-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قمة العشرين.. بعث في روح الأزمات

قمة العشرين.. بعث في روح الأزمات

يقف العالم على شفا حفرة، لو تقدم خطوة لسقط غارقا في أوحالها، مقيدا بثقل الأزمات المتمادية بخطورتها، دون امتلاك حلول قابلة للحياة فوق الأرض، أو رغبة صادقة في تخطي فجوتها، إنقاذا لشعوب تئن في معازل فقرها.
وما المنتديات العالمية، التي يتنادى لها كبار زعماء العالم، في هذه العاصمة أو تلك، إلا صالون مفتوح تنتصب فيه طاولة مستديرة، يستذكر المتحلقون حولها، عمق الأزمات التي تهدد البشرية، تاركين الحلول لمشيئة القدر.
أما قمة العشرين، التي ختمت احتفاليتها في الأرجنتين، والأوسع في دائرتها من مجموعة الثماني الكبار، فقد وضعت أمامها ثلاث أزمات تتصارع في بيئة عالمية غير متوازنة، لو تعثر العالم في حلولها، سيسقط في فخ كوارث، لا مخرج منها:
أزمة العمل “الروبوتات بديل عن البشر”، أزمة إنتاج غذائي لا يكفي لمليارات البشر، أزمة بنى تحتية عاجزة عن مواكبة التطور المتسارع في عصر تكنولوجي اتصالي.
هذه الأزمات اقتصادية اجتماعية، ناهيك عن عمق الأزمات السياسية والأمنية، التي لا يتوافق على حلولها المتصارعون في حلبة نزاع مفتوح، وكانت غير مدرجة في أعمال قمة الأرجنتين، لكنها الأكثر حيوية في اللقاءات الجانبية الثنائية، أو الجماعية.
الصين جاءت بأمل اللقاء بالرئيس دونالد ترامب، لعله يعيد النظر في إجراءات فرض الضرائب على الواردات الصينية، لكنها لم تحض بغير مفاوضات قريبة حول نقل التكنولوجيا، وحماية الملكية الفكرية، والحواجز غير الجمركية والتدخل السيبراني والخدمات والزراعة.
روسيا حصدت خيبة أمل في رفض ترامب اللقاء بفلاديمير بوتين، وكانت تُمني النفس في بحث العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، وإنقاذ اتفاقية الحد من الأسلحة الإستراتيجية.
فرنسا عادت بخُفي حنين، حاملة اتفاقية باريس حول المناخ، على أكتافها، دون إعانة أمريكية للتخفيف من وطأة أحمالها.
الاتحاد الأوروبي عجز عن فك الحصار الأمريكي المفروض على اقتصادياتها، في سياسات ترامب الجديدة، فاتفاقيات منظمة التجارة الحرة، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بنقضها، بعد أن وضعت قوانينها ونظمها، وانتعشت بها أوروبا ودول الاقتصاديات الناشئة.
إفريقيا الغارقة في بؤسها وفقرها المدقع، لم يلتفت إلى مأساتها أحد، رغم حضورها المحتشم من قبل رئيس الاتحاد الإفريقي، وفيها تقبع أخطر الأزمات التي تهدد ملايين البشر من فقر وبطالة وتنمية معطلة في ظل غياب الموارد.
ونظرة لمؤشر الجوع في العالم لعام 2018 يكشف حجم المأساة التي تهدد إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، حيث تعدُّ إفريقيا الوسطى وتشاد ومدغشقر وزامبيا وسيراليون وهايتي واليمن والسودان الأسوأ عالميا.
لكن قادة الدول العشرين التي تمثل ثلثي سكان العالم وثلثي التجارة العالمية، و91 بالمائة من الناتج العالمي الخام، يضعون الأزمات ويبعثون الروح فيها، دون وضع الحلول التي ستنتعش بها دول العالم الثالث، متخطية حواجز الفقر والبطالة في عالم غير عادل في تقاسم خيرات الأرض، واستثمار القدرات البشرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!