-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كِبْرٌ مبالغ فيه.. ما هم ببالغيه..

عمار يزلي
  • 798
  • 1
كِبْرٌ مبالغ فيه.. ما هم ببالغيه..
ح.م

تسجيل ارتفاع غير مسبوق لعدد الإصابات وحتى الوفيات عندنا في الجزائر، أصبح هاجسا مركزيا لدى السلطات العمومية والسياسية، خاصة مع اقتراب موسم البرد ومشاركة كوفيد 19 أخواتها في أنفلونزا المواسم، همٌّ أربك المؤسسات الاستشفائية وضاعف الضغط على الطاقم الطبي الذي تكاد قواه أن تضعف من فرط إهمال المواطنين لأبسط شروط الوقاية واللامبالاة التي صارت تطبع أذهان الناس.. باطلا.

ظاهرة تحدي المرض هي قوة وعلامة من علامات الصحة العقلية، كون مقامة الشيء هي من صلب رغبة الإنسان في البقاء، غير أن التحدي بما هو تعدي على حريات الآخرين وصحتهم، هو ليس عبثا، بل جنون ومرض عقلي حتى. هذه بنية ذهنية ينطبع بها كثيرٌ من الناس الذين لا يهمهم غيرُهم، ويتصرفون كما لو أنهم كانوا أحرارا يفعلون ما يشاؤون لا ما يُؤمرون به، ولو أدى ذلك إلى إلحاق الضرر بالمحيط الإنساني العامّ وتكليف المؤسسات الصحية طاقة فوق طاقتهم. اللامبالاة وعدم تقدير المسؤولية، لدى من يقول لك مستهزئا أو باسما، بأنه لا يستطيع أن يضع الكمامة أو لا يطيقها أو يضيق تنفسه بها أو “ماموالفاهاش”.. أو أية ذريعة أخرى، إنما هو تبريرٌ لعدم الرغبة والقابلية في تغيير نمط سلوكه وحياته التي تعوّد عليها، فهو مثلٌ من الأمثلة التي تكتفي بما هو موجود أو بما هو آت من الجود إن كان ذلك ممكناً بلا تعب ولا إرهاق ولا تضييق. هؤلاء، عادة لا يقبلون بالجديد إلا ما كان في صالحهم وصالح راحتهم، ويرفضون كل شيء من شأنه أن يغير من حياتهم، ببذل جهد ولو بسيط من التضحية لأجل النفس والذات أو لأجل الآخرين، لكن لا يقدر على فعل ذلك، ولو فعلها مرة، لن يطول به المقام طويلا.. لأنه يتصور أنه لا طاقة له “بجالوت وجنوده”. نلاحظ ذلك حتى مع بعض المرضى الذي يرفضون أخذ هذا الدواء أو ذاك المشروب أو المنقوع الاستشفائي ويبررون ذلك بقولهم: “ما نقدرلهش”، “ما يعجبنيش”، “البنة نتاعه مش مليحة”، “مرّ”، “ما نطيقلهش”.. إلخ.. هذا نموذجٌ فكري ربما قد تكون نسبته بين الناس في العالم كله تتجاوز العشرين أو الثلاثين في المائة، فهي فئة متوسطة، تابعة، مقلدة، غير ذات إرادة قوية للتغلب على الصعاب، تحب السهولة ولا تقبل الضغط في التكيف، بل تتكيف بما تهوى أنفسُها لا بما تمليه عليها الظروف والمحيط والدولة والقوانين.. ومنه الفئات والمجموعات الرافضة للاندماج في المحيط مع وجود إمكانية ذلك من عمل وعدالة، ذلك أني لا أدخِل هنا الفئات المقاومة للسلطة المتجبرة أو القوة القاهرة، على العكس، هذه مقاومة وتنازل عن حقوق فردية لصالح الآخرين، ولم تكن المقاومات مهما كانت سلمية، سوى أقوى أشكال الإيثار والتفاني ونبذ الأنانية.. أتحدَّث عن تلك الذهنية التي لا تريد أن تبذل أي شيء وترغب في الحصول على كل شيء.. مع ذلك، هذه الفئة هي أهون من النموذج الإنساني المتهور الذي يعرف أن الوباء معدي وخطير ومميت، لكنه لا يقبل به ويرفض أن يضع الكمامة تحت مختلف الذرائع والحجج التي تضعفه أمام الآخر بأن ينقص من حجم الخطر أو يرفض وجوده أصلا، وهو يعلم في داخله أن يغالط الآخرين بمغالطة حتى نفسه.. ولو كان رئيس أقوى بلد..

النموذج هذا، هو الأخطر، لأنه رافضٌ للمنظومة من حوله برمتها، وهي حالة مرَضية ناجمة عن تضخم الأنا والكِبر.. نعوذ بالله منه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • كريمو

    الشعوب العربية تعلق امالا كبيرة علي الجامعة العربية لايجاد لقاح عربي لكورونا كما تدعو امينها العام السيد ابو الغيط العظييم