-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كورونا… هل نُغيّر خطة المواجهة؟

كورونا… هل نُغيّر خطة المواجهة؟
ح.م

قبل عيد الفطر المبارك، راجت إشاعات على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن قرب إعلان السلطات العمومية عن رفع الحجر الصحي في كافة ولايات الوطن، أو على الأقل في أغلب المدن الجزائرية، بل حددت الأخبار الافتراضية موعدا لذلك هو الفاتح من جوان الداخل، ومع أنها كانت مجرد أنباء غير موثوقة فقد تلقّفها رواد الفضاء الأزرق ومن ورائهم عموم المواطنين، بما فيهم الفئات المتعلمة من موظفين وإداريين ومهنيين في مختلف القطاعات!

لم يكن ذلك الصدى الذي قُوبلت به تلك الإشاعة، والتي ثبُت عدم صدقها لاحقًا، سوى تعبير عن الحالة النفسية والمادية والاجتماعية التي بلغها الجزائريون على غرار سكان المعمورة من تداعيات التدابير الوقائية ضد انتشار فيروس كورونا، فقد بلغت القلوب الحناجر وضاق الناس ذرعًا بالعوز والحاجة الطارئة، بعد ما فقد كثير منهم مواقع عملهم ومصدر القوت لعيالهم وأطفالهم، وهم الذين لم يألفوا مدّ أيديهم للمُحسنين، ناهيك عن أولئك الذين انقطعت بهم الظروف دون التواصل مع ذويهم وأقاربهم أو المحرومين من طمأنينة عمارة بيوت الرحمان حتى في عزّ الشهر الفضيل.

لا شكّ أنّ التقدير النهائي في تحديد القرارات الضرورية في مثل هذه الوضعيات الخطيرة يعود إلى السلطات العليا في البلاد، لا نقول هذا الكلام تملقا ولا تزلفا، بل لكونها الجهة الوحيدة التي تملك المعطيات والأدوات التي تمكّنها من التقرير الصائب، ولذلك لا نقبل المزايدة الشعبوية على الحكومة بهذا الصدد، وإن كان الاقتراح متاحًا للجميع من ذوي الفكر والنظر، وكذلك إبداء الرأي بخصوص الإجراءات الممكنة للتخفيف من معاناة الجزائريين دون إخلال بقواعد الوقاية الإلزاميّة.

إنه ليس خافيًا على السلطة التنفيذية ما تعانيه قطاعات واسعة من الشعب، تضررت كثيرا بسبب الجائحة لتجد نفسها ودون سابق استعداد على حافّة الفقر والتسوّل، ولكن من الواجب التنبيه إلى حاجة هؤلاء الماسّة والمستعجلة من أجل تكييف خطة الحكومة في التصدّي للوباء، بما يتلاءم مع قدرة المواطنين على التحمّل، لأنّ العدوى فعلا خطيرة وقد تكون مُهلكة، ولكنّ الفاقة مثلها أيضا فتاكة اجتماعيّا وقد يجعلها بعض المتربصين معولاً لإثارة القلاقل السياسيّة.

لقد استبشرنا خيرا بالرفع الجزئي للحجر والتخفيف من قيوده بكثير من الولايات، وهذا يشجعنا على طلب المزيد من السلطات والمواطنين على السواء، كلٌّ فيما يخص مسؤوليته ودوره للحد من الآثار السلبيّة المحتملة لأيّ قرار في اتجاه عودة الحياة الطبيعية للجزائريين، مثلما تستعد الآن الكثير من الدول في الحوض المتوسط لاستئناف نشاطها اليومي بشكل عادي مع فرض شروط احترازية للوقاية.

من البداية كان واضحًا لدى الخبراء الذين يرفضون السباحة مع التيّار والتسليم المطلق بما يتردّد منْ حولهم، إذ تحفظوا على قسْوة التدابير الوقائية، مُحذّرين من كلفتها العالية اقتصاديّا واجتماعيا على نطاق الأفراد والدول وحتى القوى العالمية الكبرى، غير أن منطق الصحة كان الأقوى في فرض الخوف على الجميع برغم الخسائر المادية الباهظة، واليوم ها نحن نقف على حقيقة الواقع المأساوي الذي لا يقبل الاستمرار فهو طريق مُعبّدة نحو الانفجار لا قدر الله.

يبدو وفق المؤشرات الظاهرة أنّ الجزائر قد نجت من الانهيار الصحي الذي زرع شبحُه قبل شهرين الرعبَ في نفوس المختصين وأصحاب القرار السياسي، ما يفتح الآفاق الآن للتفكير في آليات وقائيّة تعايشيّة بديلة، تضمن قدرًا إجباريّا من الحماية للمواطنين، دون أن تمنعهم من مُزاولة حياتهم وكسب أرزاقهم.

ليس في وُسع الحكومة إطلاقا أن تتحمل تعويضات مكافئة للمعطّلين عن العمل، وليس من الممكن أبدا تركهم يواجهون مصيرهم لوحدهم، وقد بدأت مظاهر الاحتجاج الشعبي تلوح في بعض المناطق، ما يهدد بتوسّع رقعتها جُغرافيّا إذا لم تسارع السلطات إلى تطويقها قبل فوات الأوان، ولن يتوان المصطادون في الأزمات عن ركوب موجة الغضب لمآرب سياسويّة ضيقة، وهذا ما يفرض عليها مزيدا من الضغط للتنفيس الاجتماعي والتجاري والمهني الحتمي.

لكن رغبة الحكومة في رفع الحجر قريبًا، مثلما تنبئ بذلك التصريحات المتوالية لأعضائها، لن يتحقق إلا إذا برهن المواطنون عمليّا على وعيهم بضرورة التزام قواعد الصحة المنصوح بها، لأنّ العدوى لا تزال سارية والتوجه نحو الإلغاء المشروط للقيود لا يعني زوال الفيروس، بل هو ضرورة تمليها الدوافع البراغماتية القاهرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • جزائري حر

    شوف يا سي عبد الحميد باه تعرف بلي كورونا هدا ماكانش منو وراه مخطط خطط له في المخابر المخابارتية شوف إلى كان تعرف كاش وحايد جيرانك وإلا معارفك يعملون في المخابرات الجزائرية(la SM او DRS) فغنك تجدهم بدون كمامات مما يدل ......

  • محمد☪Mohamed

    كورونا intelligent تغيّر خطة المواجهة يغيرلك طريقة العدوة.

  • احمد

    روعة لا فض فوك

  • ابن الجبل

    نعم وباء " كورونا " خطير وفتاك . لكن الجوع والحرمان أشد فتكا بالمواطنين ... فلا بد من ايجاد حلول لقوتهم ، لأن للصبر حدود . لا يعقل أبدا أن يبقى رب أسرة بدون دخل لمدة تفوق ثلاثة أشهر .