-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
جزائريون يتيهون في دوامة الوباء ويفقدون رغبة الحياة.. مختصون يحذرون:

لا تجعلوا من التعازي “الفايسبوكية” وأرقام كورونا ثقافة لليأس!

وهيبة سليماني
  • 1093
  • 5
لا تجعلوا من التعازي “الفايسبوكية” وأرقام كورونا ثقافة لليأس!
أرشيف

تعود الجزائريون في الآونة الأخيرة، كغيرهم عبر دول العالم، على عد موتى كورونا، وبشكل يومي، إلى درجة أنها أصبحت الشغل الشاغل لهم، وتحولت التعازي عبر منصات التواصل الاجتماعي خاصة “الفايسبوك”، إلى أخبار الساعة التي يدور حولها اهتمام المجتمع في صورة أشبه باليأس من الحياة والصراع من أجل البقاء خارج تطلعات المستقبل وتحقيق الأهداف والرغبات!

ورغم أن الموت في الجزائر أو عبر العالم لا يرتبط فقط بفيروس كورونا المستجد، بل إن أعداد الموتى من الوباء يوميا، قد تكون أقل بكثير مقارنة بأعداد موتى حوادث المرور واختناقات الغاز، والسرطان، إلا أن هاجس عدوى الوباء وإحصاء ضحاياه، خاصة من الشخصيات البارزة أو بوفاة فردين أو أكثر من عائلة واحدة، جعل من الموت صورة ذهنية مجتمعية، هيمنت على الرغبة في الحياة.

في السياق، يؤكد مختصون في علم الاجتماع والنفس، أن فيروس “كوفيد19” وفقدان الثقة في المنظومة الصحية، ساهم بشكل كبير خاصة لدى الطبقات الهشة في فقدان أمل الحياة والتطلع للمستقبل، والسعي بتفاؤل لتحقيق المصالح والأهداف، وقضاء الحاجيات، حيث تعيش فئة واسعة من الجزائريين، أكثرهم الشباب حالة يائس، والتيه في دوامة الموت والاهتمام بأخبارها.

التركيز على الموت والأرقام نشر اليأس في المجتمع

وقال الدكتور سعدي الهادي، خبير علم الاجتماع، وأستاذ جامعي، إن منصات التواصل الاجتماعي ك”الفايسبوك”، ونشرها التعازي خاصة المتعلقة بوفيات فيروس كورونا، سيما إذا تعلق الأمر بشخصيات لديها أثرها الاجتماعي أو الإعلامي، فإن ذلك يرسخ لثقافة اليائس والتشاؤم وتجاهل متطلبات وملذات الحياة، وضرورياتها.

ويرى أن الحديث خاصة عبر وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، حول فيروس كورونا وبطريقة التركيز على عدد الموتى، وجعل الموت كحدث رئيسي وخبر الساعة، يبعث في نفوس الجزائريين نوعا من اليائس وعدم الرغبة في مواصلة تحقيق مساعيهم ومشاريعهم وأمورهم الخاصة، مثل العمل والبحث عن وظيفة، والدراسة والمشاريع وتحقيق الأحلام، فهم حسب ذات المختص، منشغلون بالموت.

وانتقد الدكتور سعدي الهادي، طريقة التعامل مع فيروس كورونا سواء عبر منصات التواصل الاجتماعي أم عبر وسائل الإعلام، قائلا: “إن حوادث المرور والاختناق بالغاز، والسرطان، لديها هي أيضا وفياتها، وإن كورونا ليست وحدها المتسببة في الموت”.

وأضاف سعدي الهادي: “ربما كورونا وفقدان الثقة في المستشفيات ودعوة وزير الصحة إلى إجراء تحليل ” بي سي آر” بمبلغ يقارب 9 آلاف دج حتى بالنسبة للطبقات الهشة، وراء حالة اليائس والتفكير أو الخوف من الموت بالوباء، لكن يجب أن نبحث عن حلول جيدة لتسيير الأزمة”.

ودعا خبير علم الاجتماع، الدكتور سعدي الهادي، إلى تشكيل مجلس أعلى للصحة بمشاركة علماء وخبراء في علم النفس والاجتماع، وبالاهتمام بالخبرة في متابعة الوضع الصحي المتعلق بـ”كوفيد19″، ومعالجة شاملة لقضايا المجتمع، وتكوين الطبيب على عدم ميله للسلبيات الصحية بقدر طرحه للحلول وتعليم المريض كيف يواجه المرض بشجاعة ووعي.

وقال الهادي، إن توفير لقاح كورونا وتوزيعه مجانا، سيعيد الرغبة في الحياة ويجعل من المرحلة الاستثنائية مجرد تجربة، قد تغير سلوك الفرد والمجتمع ككل نحو الأحسن.

