-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قلمُ الحسنات!

سلطان بركاني
  • 3630
  • 0
قلمُ الحسنات!

يقول أحد اللّصوص: كنت في الصف الرابع، وذات يوم رجعت من المدرسة وقد ضاع قلمي الرصاص، وعندما علمتْ أمي بالخبر ضربتني وشتمتني ووصفتني بالإهمال وعدم تحمل المسؤولية وغيرها، ونتيجة لقسوة أمي الزائدة عن الحد قررت ألا أعود إلى أمي فارغ اليدين، لقد قررت أن أسرق أقلام زملائي. وفي اليوم التالي نفذت الخطة ولم أكتفِ بسرقة قلم أو قلمين، بل سرقت أقلام جميع زملائي. في بادئ الأمر كنت أسرق خائفا، وشيئا فشيئا تشجعت، ولم يعد للخوف في قلبي مكان، وبعد شهر كامل لم يعد للأمر تلك اللذة الأولى فقررت أن أنطلق إلى الصفوف المجاورة، ومن صف إلى آخر انتهى بي المطاف إلى سرقة غرفة مدير المدرسة، وذلك العام كان عام التدريب الميداني، تعلمت فيه السرقة نظريا وعمليا، ثم انطلقت بعد ذلك وصرت محترفا.

في المقابل، تقول إحدى الأمهات: عندما كان ابني في الصف الثاني، رجع يوما من المدرسة وقد ضاع قلمه، فقلت له: بم كتبت؟ قال: أخذت قلما من زميلي. قلت له: تصرف جيد، ولكن ماذا كسب زميلك عندما أعطاك قلما لتكتب به؟ هل أخذ منك طعاماً أو شراباً أو مالاً؟ قال: لا، لم يفعل. قلت له: إذن لقد ربح كثيرا من الحسنات يا بني، لماذا يكون هو أذكى منك؟ لماذا لا تكسب أنت الحسنات؟ قال: وكيف ذلك؟ قلت: سنشتري لك قلمين، قلما تكتب به والقلم الآخر نسميه قلم الحسنات، وهذا لأنك ستعطيه من نسي قلمه أو ضاع منه، وتأخذه بعدما تنتهي الحصة، وكم فرح ابني بتلك الفكرة، وزادت سعادته بعدما طبقها عمليا، إلى درجة أنه أصبح يحمل في حقيبته قلما يكتب به وستة أقلام للحسنات. والعجيب في الأمر أن ابني هذا كان يكره المدرسة ومستواه الدراسي ضعيف، وبعد أن جربت معه الفكرة، فوجئت بأنه بدأ يحب المدرسة؛ لأنه أصبح نجم الصف في شيء ما؛ فكل المعلمين أصبحوا يعرفونه، وزملاؤه يقصدونه في الأزمات، كل واحدٍ قلمه ضائع يأخذ منه واحدا، وكل معلم يكتشف أنّ أحدهم لا يكتب لأن قلمه ليس معه يقول أين فلان صاحب الأقلام الاحتياطية، ونتيجة لحبه للدراسة بدأ مستواه الدراسي يتحسن. والعجيب أنه اليوم قد تخرج من الجامعة وتزوج ورزقه الله بالأولاد، ولم ينس يوما قلم الحسنات، إلى درجة أنه اليوم مسؤول عن أكبر جمعية خيرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!