-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا تخصوا فحولكم

حسان زهار
  • 1480
  • 8
لا تخصوا فحولكم
ح.م

الذين تابعوا أحداث العراق هذه الأيام، ورأوا وسمعوا عن أعداد القتلى والجرحى والمعتقلين، لا بد أنهم سيتذكرون الراحل صدام حسين.

في ظرف أيام قليلة سقط عشرات القتلى في مظاهرات مناوئة للحكومة العراقية، ومئات الجرحى، بينما لم تسقط في الجزائر قطرة دم واحدة منذ نحو 8 أشهر من حراك شعبي ملاييني في طول الجزائر وعرضها.

ماذا يعني هذا لمن كان له عقل أو ألقى السمع وهو شهيد؟

بالنسبة للذين ذهب خيالهم مباشرة إلى الزعيم الكبير صدام حسين، فلا بد أنه أطلق تنهيدة من الأعماق، ثم ترحم على رجل كان يجمع في يده العراق العظيم، ويجعل منه قوة إقليمية تهابها القوى العالمية، ومن شعبه شعبا متعلما خاليا من الأميين.

هذا الرجل العظيم ليس هو بطبيعة الحال عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء الحالي، ولا يشبه في شيء الحاكم السابق نوري المالكي، من الذين يمنحون ميليشيات إيران التي تسيطر على العراق العظيم، الضوء الأخضر لإطلاق النار على المتظاهرين السلميين، لأنه كان يفضل مهمة أخرى، هي مهمة دك حصون دولة إيران.. وإلحاق الهزائم بها تلو الهزائم.

ولذلك حين يتذكر الجزائري البسيط اليوم رجلا مثل صدام، فلا بد أنه سيتذكر أيضا بومدين، ثم يقوم بمقارنة بسيطة في خياله، بين هؤلاء العظماء، وبين الوجوه التي تتقدم الآن إلى الرئاسيات.. ليطرح سؤاله المؤلم، هل فيكم رجل عظيم؟

نحن نحتاج إلى الرجولة والحسم، ونحتاج أيضا إلى العقل والتبصر.

لذلك، من حقنا أن نفخر حين تتساقط الأرواح في شوارع بغداد والحلة والبصرة، في مواجهة متظاهرين سلميين، بينما تعج شوارع الجزائر بالمتظاهرين منذ ثمانية أشهر، فلا يسقط جريح واحد، علاوة على قطرة دم واحدة.

لقد قالها رجل سيذكره التاريخ بحروف من نور.. قائد الجيش الجزائري أحمد قايد صالح.. لن نسمح بسقوط قطرة دم جزائري واحد.. وقد وفى بوعده العظيم هذا، وقد كان أعظم وعد وأشرف التزام.

الذين لا يعجبهم هذا الكلام، وهم يواصلون لعبة التخوين والشيطنة في الشوارع، عليهم أن يفتحوا أعينهم جيدا لما يجري حولهم في العالم الآن، ليس فقط في العراق الجريح اليوم، بل أن ينظروا إلى دول أخرى، من جنوب ضفة المتوسط إلى شمالها، ويقارنوا لعل العقل الذي طاش منهم، يعود إليهم سريعا.

في مصر حراك بسيط في الشارع، أدى في بضعة أيام إلى آلاف المعتقلين، يضافون إلى عشرات الآلاف من المعتقلين من أيام مجزرة رابعة والانقلاب على الشرعية، حتى إن عمليات الاعتقال باتت تتم بالشبهة، وأحيانا بتهمة امتلاك “النية في معارضة السيسي”.

وها هي فرسنا التي يعشقها البعض عندنا، ويستجدون منها النواب لكي يتظاهروا معهم في شوارعنا، تقمع بالقوة مظاهرات السترات الصفراء، ليسقط الضحايا، ومعهم جرحى تقلع عيونهم قلعا بالقنص والضرب.

وهنا لا أريد أن أعود كثيرا إلى زمن كان فيه أمثال الجنرال الهارب خالد نزار، من النافذين المقررين، حينها تذكرون جميعكم، كيف كان القتل بالرصاص الحي، يُبرر بانعدام “الرصاص المطاطي”!

ما يهمنا في كل هذه الدروس الكبيرة، هو أن نتعلم كيف لا نخصي فحولنا، ولا أن نخون شرفاءنا، لأننا إن فعلنا، ابتلانا الله بحُواة ديوثين، لا يتقون فينا إلًا ولا ذمة، نكالا من الله وسوء مصير.

