-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كيد السحرة وعصا موسى

صالح عوض
  • 584
  • 0
كيد السحرة وعصا موسى

كلما أعدوا الجنازة واختاروا المقصلة الملائمة لذبح الشعب الفلسطيني وإنهاء قضيته، انتفض الجسد الفلسطيني من حيث لا يتوقعون بعنفوان وقوة معجزة ليلقف ما يأفك السحرة..
عندما يعلن قادة صهاينة عسكريون أن خلية عسكرية واحدة ألحقت بإسرائيل خسائر فادحة وأرهقت الأجهزة الأمنية خلال ثلاثة أشهر متوالية، فإن ذلك يعني بوضوح أن هذا الكيان إنما هو صناعة السحر والتخيل والأوهام وأنه أوهن من بيت العنكبوت وكلما ضرب الفلسطيني بعصاه انهد الوهم وظهر على حقيقته جبنا وخسة ونذالة.
هنا لابد من التركيز على طبيعة الكفاح الفلسطيني الذي يتطور بحكم تراكم التجربة على اعتبار انه حجر الارتكاز في مشروع الأمة للنهضة والسيادة والاستقلال، فبدون إنهاء الأزمة على الوجه الصحيح فإن العرب والمسلمين سيظلون مرتهنين للقرار الغربي والرغبات الغربية، إذ تشكل قوتهم المادية مجال نهب متواصل من قبل الشركات الرأسمالية العملاقة المتحالفة مع بعض الدوائر الخطيرة في صنع القرار في العالم.
ولم يكن ترامب إلا مصيبا عندما قال انه لن يعاقب السعودية، لأنها حليف حقيقي ووفي للولايات المتحدة الأمريكية وهي التي رعت أمن إسرائيل ووجودها ولولاها لرحلت إسرائيل من المنطقة.. عندما يقول ترامب ذلك فهو يؤكد ما كانت تذهب إليه التحليلات العديدة التي تنصب على أن مال العرب هو الممول لحروب أمريكا في العالم وان عمليات التخريب المتواصلة لممتلكات الأمة وهويتها إنما يتم من خلال رؤية متكاملة للقضاء على إمكانات النهوض.
من هنا بالضبط لابد من الانتباه إلى أن حبال السحرة وعصيهم التي يخيل للبعض أنها حقيقية هي فقط ضمن إطار الترهيب والتخويف الذي تمارسه الإدارات الأمريكية ومن تحالف معها لكيِّ الوعي الفلسطيني والعربي والإسلامي.. إنهم يجندون كل الوسائل الإعلامية والفنية من اجل هذا الغرض الحقيقي فهم بذلك ينجزون أهدافا ربحية عظيمة ليست فقط في مجال المحروقات إنما أيضا تمتد إلى كل عناصر الحياة، حيث تنشأ المصانع وتسير عجلة رأس المال الأمريكي بالودائع المالية الضخمة التي تضخها وزارات مالية عرب الخليج.
في مواجهة هذا الواقع المتشابك، ندرك كم هي الخسارة فادحة فيما لو تقاعس الفلسطينيون عن أداء خدمة الكفاح أو أن يكونوا صدقوا أن حلا منفردا لهم سيحقق لهم بعضا من منجزات سياسية على طريق الدولة المستقلة.. إنهم حينذاك لا يكونون قد وجهوا ضربة نجلاء لكفاحهم فقط باستسلامهم لمنطق السحرة، بل يكونون قد أفقدوا أمَّتَهم والإنسانية فرصة العيش بسلام واستقرار.
من المهم جدا إذن أن ينظر الفلسطيني إلى كفاحه ليس فقط من ناحية تأثيره في عدوه المباشر في ساحته المباشرة، بل لما يتعداه من بعث الحياة في شعلة الوعي في المنطقة، ومن الضرورة أن يدرك انه بدون الوعي في المنطقة وإسنادها لكفاحه فإن كل ما يقوم به مهدد وفي دائرة الخطر.. وعليه لابد من تفاعل كفاحه مع جملة الوعي في المنطقة، ولحسن حظ الفلسطيني أن لقضيته الخاصة ارتباطا بعقيدة الأمة وبمصالح المنطقة ارتباطا عضويا.
ما حصل في الضفة الغربية في رام الله والقدس ونابلس وطولكرم هو نقلة واعية لطريقة الأداء ولطبيعة الفعل المقاوم، فهنا نحن نتحدث عن تطور في الإستراتيجية والتكتيك؛ فبعد أن استنفدت غزة مهمتها في فرض واقع الردع وتوازن العنف إلى حد كبير، الأمر الذي سيجنّبها استفراد العدو بها عسكريا.. بعد هذا يأتي الدور الجوهري للضفة الغربية التي تقع حول بيت المقدس والتي تشهد أراضيها مواجهات يومية مع المستوطنين، حيث الحرب على الأرض شبرا شبرا..
في الضفة تنوع الأداء من طعن السكاكين إلى عمليات الدهس والآن عمليات الاشتباك المسلح وبطريقة يتجلى فيها دقة الأداء وأنها تدور حول المعنى المجدي في المجال وهي حرب العصابات والعمل الفدائي، الأمر الذي يلحق الرعب بالكيان الصهيوني وينجز للفلسطينيين مناخا جديدا من الإسناد المعنوي العربي والإسلامي والعالمي.
إن ما يقوم به الشباب في الضفة الغربية إنما هو الرد الأكثر أهمية في هذه المرحلة على عمليات غسيل الوعي واستبداله التي تقوم به الإدارة الأمريكية من خلال مشاريعها المخادِعة ودفعها بحلفائها في المنطقة للتضييق على الفلسطينيين وإرهاقهم وإلقائهم خارج حلمهم..
صفقة القرن أو مشاريع التسوية والمفاوضات والاتفاقيات السياسية.. كل ذلك يفقد أهميته في اللحظة الأولى التي يشتبك فيها الفلسطينيون بقطعان المستوطنين ويتقدمون لإرباك المخطط الصهيوني.
ان كل ما يقوم به الأمريكان والصهاينة وحلفاؤهم إنما هو كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!