-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا تقتلوا أحلام الجزائريين

لا تقتلوا أحلام الجزائريين
ح.م

قبل أيام قليلة عن نهاية آجال إيداع ملفات المترشحين لموعد 12 ديسمبر المقبل، تتسارع الأحداث في الاتجاه المعاكس لطمأنة الجزائريين حول ظروف الاستحقاق الرئاسي، في وقت يفترض أن تزيد الثقة في سلامة المسار الانتخابي ونجاعته، للخروج من مأزق الأزمة السياسية والمؤسساتية المتواصلة منذ ثمانية أشهر، وهي مفتوحة على كل الاحتمالات حتى لو صار للجزائر رئيسٌ منتخب نهاية العام الجاري.

لقد دافعنا كثيرا عن مبدأ الاحتكام إلى الإرادة الشعبية، ولا نزال مؤمنين أنّ المخرج الوحيد الآمن من الوضع هو الحوار والصندوق، وإذا كنا قد تجاوزنا المحطة الأولى ولو بأضعف النتائج، فإنّ الذهاب إلى عملية الاقتراع المرتقبة يستوجب توفر المناخ العام لتحفيز المترشحين والمواطنين على المشاركة في السباق نحو قصر المرادية.

لقد استبشرنا خيرًا باعتماد سلطة مستقلة للإشراف على الانتخابات، وعلى كثرة الانتقادات التي طالت هيكلتها المركزية، سواء من حيث الأشخاص أو طريقة تعيينهم، فإنّ الجزائريين لم يفقدوا الأمل أن تؤدي دورها في تأمين نزاهة الاستحقاق، رافضين إصدار أحكام مسبقة وإطلاق اتهامات جاهزة في حقها.

لكن بمرور الوقت، ومع قرب محطة الوصول، نخشى أن يتراكم الشك في قلوب الكثيرين، وهم يرون بأم أعينهم مؤشرات لا تبعث على التفاؤل، ويسمعون شكاوى من فرسان طالما وثقوا في خوض رئاسيات مختلفة عن سابقاتها.

لقد بدأ الخوف يتسلل إلى الجزائريين باختراق سلطة الانتخابات من طرف مئات الأشخاص المشتبهين سابقا بالتواطؤ في تزوير إرادة الناخبين، وتسمية عشرات الأعضاء في المندوبيات الولائية، وفق اعتبارات ذاتية لا تمتُّ بصلة إلى مقتضيات تلك المسؤولية، ودون شك، سيتفاقم الأمر أكثر مع تنصيب هياكل اللجان البلدية.

والأسوأ أن تتمّ عملية مراجعة القوائم الانتخابية دون أي أثر للسلطة المستقلة، بينما يشكل الوعاء الفعلي للناخبين واحدة من مطبات الانتخابات في الجزائر منذ عقود، وقد كان تطهيره ضمن أهم مطالب الطبقة السياسية خلال السنوات الأخيرة.

اليوم نسمع حديث راغبين في الترشح من الأسماء الوازنة والمطلعة على مجريات الأمور الإدارية، يتهمون ولاة وأمناء عامين بالتدخل في عملية جمع التوقيعات، بل يروجون لمرشحين باسم الدولة، ما يقتضي على الأجهزة المخولة التحرك العاجل للوقوف على حقيقة تلك الوقائع.

وما يزيد من قلق المواطنين على مستقبل الانتخابات هو بقاء الحكومة الحالية تدير شؤونهم بشكل طبيعي كأنها منبثقة من إرادة الشعب، وقد يستمر وجودها إلى ما بعد الانتخابات، مع أنّ رحيلها شكّل قبل أسابيع شرطا مشتركًا بالإجماع بين هيئات كريم يونس ومحمد شرفي والمتقدمين لسباق الرئاسيات، حتى صارت الأنباء متواترة عن أوان مغادرتها.

حكومة نور الدين بدوي لم تكتف بالبقاء جاثمة على صدور الجزائريين، بل تعدّ الاستفزاز منها إلى الإقدام على النبش في قانون المحروقات وما أدراك ما المحروقات، وهو ما يفسر ردود الفعل الواسعة منذ الجمعة 34 من الحراك.

لا أحد ينكر أهمية الملف السياسية والاجتماعية، كون المسألة ليست مجرد تدابير تقنية لتحفيز الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط كما يراد تسويقها، بل هي قضية تتعلق بقوت الجزائريين في بلد يعيش على ريوع البترول.

نحن لا نشكك أبدا في نيّات الدولة بهذا الصدد، بل ننبه إلى حساسيّة الملف من المنظور الشعبي في سياق حَراكٍ يتغذى على الإشاعات، ويتوجس من كل خطوة تخص رسم المستقبل في غياب سلطة كاملة الشرعيّة.

قانون المحروقات السابق في 2005 أحدث زوبعة تاريخية حتى اضطرّ الرئيس المستقيل إلى تجميده بعد عام واحد من إقراره، معترفًا حينها بخطورة مآلاته على مقدرات البلاد وحقوق الأجيال، فكيف بحكومة تصريف أعمال تجرؤ اليوم على تقرير مصيره على عجل؟

إنّ هذه المعطيات التي أتينا على إيرادها وغيرها مما لم يسع المقامُ لذكرها، كلها عوامل ترفع من منسوب الخوف والحيرة، وتستوجب من الرجال المخلصين في السلطة وقفة مسؤولة أمام التاريخ، حتى لا يئد العابثون باستقرار الوطن أحلام الجزائريين في المهد.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • جزائري حر

    الجزائر ليست بحاجة إلى رئيس بقدر حاجتها إلى دولة قانون.

  • الشعب

    سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِـلاً ويَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَـارِ مَنْ لَمْ تُـزَوِّدِ

  • ياسين

    لو لا أغبياء السياسة و عباقرة المكر و الخداع لكانت الجزائر يقودها رئيس منتخب منذ أشهر و لكانت حكومة بدوي رحلت مع مجيئ الرئيس المنتخب شعبيا؟ لكن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