-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أقلام المجلة

كيف تحولت هيئة الأمر بالمعروف إلى هيئة للترفيه؟

حسان زهار
  • 3714
  • 16
كيف تحولت هيئة الأمر بالمعروف إلى هيئة للترفيه؟
ح.م

بينما تستمر المجازر المروعة التي لم يشهد لها العالم المعاصر مثيلا في سوريا الجريحة، حيث تباد الانسانية علاوة على المسلمين الموحدين، بمشاركة وتواطؤ دوليين، وبينما تقرر واشنطن نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، ينخرط الحكام العرب جميعهم بلا استثناء في لعبة دس الرؤوس في التراب على شاكلة النعام، في حين يزايد بعضهم على هذه الحالة الساخرة، بأن يبحثوا لأنفسهم وشعوبهم المقهورة، على الترفيه في زمن الهزيمة، والغناء في زمن الردة، ليحققوا بذلك المثل الجزائري القائل “سيدي مليح وزادو لهوى والريح”.

ولعل ما يجسد هذه الوضعية المؤلمة لحال الأمة اليوم، أن السعودية التي تعد أكبر بلد إسلامي من حيث التأثير، ورغم انخراطها في حرب دامية باليمن، وتسبب سياستها في ضياع العراق وسوريا لصالح إيران، هو الاعلان الغريب لما يسمى رئيس هيئة الترفيه في السعودية، التي جاءت في أعقاب تهاوي دور “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأن المملكة ستستثمر 64 مليار دولار بقطاع الترفيه في السنوات العشر المقبلة، ليكون بذلك الغناء والرقص ربما من وسائل مقاومة المد الشيعي الصفوي، وربما لاستكمال تحرير فلسطين من الصهاينة، بعد أن سقط الرهان على البندقية وبقي الرهان على شرب الحشيش والشيشة وعلى العلاقات الغرامية.

ولا يبدو أن خطط السعودية مستقبلا ستتوقف عند حدود الترفيه وحده، بمفهومه المرادف للثقافة والفن، بل إن الخطة وكما أعلنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في خلال تدشينه رؤية السعودية 2030، تهدف إلى تحويل عملية الترفيه إلى سياسة قائمة بذاتها، لتغيير نمط الحياة في السعودية من نمط ديني محافظ، كان يستشعر الهدي النبوي، بوصف الأرض التي تقام عليها الدولة، تحتوي أهم المقدسات الاسلامية على الإطلاق،  إلى نمط غربي صرف، وهو منهج للأسف لا يقتصر على السعودية وحدها، بل إن دولا عربية اخرى تسابق الخطو في ما بينها، على غرار الإمارات ومصر، لتحويل مجرى التاريخ بالكامل، عبر تحويل الأمة من تحمل رسالة خالدة لهداية الناس، إلى أمة تكتفي بفنيات الرقص الشرقي، والاجتهاد قدر المستطاع في إنتاج فتاوى جديدة معلبة، تجيز الرقص والغناء وشرب الخمر وربما فتح بيوت الدعارة أيضا، بوصفها وصفات ضرورية لتخدير الشعوب وإبعادها عن دائرة السياسة والاشتغال بقضايا الحكم، وبالتالي إرسال رسائل مشفرة وواضحة للغرب بأن مهمة التخدير الشامل لهذه الشعوب سيتم التكفل بها محليا من طرف هذه الأنظمة ولا داعي أن تتعب تلك القوى الدولية نفسها في  ذلك.

كما أن إطلاق مشروع مدينة “القدية” كأكبر مشروع لمدينة ترفيهية في العالم قرب العاصمة الرياض، لا يقارن بأي شكل مع مشروع مدينة “نيوم” العملاق لذات الأهداف الترفيهية بغلاف مالي خرافي يتجاوز 500 مليار دولار، تقول التقارير أن نصف سكانها سيكونون من الروبوتات التي سيكون لها إمكانية الحصول على حق حمل الجنسية السعودية.

يحدث كل هذا، في وقت لا تتخلى فيه أيضا معظم الدول العربية إن لكم نقل كلها، عن المهرجانات الغنائية وحفلات الرقص والمجون، كما ترفض حكومات تلك الدول بشراسة حجب المواقع الإباحية، باعتبارها متنفسا للشباب العربي، لتفريغ مكبوتاته الجنسية، على الرغم من السياسات الخبيثة المستوردة، والتي تشجع على تفكيك الأسر وتشجيع الخلع والطلاق، وتيسير سبل الجنس الحرام، حتى لا يبقى في ذهن المواطن العربي متسع من التفكير في القدس أو سوريا ، أو مجال للخوض في السياسة وقضايا التنمية والديمقراطية في بلدانهم.

