-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كم بابًا من أبواب الجنّة طرقتَ؟

سلطان بركاني
  • 897
  • 4
كم بابًا من أبواب الجنّة طرقتَ؟
ح.م

من الأحاديث النبويّة المشتهرة على الألسن، التي تُروى وتُتداول على نطاق واسع، مع بزوغ هلال رمضان من كلّ عام، الحديث المعروف الذي رواه الإمام الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: “إذا كان أوّل ليلة من رمضان، صفّدت الشّياطين ومردة الجنّ، وغلّقت أبواب النّار فلم يفتح منها باب، وفتّحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب، ونادى منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشرّ أقصر، ولله عتقاء من النّار”.

هذا الحديث هو أحد الأحاديث المشهورة التي نسمعها ونقرؤها ونشاركها كثيرا على مواقع التّواصل، لكنّنا ربّما نقف عند ظاهره، ونظنّ أنّه يتضمّن بيانا مجرّدا لأحداث ترافق أولى ساعات شهر الصيام، ولا نلتفت إلى حقيقة أنّه يقرع أسماعنا ويلفت انتباهنا لنتذكّر هدفنا الأسمى في هذه الحياة، ألا وهو العتق من النّار والفوز برضا الله العزيز الغفّار وسُكنى الجنّة دار الأبرار، ونتذكّر أنّ مولانا الحنّان المنّان ما خلقنا إلا ليرحمنا ويدخلنا جنّته، لذلك أسكن أبانا آدم أوّل ما أسكنه في الجنّة، ولكنّ الشّياطين هي التي تريد أن تبعدنا عن دارنا التي اختارها الله لنا، وتأخذ بتلابيبنا إلى النّار، ولهذا تُغلّ وتسجن مردتها في رمضان، في إشارة إلى أنّ العبد المؤمن ينبغي أن يخالف الشّيطان ويطرق أبواب الجنان ويَبعُد عن أبواب النيران.

أسعد النّاس برمضان هو من جعل هذه الحقيقة نصب عينيه في أيام وليالي الشّهر الفضيل، لتكون عونا له على طاعة الله وطلب رضاه، وعلى مجانبة معصيته والبعد عمّا حرّمه، وأشقى النّاس برمضان من ترك أبواب الجنّة المفتّحة، وجعل يطرق أبواب النّار المغلّقة؛ مَن زهد في الطّاعات والقربات، وأقبل على المعاصي والمخالفات، وانشغل بالتّوافه والملهيات، ليس له من صيامه غير الجوع والعطش؛ لا يصوم إيمانا واحتسابا ورغبة في ما عند الله، إنّما لأنّ النّاس من حوله يصومون. يقضي نهار رمضان بين الحياة والموت، ينام عن الصّلوات، ويتهاون في أداء عمله ويتعلّل بالوهن ليتنصّل من القيام بواجبه، يخاصم ويلاحي لأتفه الأسباب ويرفع صوته بالسّباب، وإذا أقبل اللّيل وهبّت نسمات الجنان، أعرض عن القيام والذّكر والدّعاء والقرآن، وأقبل على جلسات القيل والقال وعلى مواقع الإنترنت، يمضي أثمن وأغلى السّاعات في تتبّع السّفاسف والمحرّمات، لا يرعوي في منتصف اللّيل ولا في ثلثه الأخير.. المهمّ بالنّسبة إليه أن يمضي السّاعات فيما تحبّه النّفس وتهواه، غير آبه بشرف الزّمان، ولا بتفتّح أبواب الجنان وتنزّل ملائكة الرّحمن.

فيا أخي المؤمن.. يا من هذه حالك.. كم رمضانًا عشت في هذه الدّنيا؟ وكم رمضانًا منها مضى إلى الله يشكو إليه حالك معه؟ وكم رمضانًا سيشهد عليك يوم القيامة؟.. ربّك الحنّان يتودّد إليك في هذا الشّهر من كلّ عام بفتح أبواب الجنان، ومناديه يدعوك في أوّل ليلة منه لتقبل إلى عفو ربّك وتتعرّض لرحمته، وتبكي بين يديه، وأنت مصرّ على الغفلة والإعراض!.. ارحم نفسك أخي المؤمن، وأرحها من شقوة الغفلة، وجرّب لذّة الإقبال على الله.. جرّب التعرّض لنفحاته ورحماته.. أترضى أخي المؤمن أن ينادى عباد الله الصائمون القائمون من أقاربك وجيرانك يوم القيامة ليدخلوا من أبواب الجنّة، بينما تظلّ يومها تنظر يمنة ويسرة، لا أحد يناديك، حتى تغلّق أبواب الجنّة التي كانت تفتّح وتتزيّن لك في الدّنيا لكنّك كنت تُعرض عنها.. تُب أخي الكريم وأصلح في ما بقي، يصلحِ الله لك ما مضى وما بقي.. ربّما يكون رمضان هذا العام هو آخرَ رمضان لك في هذه الدّنيا، فعد إلى رشدك، وتب إلى ربّك، واعقد العزم على أن تجعله يشهد لك بالخير عند الله الواحد الديان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • كورونا

    بكيتوني عندي 16 سنة

  • الجزائر الحبيبة

    بوركت يا اخي..وفقنا الله اجمعين.

  • Sofiane

    Baraka Allah fika. Inchea Allah rabi yajemaan fel jenna. Ya rab

  • لزهر

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
    ليس الؤمن ألذي يشبع وجاره جائع
    صدق رسول الله
    في مثل هذه الضروف الحالكة كان و لابد أن يتفطن كل مواطن ليتفقد حاره لأننا في حرب.
    المؤازة و التضامن من القيم الحضارية الراقية في المجتمع.
    وقد اظهر الشعب تضامنه بقفة رمظان و مساعداته الخاصة ما لم يضهره أي شعب على وجه الأرض
    انا احبك يا شعب
    أرمي بالثورة يحتضنها الشعب.