-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قنابل للتسلية!

جمال لعلامي
  • 2284
  • 0
قنابل للتسلية!

حجز الجمارك لأكثر من 50 مليون “محيرقة” و”قنبلة”، وكذا حجز مصالح الشرطة لنحو مليون مفرقعة، موجهة للأسواق قبيل المولد النبوي الشريف، هي دون شك أرقام مخيفة، وتستدعي التوقيف والتساؤل: لماذا ينفرد الجزائريون بإحياء مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، بـ”التفجيرات” على عكس أغلب البلدان العربية والإسلامية؟ ولماذا هذا الجنوح إلى ألعاب الموت والترويع، بين الصغار وحتى الكبار؟

تجارة المفرقعات مثلما تكشفه الطاولات المبعثرة عبر الشوارع والأحياء والأسواق، كلما عاد المولد، وتكشفه أيضا احصائيات حجز مصالح الجمارك والأمن، يعطي الانطباع أن الأمر أصبح مرتبطا كذلك بتجارة رابحة ورائجة، وإلاّ ما الذي يدفع مستور أو مستثمر، إلى محاولة إغراق السوق بنحو 50 مليون مفرقعة من مختلف الأنواع والأشكال والمخاطر في شحنة واحدة؟

تصريح دقيق وصائب، ذلك الذي جاء على لسان مسؤول أمني، عندما قال بأن هدف الشرطة هو اصطياد المموّنين الكبار بالألعاب النارية، وليس مطاردة بائعي الطاولات.. أهمية هذه الإستراتيجية، تنبع من مسعى تجفيف مصدر استيراد “المحيرقات” بضرب معاقل استقبالها وتسويقها، خاصة عن هذه البضاعة “الشنوية” تكاد تتحوّل إلى أسلحة بيضاء!

أتذكر إنه عند نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، كانت مثل هذه الألعاب، تدخل، لكن بطريقة صغيرة جدا، وبأشكال لا تثير رعب اليوم، ومن سنة إلى أخرى، خاصة بعد مرحلة “المأساة الوطنية” خلال التسعينيات، بدأت تتنامى من عام إلى آخر، من حيث الكميات المستوردة، ومن حيث قوتها ومخاطرها، وأضحت الآن بعشرات الأصناف والأنواع المدوّية!

الخطورة تكمن في استسهال استعمال هذه “المتفجّرات” والاستهتار بخطورتها التي قد تفضي إلى حدّ الموت، ولعلّ المستشفيات هي دليل ذلك، ليلة كل مولد، حيث يتزاحم “الجرحى” والمصابون، القادمون من “ساحات معارك” ضارية، لا تختلف كثيرا عن “حرب شوارع” بين صغار الأحياء وكبارهم!

الخطير في الموضوع أيضا، إن الجميع أصبح مهددا بهذه الألعاب “الجايحة”، فقد يُقصف شيخ أو عجوز أو طفل من باب اللهو والتسلية، وقد تـُحرق سيارة أو بالخطأ، وقد تـُفقأ عين صبي في لحظة طيش ولامبالاة، هذا دون الحديث عن الملايين والملايير التي تـُحرق باسم الاحتفال و”إحياء سنـّة خاتم الأنبياء والرسل”، في ظاهرة عجيبة تفسّر في جانب منها، التحوّل المرضي الذي يعيشه المجتمع الجزائري!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!