لقد ظلت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعقود طويلة، تتحف شباب هذه الأمة بكم هائل من الفتاوي التي تحرم كل شيء تقريبا، لكن مقتضيات السياسة على ما يبدو، وطاعة ولي الأمر كما يقال في الأدبيات الفقهية التعيسة، غيرت مسار كل ذلك فجأة، ليصبح الحرام حلالا، والممنوع متاحا ومباحا، والمنكر معروفا، تمهيدا وبلا أدنى شك، ليكون الأخ عدوا، والمسلم كافرا زنديقا، والعدو صديقا قريبا، وانتهاك حدود الله وحرماته ثقافة و ترفيها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
16
  • benchikh

    الحمد لله ,,,ما تبعناهم في النهي عن المنكر ولن نتبعهم بالامر للمنكر ,, من يريد ان يبيع ايات الله بثمن قليل فحسابه عسير.

  • محمد

    الروبوتات التي سيكون لها إمكانية الحصول على حق حمل الجنسية السعودية.
    أغلب الظن أن تلك الروبوتات (الذكاء الإصطناعي) ستكون وسائل تجسس وتعقب (لإمتلاكها خاصية قراءة الوجوه) في يد بعض الشركات العالمية العملاقة التي تملكها عائلات صهيونية معروفة.. أي أن المملكة ستتحول إلى دولة فاشية يتم مراقبة كل شخص فيها بدقة عبر وسائل بيومترية وقوارء وجوه وقارءات لوحات سيارات وسيارات ذاتية القيادة ودرونات.
    الجنسية تعطى لها حتى تخضع للضريبة ..فتلك الروبوتات تعمل وتتلقى أجرا من الدولة تقبضه تلك الشركات وتقبض الدولة ضريبة دخلها ..والكل بشكل آلي عبر نظام العملات المشفرة سهل التعقب.
    هذه صورة عن مستقبل الإستعباد.

  • محمد

    لأن معظم المتطرفين المتشددين تم التخلص منهم بإرسالهم إلى سوريا وأفغانستان وغيرها من مناطق الجهاد المزيف.

  • .

    رجال الدين لا يدعون الى المثل الا لانهم يعلمون باستحالتها،لو علموا بامكانية تحقيقيها لما دعوا اليها، الهدف عندهم ليس تحقق ما يدعون اليه و انما الاستمرار في الدعوة الى المستحيل،هم ينفرون من الكمال لان وجودهم مرهون بالنقص،الذنوب و المعاصي هي المادة الخام التي يشتغلون عليها و التي لو انعدمت في مجتمعهم يستوردونها او يهاجرون الى حيث المعاصي متوفرة، لو وضعت رجل الدين في يوتوبيا يختنق و يخلق تابوهات جديدة يخيف بها الناس
    الدين آلة لصنع التابوهات

  • .

    رجال الدين لا يدعون إلى المثاليات الا لانهم يعلمون باستحالة تحققها على أرض الواقع ، فلو علموا بامكانية تحقيقيها لما دعوا اليها، الهدف عندهم ليس تحقق ما يدعون اليه ، و انما الاستمرار في الدعوة الى المستحيل !!
    هم ينفرون من الكمال لأن وجودهم مرهون بالنقص، فالذنوب و المعاصي هي المادة الخام التي يشتغلون عليها ، و التي لو انعدمت في مجتمعهم ، يستوردونها او يهاجرون الى حيث المعاصي متوفرة، لو وضعت رجل الدين في يوتوبيا يختنق و يخلق تابوهات جديدة يخيف بها الناس
    الدين آلة لصنع التابوهات !!!

  • .

