-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا تشمتوا في سوريا!

لا تشمتوا في سوريا!
ح.م

منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا قبل سبع سنوات، ظلّ الانقسام الرسمي والمجتمعي والسياسي والنخبوي يتسع في الشارع العربي والإقليمي على كافة المستويات بشأن الأحداث الجارية، خصوصًا بعدما تعسكرت “الثورة” ودخلت كافة الأجناس من أصقاع الكون على خط النار المحرقة بين الإخوة الأشقاء، بين مؤيدٍ لمعسكر النظام الطائفي المقيت الذي يقوده سفّاحٌ سامت عائلتُه السوريين سوء العذاب طيلة عقود، ولا يزال يتمادى في قتلهم وتشريدهم وإبادتهم حتى يخلو له وجهُ دمشق، وفي الجانب الآخر، يصطفّ أنصار المعارضة في كل مكان بخلفيات متباينة وأجندات متضاربة، يوحّدها في العلن نصرة الشعب السوري في مطالب الحرية والكرامة، وتروم في السرّ مصالحها القوميّة والاستراتيجية على حساب وحدة سوريا وكيانها وحاضرها ومستقبلها، دون أدنى مراعاة للقوانين الدوليّة والقيم والأخلاق الإنسانية!
لقد كان مفهومًا أن يختلف الناس على اختلاف فئاتهم ومشاربهم في تقدير الوضع والموقف مما يجري في بلاد الشام الجريح، لكن من الخطيئة أن يهلّل بعضهم لعدوان غربي سافر وبغيض على موطن من حظائر العروبة والإسلام، بداعي إسقاط “الطاغية”، كأنّهم يجهلون نوايا الأمريكان والفرنسيين والإنجليز في المنطقة!
واهمٌ من يعتقد أنّ “العدوان الثلاثي” الجديد جاء لمؤازرة السوريين في محنتهم، وقد تُركوا سنوات يواجهون مصيرهم المحتوم في الفناء والخراب المُبرمج، بل إنّ الجميع تورّط في تدمير سوريا، أمّا إنْ كان الفرحون بضربات الأعداء يدركون دوافعها الخسيسة وحساباتها النفعيّة في لعبة الأمم، ولكنهم يعمون أبصارهم ويصمّون آذانهم عن الحقيقة لحاجةٍ في نفوسهم، فتلك هي الطامّة الكبرى!
رفضنا من قبل تدخل مليشيات “حزب الله” والجيش الإيراني في فتنة يُفترض أنها بين أبناء الوطن الواحد، مثلما شجبنا بقوَّة جلب المقاتلين من شُذاذ الأرض وتحويل سوريا النازفة إلى ساحة حربٍ كونيّة، فلماذا يكيلُ اليوم بعضٌ من بني جلدتنا بمكيالين؟ أليس ذلك اعترافا صريحا بأنّ المعركة ليست إطلاقًا سوريّة، بل هي “تصفية حساب” بين دول المنطقة والقوى العظمى في العالم؟!
آلمنا كثيرا الخلط بين تأييد جزء من الشعب السوري، حتى لو كان يمثل الأغلبيّة، وبين التشفيّ في وطن عربي يحترق في حرب استنزاف واسعة لمقدّرات الأمّة كلها، بهدف رسم معالم خارطة جديدة في المنطقة، حيث تكون دائمًا دولة الكيان الصهيوني في مركز المخطط الخبيث، بغضّ النظر إن كانت دمشق فعلًا ضمن محور الممانعة أو المقاومة أو المخادعة!
لقد كان حريّا بأولي العقول والقلوب أن يتمعّنوا فقط في رمزيّات بسيطة، ولكنها تُحيل ذاكرتنا العربيّة على فواجع تاريخية ضربت الأمة في مقتل، ليتريّثوا قليلًا قبل إطلاق العنان لأفراحهم بقصف سوريا على يد “القوات الصليبيّة”، فهل فقدنا الإحساس بالوجع القومي الذي ألمّ بعاصمة العبّاسيّين في ربيع 2003؛ يوم استباحها في مثل هذه الأيام من شهر أفريل بوش الوغد، ومنْ ظاهَرَه ظلمًا وعدوانًا من الحاقدين والمتآمرين والخونة، حتّى نبارك ثانية ضرب دمشق؟!
ليت الغافلين من قومنا يسترجعون تدخّل حلف “النيتو” في ليبيا وتصفية ساركوزي للعقيد القذافي، ويتأمّلون في الشهادات العلنيّة لعواصم عربية حول دعم الجهاد الأفغاني في ثمانينات القرن العشرين لتنجلي الغشاوة عن وعيهم الكليل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • بوليفه

    كنانتمني ان يقضي علي اخر الديكتاتوريين العرب بشار الاسد ولكن سياتي يومه اجلا ام عاجلا انهم قهروا شعوبهم وقتلوا الاطفال بالكيماوي مصيره كمصير القدافي صدام حسين زين الدين بن علي ورئس اليمن السابق انهم طغاه

  • محمد

    أستغرب أن يقال هذا الكلام في 2018 لقد ظهر الحق للعيان ، الرئيس السوري قام بواجبه ضد المرتزقة و الارهابيين المدعمين من السعودية و قطر و تركيا .

