-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كفى استهتارا!

كفى استهتارا!
الشروق أونلاين

لا زالت فئة كبيرة من الجزائريين يتعاملون باستهتار مع التّهديد الذي تمثّله جائحة فيروس كورونا، وعلى الرّغم من الأرقام المتزايدة للإصابة بهذا الفيروس، والتي لا يمكن لعاقل التسليم بأنها تعبر عن حقيقة انتشار الفيروس في الجزائر، بسبب محدودية عمليات الكشف التي تقوم بها فروع معهد باستور، وعلى الرّغم كذلك ممّا يحدث في بلدان لا يفصلنا عنها إلا البحر، حيث يبيد الوباء ما يقارب 1000 شخص يوميا في البلد الواحد، فإنّ الكثير لا زال يستهزئ بالتهديد وربما يشكك في الوباء نفسه!

وحتى المناطق التي طبق فيها الحظر الصّحي الكلّي أو الجزئي، لم تلتزم به، كالبليدة والعاصمة، ولا زالت مظاهر الحياة العامة في المناطق الداخلية وفي القرى والمداشر وحتى في المدن، تسير بشكل عادي، وكأننا لا نواجه قاتلا خطيرا عجزت أرقى المنظومات الصّحية في العالم عن مواجهته.

وهنا لا يمكن التّسليم بتلك الصّور التي تنتشر على مواقع التّواصل الاجتماعي لساحات كبيرة وسط مدينة البليدة وهي فارغة كليا، وأحيانا يدخل الترويج لهذه الصّور في خانة “البروباغندا” الفارغة، طالما أنّ النّاس لم يلزموا بيوتهم في الشّوارع الفرعية والأزقّة الضّيقة والقرى والمداشر.

وفي الواقع؛ فإنّ ظاهرة التّمرد على إجراءات الحجر الصّحي موجودة في العالم كله، وليس في الجزائر فقط، وقد تابعنا ذلك في أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا، أين وجدت الأجهزة الأمنية صعوبات في تطبيق إجراءات الحجر الصحي، بل إنّ بعض البلدان خاصة في العالم الثالث انفلتت فيها الأوضاع إلى استخدام العنف المفرط ضد مخترقي حظر التّجول، أمّا فرنسا فقد تمكّنت من تحصيل مبالغ طائلة جرّاء الغرامات القاسية على المخترقين لحظر التّجول تصل إلى 400 أورو، أي ما يعادل سبعة ملايين سنتيم للمخالفة الواحدة.

لذلك فإنّ الصّرامة في تطبيق الحظر الصّحي مطلوبة، ولو ألحقت ضررا ماديا بالمخترقين، لأنّ الرّهان هو الحفاظ على الصّحة العامّة، والتّصدّي للمستهترين والمتلاعبين بسلامتهم وسلامة عائلاتهم واجب على الدّولة عبر أجهزتها الأمنية، فالأمر جدّ ولا مجال للاكتفاء بعمليات التّحسيس والتّوعية، وإنّما هو الوقت لإجبار النّاس على عدم الخروج من البيت دون سبب وجيه.

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى النّقص الفادح في عمليات التّموين وهو ما خلق فوضى على مستوى نقاط بيع المواد الأساسية مثل “السميد” و”الحليب”، وما تقوم به أجهزة الرقابة والأجهزة الأمنية من مطاردات للمحتكرين والمضاربين ضروري للقضاء على ظاهرة النّدرة وارتفاع الأسعار.

أما الرسالة التي ينبغي أن توجه لعموم التّجار في المواد الغذائية بكل أنواعها، فهي أنّ الظّرف الذي تمرّ به البلاد يجعل من فكرة التّربّح وجمع الأموال سلوك خاطئ، لأنه استثمار في الأزمة، وكما نطالب الأطباء والممرضين وكلّ العاملين في القطاع الصحي بالتضحية والتّطوع، نطالب كذلك التّجار بالتّضحية والتّطوع بالتّخلي عن جزء من الفائدة حتى يعمّ الرخاء ونتمكّن جميعا من اجتياز هذه المرحلة الخطيرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • بن مداني عبد الحكيم

    الأستهتار وعم الجدية واللا مبالات في كل مفصل من مفاصل حياتنا امجتمع اذا كثر فيه الاستهتار هو مجتمع مريض فرسول الله كان يستعيد من الكسل والضعف والعجز والتواني وربى اصحابه على ان يكونوا اناسا جادين بتركون الهزل و الكسل ويمقتون الاستخفاف فالحياة لا تدار بالهزل والتراخي لان كورونا حياة او موت

  • محمد

    إرشاد المواطنين على ضرورة الالتزام بالبيوت بشكلها الحالي لايجدي نفعا ولو برفع سلاح العقوبات المالية.اعتمادا على تجربتنا التعليمية فإننا نعرف أن الفرد الجزائري المتعود على تفضيل التسكع في الطرقات عوض البقاء في البيوت لا يستطيع تغيير طبائعه إلا لما تربطه بمنزله حصة تلفزيونية تعرض له مباراة كرة القدم أو فلما له رواج إعلامي بين المجتمع حتى كدنا لا نجد في الشوارع مواطنا واحدا.لذلك طالبنا ببرمجة حصص تعليمية موجهة للتلاميذ بمستوياتهم المختلفة كما يمكن للتلفزة أن تخصص أوقاتا للنساء وأخرى للرجال ذات أهداف معينة بعيدا عن المناقشات البيزنطية.التشغيل عن بعد وسيلة أخرى لربط المواطنين ببيوتهم وأنفع لهم.

  • SoloDZ

    لا يمكننا ان ننكر استهتارنا بالامر والسبب الرئيسي حسب رأيي المتواضع هو الغموض الذي يلف الجائحة هي موجودة فعلا وتشكل خطرا من الدرجة الاولى ويجب اتباع النصائح والالتزام بالاجراءات واحترام الاوامر لكن يلف الموضوع برمته غموض محير محليا ودوليا هذا الغموض هو سبب استهتار بعضنا معه وهذا خطأ لا نقاش في ذلك ولكن يجب معالجة مسئلة الغموض هذه باضفاء شفافية اكبر حول الموضوع سيزول استهتار الناس بالخطر

  • mahi

    ما قلته عين العقل .ولكن في الدول الضعيفه والمتخلفة المواطن وقع بين جائحتين جائحة الخوف من المرض وجائحة الخوف من الجوع . وكلا الامرين مرين .ومع ذلك يجب علي المواطن ان يصبر ويتصبر حتي تنجلي هذه الغمة .