    لو افترضنا وجود مجتمع ليس فيه غناء و لا سهر و لا فن ، و لا تظهر فيه المراة في الخارج ،و ليس فيه اختلاط ،و ينعدم فيه اللهو ، و تسود فيه الاخلاق الحميدة ، و كل اموره مضبوطة حسب الشرع ، فما الذي سيحل برجال الدين؟
    سيدخلون في عطالة و يضطرون لخلق تابوهات و محرمات جديدة ، كي يستعيدوا دورهم، لذا على رجال الدين ان يكونوا ممتنين لما يسمونه انحرافات ، لانها هي عماد وجودهم، لأن الدين يقوم عماده على وجود الشيطان، و لو لم تكن فكرة الشيطان موجودة لخلقها رجال الدين خلقا !!!
    الدين بضاعة من البضائع التي تباع في الاعراس الدنوية ، و لو انعدمت هذه الاعراس يتعذر على الدين الاستمرار في الوجود..

  • .

    الدين يموت ان هو قضى على الانحلال و الانحراف و الفساد إلخ ، لذا نجد المتشددين ينفخون في حجم الفساد ، و يعظمون صورة المحرمات في المجتمع لينعشوا بضاعتهم، فالمهرجانات و الحفلات كما هو حاجة لمحبي الموسيقى للاستمتاع بالفن ، هو ايضا حاجة للمتشددين لنشر خطابات الوعظ و قراءة اللطيف و التعوذ بالله من العقاب الالهي، و كما ينتظر عشاق الموسيقى نجومهم ينتظر المتشددون فرصتهم لعرض بضاعة التوبة و التخويف من الشيطان و حباله و الدعوة الى الطريق المستقيم، رجال الدين غربان يفترسون نبض الحياة و لحظات الفرح ،و الكافر بالشيطان كافر بالله

  • .

    حينما يطالب المقدس الديني بالقضاء على المدنس الدنيوي فانه يسعى الى هلاكه، لان المقدس الديني يقوم كنقيض للدنيوي و كانتفاء له،فالاستقامة استقامة مقارنة بالانحراف،و العفة عفة مقارنة بالعهر،و المقدس مقدس قياسا الى الدنيوي،فالظلام ليس شيئا موجودا في حد ذاته و انما هو انتفاء النور، و حينما يحاول الظلام القضاء على النور فانه سيقضي على نفسه، فولا وجود الشمس لما كان الظلام ممكنا،و الطب الذي بيسعى للقضاء على المرض سيموت ان هو نجح في مهمته و قضى على عدوه،انتعاش الطب هو في انتعاش المرض و ليس العكس،و الدين يموت ان هو قضى على الانحلال و الانحراف و الفساد الخ لذا نجد المتشددين ينفخون في حجم الفساد

  • ..

    إن الناطقين باسم الدين جلهم يسيئون اليه ، و كلما قطع بعضهم شوطا في الدعوة يخرج من يفسد له عمله، فان وجد من يقول للناس : إفرحوا فالدين لا يمنع الفرح يخرج غربان آخرون لهم نفس الحق في الحديث باسم الدين و يفندون قوله ، لهذا يكون الدين مثل امراة ولدت ملايين المرضى ينشرون هلوساتهم باسمها ، او بيت بدون صاحب كل من دخله يدعي الاحقية في تسييره ، و يرفض مشورات الاخرين، لم يعد الدين نصا لنقبله او نرفضه ، بل اصبح آراء و مواقف شتى بلا حصر ، تناقض بعضها بعضا

  • Karim

    ممشروع "مدينة نيوم" ما هوإلا إعادة لمشروع أبرهة الحبشي الذي قام ببناء كنيسة في اليمن ليجعل منها قبلة و مزارا لأهل الجزيرة العربية .

  • .

    مشكلة الدين انه لا يستطيع تحديد ممثليه و الذين يتكلمون باسمه او يدافعون عنه، بما انه فكرة و عقيدة فان ايا كان ينتدب نفسه للحديث عنه، و لا توجد اي جهة يمكنها ان تبيح لهذا او تمنه ذاك ، لان لا احد منح حق تمثيل الدين..
    الدين اصبح كما يقول المصريون: وكالة من غير بواب، فالدين نفسه فتح الباب لكل من شاء ان ينطق باسمه ، إذ أنه هو من دعا الى النهي عن المنكر و الامر بالمعروف ، و امر المسلمين جميعا بالتواصي بالخير و الحق دون تحديد المعايير ، و حتى ظهور المؤسسات الدينية لم يستطع تحديد من له هذا الحق ، و كلما ظهرت مؤسسة إنبرى لمهاجمتها من لا يشاطرها الرأي، لذا فان الناطقين باسم الدين جلهم يسيئون اليه

  • .