احذروا التسابق لنشر التعازي على مواقع التواصل

وفي هذا الموضوع، تخوف الدكتور مسعود بن حليمة المختص في علم النفس، من مساهمة الحديث اليومي عن الموت بوباء كورونا المستجد، والتسابق نحو نشر التعازي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ك”الفايسبوك”، في ترسيخ سلوك اللامبالاة بموت الآخرين، والانسلاخ تدريجيا من الإنسانية وبرود المشاعر، و”الاستهزاء” بتدابير الوقاية أو بما يحفظ الحياة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد يغرس الحزن الداخلي ويفقد الرغبة في العيش والبحث عن تحقيق متطلباته.

وقال بن حليمة، إن التأثير بموت الشخصيات سواء العالمية أو الوطنية، وخاصة إذا كان سبب الوفاة هو كورونا، والحديث عنها عبر وسائل الإعلام بشكل متكرر، له أثره في النفوس، ويساهم في زرع اليائس والبقاء في إطار الصراع من اجل الحياة، والتفكير في الموت وإهمال المصالح الخاصة، وإجهاض الأحلام الشبابية.

ويختلف الموت الذي كان يشغل الجزائريين خلال العشرية السوداء، حسب الدكتور بن حليمة، عن الموت اليومي لبعض مرضى كورونا، من حيث التأثير النفسي، والسلوكي، حيث إن ضحايا الإرهاب الأعمى، موتهم مقصود وقاس ويخلف شعورا ب”الحقرة” والظلم ما يخلف تأثيرات شديدة وعميقة، في حين إن موت “كوفيد19″، يشكل مصيبة وقلقا شديدا، ويشعر الذين لم يتخذون احتياطاتهم من العدوى، الذين ينقلونها إلى عائلاتهم وأوليائهم، بالذنب والندم، أو العكس بالنسبة للذين يؤمنون بـ”المكتوب”، فإنهم يستسلمون للأمر مع بقاء الحزن داخلهم.

وتبقى المصيبة – حسب بن حليمة – مرتبطة بدفن المريض الميت في ظروف خاصة، وعدم الوقوف على جثمانه في جنازة عادية.

اصنعوا من الموت قاعدة للحياة!

ونصح إمام مسجد القدس بحيدرة، الشيخ جلول قسوم، الشباب الجزائري بالابتعاد عن ثقافة التيئيس، التي يروج لها من خلال منصات التواصل الاجتماعي، بطريقة غير مقصودة أحيانا، وذلك من خلال نشر التعازي والتركيز على أخبار الموت وخاصة المتعلقة بفيروس كورونا، وقال إن المبالغة في الحديث “كفيد19″، سواء في الشارع أم إعلاميا، يتنافى مع ثقافة الحياة، حيث أصبح الجزائريون، لا يهتمون بالفرح والزواج ومباهج الحياة، موضحا أن ديننا الحنيف يحث عن الدفع للحياة والتفاؤل بالمستقبل وعدم التقيد بالتفكير فقط بالموت.

وحذر الإمام من إدخال الحزن في نفوس أفراد المجتمع، هذه الحالة النفسية التي من شأنها المساهمة في الأمراض، واليائس والاكتئاب، مضيفا أن المسلم هو من يجعل من الموت قاعدة للحياة واتخاذ العبر والتسامح والإحسان ومباهج السرور.

وقال الشيخ جلول قسوم، إن الإسلام يحدد مدة للحزن عن الميت حتى لا تضيع حقوق الآخرين، فالحزن 3 أيام وللزوجة 4 أشهر و10 أيام مدة حزنها عن زوجها بعد مفارقته للحياة، ولأن الحياة تستمر فإن الرسول دعا إلى غرس فسيلة حتى ولو قامت الساعة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • فائق الناطور

    والله اصبح الفيسبوك محبطا جدا،فيوميا تعازي وتعظيم اجر كأن الدنيا تخلو من الحياة وليس غير الموت.

  • جزائري والسلام

    الحياة أصبحت بدون طعم ليس بسبب الكورونا وانما بسبب الحالة الاجتماعية التي وصلنا اليها ....

  • قناص قاتِل الشـــــــــــر

    ليس هذا ما فتح لنا أبواب اليأس ، بل سياسة الريع تاعكم

  • elgarib

    لو كانت العصابة المجرمة قريبة من الشعب بصدقها لما جعلوا التعازي الفيسبوكية و أرقام.

  • نمام

    كلما فتحت صفحة العزاء الا وو جدنا قريب او صديق بنعي اخ او اب او زميل او جار وغالبا ما نجد الوباء مما يدل على انه اصبح اكثر شراسة بسلالات جديدة ربما تهاجم البشر لذا من الواجب الالتزام بالوقاية والحذر و التدابير خصوصا اساتذة اطباء انفقت الدولة عنهم الكثير ومهرتهم المستشفيات وهذا لا يقلل من الكفاءات الاخرى و في كل الدروب يموتون بالوباء ربما يقول قائل الموت حق وان لم يمت بالوباء مات بغيره حقيقة هل هذا يعني الا نحذر من الوقوع في مصيدة الموت المجاني ونجد رغم ذلك من يلح على ان الوباء مؤامرة وغير موجود رغم ما يحصده من ارواح اللهم ارفع الوباء ولا تؤاخذنا بما يفغل السقهاء منا