-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قليلٌ من السياسة.. كثير من العمل!

قليلٌ من السياسة.. كثير من العمل!
ح.م

ينبغي أن لا نُضيِّع الكثير من الوقت في النقاشات الدستورية أو حتى السياسية والثقافية، لأن بها إشكالات لن تُحل إلا مع مرور الزمن ووفقا لتطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

لم تصنع الدساتير دولة، ولن تصنعها في المستقبل، وكذا مختلف القوانين والأوامر والتعليمات.. الذي يصنع الدولة ويبنيها هو استراتيجية العمل والإخلاص فيه، مهما كان هذا العمل، إن في المدرسة أو الحقل أو المصنع أو على خشبة الفن والمسرح وفي كل الميادين… ونحن في حاجة إلى كل هذا لكي نضع اللبنات الأساسية لبناء دولة تُصبِح لديها قوانين تحرص على تنظيم جميع هذه المجالات.. أما العكس فهو غير صحيح.

لذا، فإني باستمرار كنتُ ومازلت أرى أن مشكلتنا بالأساس ليست مع القوانين أو الدساتير، إنما مع مَن يرفضون التفرغ للعمل ويسعون إلى عرقلة كل مَن يريد أن يشتغل في أي حقل من الحقول بحجة عدم وجود قوانين، أو عدم التطابق مع القوانين، أو في انتظار صدور المراسيم، أو في انتظار فهمٍ صحيح لما وُجد من هذه أو تلك…

إننا نعرف “تخمة” في مجال الإصدارات القانونية ولسنا بحاجة إلى مزيد منها، إن لم أقل إننا في حاجة إلى تقليصها وترك الناس يعملون.

بكلمة مختصرة لسنا في حاجة إلى مزيدٍ من السياسة بقدر ما نحن في حاجة إلى الحد المطلوب من العمل، حتى لا أقول إلى مزيد من العمل. بل لعلي أقول إننا نعرف، بسبب ما عملته السياسات الخاطئة فينا، أننا أصبحنا نعيش بجرعة سياسية زائدة على اللزوم، وبأقل من الحد الأدنى مما ينبغي أن نقوم به من عمل.

لذا، فإن اقتراحي اليوم إلى مَن قَبِلوا تحمل المسؤوليات العليا في هذه البلاد، أن يباشروا بفتح ورشات العمل قبل ورشات السياسة، وإن بَدَتْ السياسة ذات أولوية فهي في واقع الأمر ليست كذلك.

إن المواطن في تقديري يقتنع اليوم بقرارات هامة تخص التربية والصحة والشغل والسكن… أكثر مما سيقتنع بدستور جديد وقوانين جديدة وسياسة خارجية فاعلة…

إن لقاءات على أعلى مستوى مع الأتراك أو الألمان على سبيل المثال لا الحصر ستكون آثارُها أكثر إيجابية لو تم خلالها الإعلان على الاتفاق على إنجاز سلسلة من المستشفيات الكبرى مع الأتراك وسلسلة من المصانع المتوسطة والصغرى مع الألمان في ظرف لا يتجاوز السنة أو السنتين.. أكثر بكثير مما لو قلنا بحصول تطابق في وجهات النظر بشأن الملف الليبي أو علاقات التعاون الأمني مع الاتحاد الأوروبي رغم أهمية الموضوعين. وسيكون الطرح الأول بكل تأكيد مُحرِّكا للأمل في نفوس الناس أكثر من الطرح الثاني.

باختصار، إذا كُنَّا نقول إن مشكلتنا هي بالأساس سياسية، فليس معناه أن حلها يكون فقط بالالتفات إلى الجوانب السياسة والقانونية التي نعرفها، بل العكس هو الذي ينبغي أن يكون، ذلك أنَّ روح المشكلة السياسية يكمن في القدرة على حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للناس، وليس في إجراء انتخابات بعد انتخابات، وسن قوانين بعد قوانين، ودساتير بعد دساتير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • Abdelmajid hrida

    Merci bient
    que dieu vous bénisse

  • ياسين

    شكرا أستاذ سليم بالفعل نحن في حاجة إلى "و قل اعملوا..." و ليس إلى و قل تكلموا...فميزانية التاريخ تقدر بماذا عملنا و ليس بماذا تكلمنا؟؟؟ فالحضارات تبنيها الأعمال و ليس الثرثرة و الشعارات الجوفاء؟؟؟ التي بتنا نتقزز منها خاصة في الفترات الأخيرة؟؟؟

  • ابن الجبل

    عنوان المقال يلخص كل شيء ، أي أننا لسنا في حاجة ندوات واجتماعات ومحادثات . 57 سنة ونحن نتكلم ونعقد ندوات واجتماعات ، فكانت النتجية أن الجزائر لم تتقدم !، ان لم تقهقرت الى أسفل سافلين !!، فأين المصانع التي تشغل أبناءنا ,عوض أن يخاطروا بحياتهم في البحر؟! وأين المستشفيات التي تعالج مواطنينا عوض أن يعالجوا في تونس أو في الأردن ؟، وكأن هذه البلدان أفضل منا !!. وأين حقول القمح التي نستورد منها آلاف الأطنان، وكأن بلادنا جرداء قاحلة؟! . وأين المختبرات لعلمائنا الأكفاء ،الذين هربوا بسبب سوء التسيير والاحتقار والتهميش ؟!... طريق العمل واضحة ..الا من أبى ، وفقد البصر والبصيرة !!!!