    على الدين ان يفهم انه مستضعف قليل التأثير و يتوسل الى الناس بالدنيا و الفرح و الاعياد لكي يرضوا عنه ، ان زوج الام العجوز الذي كان يدمي اجساد الاطفال اليتامى و يقمع رغباتهم صار كسيحا و هم شبوا و استقووا و اغتنوا ، و لم يعد امامه الا ان يعتذر و يطلب الصفح لكي يتركوا له ركنا و لقمة، ان الارهاب الذي لجأ اليه الدين هو حشرجة الاحتضار و لم يعد له الان الا التودد للدنيا لانه لعب كل اوراقه، فتاوى الانفتاح ليست منة من الدين بل هي السبيل الوحيد الذي بامكانه ان يعصمه من الانقراض

  • .الفرح

    رفع عصا الدين فوق راس البشر لمنعهم من الفرح لم ينفع في قرون الظلام فكيف تنحج اليوم؟
    على الدين ان يتمسح بالفرح و الاحتفال ان هو اراد ان يبقى على قيد الوجود ، الدنيا هي طوق نجاة الدين الذي يمنعه من الاندثار، لم يعد بامكان الدين ان يقمع فطرة الناس كما كان يفعل في ازمنة القحط المعيشي و القيض الحضاري..
    الان يجب عليه ان يفهم انه لم يعد قويا و يتودد للحياة ان هو اراد الاستمرار في الوجود، يجب عليه ان يرقع سواده بألوان الحياة الزاهية و يدخل راسه في جلباب الفطرة البشرية لكي يحظى بشيئ من الاعتراف، جب عليه ان يترك الناس يمارسون حياتهم لكي يعطفوا عليه ببعض اللحظات بعد ان ينفض سوق الدنيا البهيج

  • غراب البين

    ، حينما تقول لانسان ما ان الفرح حرام كانك تقول له انت غير موجود، اذا شك احد في وجوده ساعتها سيتقبل ان الفرح حرام لان الفرح هو جوهر الوجود البشري ، و من اجله يقوم بكل الانشطة الاخرى التي من ضمنها الدين..الجدية و الخشوع غاية لدى الغراب و البوم و ليس الانسان، فلدى الانسان وسيلة لغاية اكبر و هي الفرح، فتوى الغربان بان الفرح غير جائز و الاحتفال يكون بالخشوع هي مجرد محاولة يائسة و معتوهة لتحويل الكائن البشري الى غراب

  • ahmed hamdoune

    فأي منكر كانت تنهى عنه تلك الهيئة البائسة؟ هل نهت الأمراء عن فسادهم و عنجهيتهم؟ هل منعت الأغنياء أو على الأقل نددت باستعباد العمال الأسيويين و على رأسهم اليمنيون، لم يكن لها من دور إلا التنكيد على الناس البسطاء أما من كانوا يعيثون في الأرض فسادا فلم يكن ليطالهم "نهيها" فلتتحول لهيئة ترفيه لعلها تفيد السعوديين و تساهم في تخليصهم من صلف و عنف و غل الأعراب الذي رسخهم فيه فكر التشدد و التعصب لابن تيمية و ابن عبد الوهاب و ما بينهما و ما بعدهما ممن جثموا بأفكارهم الظلامية على أمة قيل أنها خير أمة أخرجت للناس و هي تتذيل طابور الآمم نحو التقدم و الازدهار رغم نعم الله التى منحها إياها.

  • ahmed hamdoune

    لو فكرنا بتمعن و تروي و تمعنا في تاريخ الالمملكة العربية السعودية منذ نشأتها على يد لورنس "العربي" إلى اليوم نجد أنها خدعت المسلمين و العرب طيلة أكثر من قرن من الزمان بتمسكها بالفكر السلفي الوهابي كواجهة لحكم في حقيقته متواطئ مع القوى الاستعمارية و ربيبتها و حليفتها الصهيونية. و قد اعترف بذلك صراحة ولي العهد السعودي مؤخرا حينما قال أنهم تبنوا الوهابية فقط لمحاربة الاتحاد السوفياتي و أعلن عن نهاية مقاطعة الدولة الصهيونية. و الدول العربية و الإسلامية جميعها لم تفهم أن الدولة الدينية لم و لن توجد و لا يمكن أن تبني مستقبلا و أن الدين لم يكن إلا وسيلة في يد الحكام لتنويم الشعوب و خداعها. يتبع