  • layoul halim

    مازالت بعض الاقلام تفتح كلمة لو لم يكن بشار لما كانت تلك المجازر وهل يوجد مجرم واحد فقط في هذه المعمورة بل هناك الكثير من المجرمين مثل هتلر وموسوليني وستالين وربما لو كان حاكم من دول الخليج الذين يتغنون بحقوق الإنسان والدفاع عن الشام في سوريا لفعل أكثر من بشار , فالله لذيه حكمة كبيرة لا نعلمها في عدم اسقاط النظام السوري أو قتل حاكم دمشق وإلا لفعلها في رمشة عين .

  • وائل

    يا إخواني المعلقين والكتاب والمتعاط وغيرهم لا تبالغوا في المراهنة على الحكام الظلمة ولا توغلوا في تبييض صفحة المجرمين، ولا بد من التفريق بين البلد -سوريا الرائعة- وحكام البلد -بشار وطغمته- فنحن نعتز بكل بلدان العرب والإسلام ونحب كل البشر لأنهم مخلوقون لله، ونكره الإجرام وكل المجرمين مهما كانوا حتى ولو كانوا يحملون أسماء في شهادات الهوية بأن أسماءهم محمد وأحمد -حاشا رسول الله- أو بشار أو عبد الفتاح أو معمر … والطغاة كثيرون في واقعنا العربي الراهن وفي تاريخنا كما أن الحكام العدول الصالحين والعلماء العاملين كثيرون أيضا، نرجو منكم وضع النقاط على الحروف وأن تدعوا العصبيات العمياء والكلمات الجوفاء

  • وائل

    يجب التفريق بين البلد - سوريا- وحكام البلد -بشار وطغمته- فالأول أي سوريا منا ونحن منه، وأما الثاني فمجرم سفاح طاغية... أخلاقيا وإنسانيا ودينيا وقوميا وتاريخيا لا يجوز التعاطف معه فضلا عن الدفاع عنه

  • عبد الرحمن

    لا مجال لتغطية الشمس بالغربال، فكل من تسانده أمريكا والغرب عموما، وكذا إسرائيل: فهو على مليار خطأ، بل هو من المرتزقة بامتياز، ويجب دحره وإزالته بأي طرقة كانت.فالذي ينكر فكرة الوطن و الدولة من أساسهما، فكيف يستطيع أن يكون وطنيا. فالمرتزق وطنه الدينار و الدولار و جهاد النكاح.لقد سقطت جميع الأقنعة،وظهرت الخيانات جلية للأعمى قبل البصير. فالربيع العربي كذبة كبرى عملاقة الغاية منه خدمة إسرائيل والتمكين لها في أرض الإسراء و المعراج تمكينا أبديا. فالربيع العربي الغاية منه صفقة القرن التي أعلن عنها بكل وقاحة و صفاقةوجه، وهذه الصفقة تشمل حتى الأراضي السورية. فلسورية الحق كل الحق في الدفاع عن أرضها!!!

  • محمد

    لو لم يكن للدولة السورية ورئيسها بشار الأسد حاضنة شعبية ..لأنهار النظام منذ سنوات عديدة . أوجه خطابي للكتاب والمثقفين والصحفيين..أستحلفكم بالله أن تقوموا ببحث شامل في كيفية بداية الصراع وخلفياته الإقتصادية والجيوسياسية مع الإعتماد على المصادر المستقلة بالدرجة الأولى في الشرق والغرب ومقارنة الأحداث السورية بالثورات والفتن التي صنعتها المخابرات الأمريكية والغربية على مدى قرن من الزمان..وتقديم الخلاصة لنا كملف في هاته الجريدة. لنرى هل حقيقة كان الرئيس بشار طاغية مجرما أم أن التقارير كلها كانت ملفقة. تاريخ أمريكا مشبع بمن تسميهم طغاة مجرمين وماهم إلا أحرار لم يرضوا بتسليم سيادتهم.

  • الصادق بن موسى

    قراءة صحيحة وصريحة للواقع السوري...ولكننا بحاجة الى وصف الدواء بعدما عرف الدّاء

  • امير سعودي

    انا فرحت لقصف سوريا وكنت اود لو استمرت حتي سقوط الديكتاتور وانا احمل النظام السوري كل المشاكل والمصاءب التي حلت بهذا البلد المسلم عندما قتل الشعب وقصفهم بالبراميل المتفجره واستعان باعداء المسلمين التاريخيين والحاقدين علينا وهم الفرس والشيعه لقتلنا واستعان بالروس المجرمين ولم يطلق رصاصه واحده علي اسراءيل