والأهم من المهم، أن نحسن اختيار الرجل الذي سوف يحكمنا غدا، ونحن على أبواب استحقاق مصيري، رجل يضمن للناس كرامتهم، ويعصم دماءهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • zak

    اي واحد درس التاريخ و لدية بعض الابجديات في السياسة يفهم ان بومدية سبب عودة فرنسا من باب ظباطها او ما يسمى دفعة لاكوست و صدام هو سبب وجود القوات الامريكية في الشرق الاوسط

  • عروبتاه كونتري

    " لأنه كان يفضل مهمة أخرى، هي مهمة دك حصون دولة إيران.. وإلحاق الهزائم بها تلو الهزائم."
    عن اي انتصارات تتحدث صدام اغرق بلاده بالديون وجوع شعبه بفتحه بابا للدمار والخراب بحربه مع إيران
    والكل يعلم ان ذلك تم بدعم وايعاز من امريكا وبريطانيا للانتقام من مشروع ايران الجديد بعد ثورة الخميني ؟
    كما تم ايقاعه في الفخ وجره الي غزو الكويت لتكون ذريعة لدخول القوات الامريكية الب المنطقة بدعوي حماية الامن العالمي او " النفط" وتامين الحماية لشيوخ الخليج من اجل الحفاظ علب تدفق البترول ؟
    لا تتلاعبوا بعقول الناس ؟ تبا للطغاة " طغاة الامس واليوم والغد ؟

  • ياسين

    المواقف الصحيحة في الأوقات الصعبة و الحرجة تبنى وفقا لما يمليه العقل لا على ما تمليه العاطفة الجياشة؟ و لنا في المواقف الكبيرة في التاريخ الكثير منها؟ فهل يجنح الناس و عباقرة البولتيك و يستخدموا عقولهم بدل عواطفهم و أن يتقوا الله في هذا الشعب و الوطن الذي لم تندمل جراحه بعد من مخلفات عصابة 92؟؟؟ و إن حدث مكروه لهذا الوطن فسنحمل المسؤولية لأغبياء السياسة المتعالمين؟

  • مامون

    كلام عقلاني سليم. حقيقي نتمنى ان يطلع عليه المواطنون.شكرا

  • هيثم

    المقارنة ليست بالمفيدة فما في الجزائر سيء و ما في تلك البلدان أسوء، و دماء الجزائريين لا تسال ليس "بمزية" القائد صالح بل لأن ذلك أبسط الحقوق و أولها قاعدية أليس و هو الحق في الحياة!! و ليس بالشيء الذي يُتغنى به كما تفعلون.
    لا أعارض بقية المقال، و الأشياء ليست بالبساطة التي تمكننا من اتخاذ آراء ثابتة، و لكني أؤكد موقفي فيما يخص تلك المقارنة المقرفة.
    ذكرتمونا بم فعله أويحي ببثه صور مجازر سنوات التسعينيات قبيل الانتخابات، و كأن لسان حاله يقول: هناك ما أسوء تقبلونا أو ارحلوا. قارن و حلل، والفاهم يفهم...

  • عبدالله FreeThink

    أيضا كتصحيح لما قلت، نهضة العراق كانت على يد الرئيس الذي سبق صدام حسين ، ألا وهو "أحمد حسن البكر "، وهو من أمم المحروقات، وشهد العراق في زمنه نهضة اقتصادية وقالت منظمة اليونيسكو في عهده أن التعليم في العراق أصبح يضاهي التعليم في الدول الإسكندنافية.
    وقد أطاح به صدام حسين وحزب البعث بإنقلاب تحت حجة كاذبة حيث زعموا أنه مصاب بمرض الرعاش. صدام استلم العراق على أحسن مايكون وبدل أن يزيد من تطويره، دخل مباشرة في حرب ضد إيران ليست في صالحه بل لمصالح الغرب وأمريكا والسعودية ولثقته العمياء فيهم وطموحاته الشخصية.
    أما ما جاء في بقية المقال فأنا معك فيما تقول. كل من له بصيرة يرى الفرق ويحمد الله.

  • عبدالله FreeThink

    دعنا لا ننسى أن صدام أمريكا من أوصلته إلى السلطة وكان هو رجلها، الذي استعملته فيما بعد للهجوم على إيران، كنوع من الانتقام بعد طرد الشركات الأمريكية والبريطانية غداة الثورة الإيرانية وأزمة الرهائن وماحدث بعدها
    صدام استلم الأموال والسلاح والدعم من أمريكا والسعودية والكويت، وأدخل بلده في حرب خسر فيها الطرفان مليون ومئتي ألف نفس بشرية أزهقت من غير داع، وألف وستمئة مليار دولار خسائر..والحجة كانت سخيفة جدا ، خلاف حدودي على بضعة مناطق ..وفي الأخير لم يتغير شيء بقيت الحدود على حالها بعد الحرب ولم يربح سوى إسرائيل وأمريكا ، التي بعد أن أضعفت البلدين وضعت عينها على العراق وأكملت المهمة باحتلاله.

  • الجزائري

    كفاحم عبادة للطغاة و الانقلابيين و بكاءا عليهم صدام مثل بومدين لم يصل الى سدة الحكم بارادة شعبية ووانما وصل بالانقلاب تلو النقلاب وكلامهما قهر شعبه و قتل المعارضين له فصدام حكم شعبه بالحديد و النار و سلط عليه العذاب الاكبر فالمقابر الجماعية لا تزال تشهد على ظلمه و جبروته و سكان حلبجة مازالت عالقة فيةاذهانهم هجمات الغاز التيتعرضوا لها و وزير دافاعه ما زال يعرف بعلي الكيمياوي و هو من مهد الى احتلال العراق ليصبح كما هو عليه اليوم و ذالك لابتعاده عن شعبه و كره الشعب له فوجد العدو منفذا للدخول تذكروا مشهد اسقاط تمثاله كيف كان الشعب ينهال عليه صفعا بالاحذية