرات المطالب التي لا تريد أن تنتهي، رغم أنها مشروعة!
فعلا، المطالب لا تريد أن تنتهي، وهذا إن دلّ فإنما يدلّ، إمّا على أن الوزارة “تحتال” على النقابات في كلّ مرة بعد سلسلة المفاوضات والاحتجاجات، وإمّا أن النقابات “لا تقنع فلن تشبع”، وإمّا أن عقلية تقطير المطالب وتفريخ المشاكل، وبعدها توزيع الحلول بالتقسيط المملّ، هو الذي يدفع إلى عودة الإضرابات خلال كلّ موسم دراسي، وأحيانا فجأة ودون سابق إنذار!
الأكيد أن الأساتذة كرهوا، والوزارة كرهت، والتلاميذ كرهوا، والأولياء كرهوا، والقطاع كره، وهذه أسباب مباشرة لانهيار المستوى، وتنامي ظاهرة الغشّ والتدليس في الامتحانات، والتسريب في البكالوريا و”البيام” و”السانكيام”، والأخطر من ذلك، أن تصل وضعية المدرسة والتدريس والتمدرس، إلى مطالبة الممتحنين بالعتبة، ولجوء الوصاية إلى استفتائهم في التاريخ واليوم الذي يناسبهم لإجراء “الباك”، قبل رمضان، أم بعد العيد؟
الأستاذ الذي يفتي لنفسه ببيع الدروس في البيت أو المستودعات، لا يُمكنه بأيّ حال من الأحوال، أن يكون بعيدا عن منطق التاجر، الذي لا يفكّر سوى في الربح ولا سواه، والغاية طبعا تبرّر الوسيلة، حتى وإن لجأ إلى التطفيف في الميزان، أو تسويق سلعة منتهية الصلاحية، أو خلط البضاعة الفاسدة بالصالحة للاستهلاك، وتصوّروا بعدها معنى التربية والتعليم والأخلاق!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • جموعي

    لقد أثرت موضوع في غاية الأهمية ولدي بعض الملاحظات على شكل أسئلة
    هل من صلاحيات النقابات أن تطالب بتغيير المناهج وسياسة التربية.؟لماذا لاتطالب الأحزاب بذلك ؟؟أرجوك أطلع على تقرير( أمة في خطر ) من أعده في أمريكا ومن تحرك لإصلاح المنضومة التربوية عندهم.
    هل نستطيع اقناع أولياء التلاميذ بمقاطعة الدروس الخصوصية وهم من يدفعون ثمنها ويوصلون أبناءهم
    الى أبوابها .الصحافة لا تكلف نفسها حتى استضافة الخبراء والجامعيين والأكاديميين في كذا موضوع التربية وتجري وراء رئيس الفدرالية.ليشرح لنا فلسفة التربية.اطارات الأحزاب في نومهم ومصالحهم ينعمون.
    الأولياء مستلون من المسؤولية. نسأل الله العافية فالأمة في خطر.

  • عبدالكريم

    تدهور القدرة الشرائية سبب المشاكل...