-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا لوم على “اليوتوب” و”سناب شات”

لا لوم على “اليوتوب” و”سناب شات”

استخدام الانترنت من قبل شبابنا أمرٌ جيد، والتحكم في ذلك أكثر من مطلوب. كما أن استخدام أدواتها المختلفة من أجل الاتصال أمر لا نستطيع تجاوزه، بل علينا تربية وتكوين أبنائنا للتعامل مع هذه التكنولوجيا الجديدة. إنهم الآن يتعاملون مع الانترنت بالطريقة التي يعرفون دون توجيه أو استراتيجية أو تدريب. كلٌّ يتحرك على هواه وبطريقته، من غير معرفة الفرص المتاحة له والمخاطر المُحدَقة به.

بالأمس فقط هناك من استطاع جمع آلاف الشباب في موعد واحد وفي مكان واحد باستغلال “السناب شات”، وقبله استطاع غيره جمع أكثر من مليون مشاهدة لمقطع اليوتوب الذي أعدَّه بنفسه وبوسائله الخاصة، والعشرات، بل المئات ممن أصبحوا يسمون بـyoutubeur (صانعي  مقاطع اليوتوب المختلفة)، وsnapchateur (صانعي مقاطع فيديو أو منتجي صور عبر تطبيق snapchat) الذين يدخلون يوميا هذا العالم الافتراضي في محاولة للاستفادة من خدماته غير المحدودة… هل هم على خطأ؟ هل ينبغي أن نقف منهم موقف المتفرج؟ أم علينا التعامل معهم كواقع جديد لترشيد نشاطهم وتوجيههم نحو الأفضل؟

إني أتصور أنه من غير المنطقي أن نَمنع شبابنا من استخدام هذه التطبيقات التي تبلغ قيمتها ملايير الدولارات في السوق العالمي، ومن غير المقبول أيضا ألا نفهم ما الذي يريدون التعبير عنه من خلال هذه الفضاءات المتعددة الأشكال والألوان.

المُتابع لمثل هذا النشاط المتزايد بين الملايين من الشباب في بلادنا يتبين له أنهم يتحركون بتلقائية ومن غير أي توجيه أو رعاية مباشرة أو غير مباشرة. منهم من استثمر في السخرية وحقق نجاحا، وهناك من استثمر في السياسة، وآخرون في اللباس والموضة، أوفي الطبخ والسفر ونمط الحياة… الخ، بل لا يوجد مجالٌ من مجالات الحياة إلا كان لهم فيه رأي من غير حاجة إلى وسائل الإعلام الثقيلة كالتلفزيون والصحافة، ومن غير حاجة إلى تقنيات عالية أو ميزانيات كبيرة. يكفي الفرد منهم هاتفا ذكيا واتصالا بانترنت، وفي أحسن الأحوال كاميرا عالية الجودة لمن أراد أن يكون أكثر مهنية.

لذلك، علينا إذا أردنا أن نتعامل مع هذا الواقع الجديد، أن نتعامل معه وفق منظور الشباب لا وفق منظورنا، ووفق حاجتهم لحرية التعبير والنشاط عبر التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال المتوفرة لديهم. لقد ولَّى زمن المنع والتخويف وأصبحنا أمام زمن ينبغي فيها أن نُشجِّع المبادرة الحسنة لتُنافِس المبادرة السيئة أو السخيفة. ولتشجيع المبادرة الجادَّة والحسنة، علينا توفير التدريب اللازم والتوعية اللازمة والمرافقة اللازمة لهؤلاء الشباب بدءا من سنواتهم الأولى في المدرسة، بل ينبغي  إدراج تكوين في هذا المجال ضمن برامجنا التعليمية لتغليب محاسن التكنولوجيا على مساوئها، وذلك يحتاج بالفعل إلى رؤية واضحة لبلادنا في هذا المجال لا إلى مزيدٍ من اللوم والانتقاد لشباب ذلك ما استطاع أن يقوم به، وقد قام به في كثيرٍ من الأحيان على أحسن وجه، أحسنوا في الجد وأحسنوا في الهزل. ينبغي رؤية ذلك من زاوية الأمل لا من زاوية اليأس بالنسبة لهذا الجيل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • Sedik

    السلام عليكم يا دكتور
    منذ فجر جريدة الحقيقة الرائدة لم أراسلك، فمثلك و بلا مجاملة لمن يقدرون العقول قبل البطون ، أن تنشأ مركز دراسات و أبحاث دولي.
    و لا يقتصر دورك في وطن أضاعوه وراء لقمة خبز و نسي أن يرفع رأسه.
    قرؤك بل تلميذك الصديق

  • ابو انس

    السلام عليك استاذنا سليم قلالة الرائع بمقالاتك المهمة والهادفة فعلا نحتاج موجه لشبابنا في هذا البحر المتلاطم وان شاء الله يكون خيرا

  • مجبر على التعليق - بعد القراءة

    يا استاذنا و الله و الله و الله عدد ما خلق الله الكون الا القلة القليلة تفهم و تحسن استخدام الانترنت
    الناس الكل تثبت برامج و الله متعرف منو غير الاسم فلا تقرا شروط الاستخدام حتى نهار تطفر
    ابسطها لعلمك استاذنا الصور التي تضعها في الفيسبوك تصبح ملك له و ليس لك و لو قمت بحذفها
    شبابنا شباب مستهلك لا يصلح لاي شي اللهم الا القليل .......... ليس كالشباب الهندي و الكوري و الياباني و الروسي همهم صناعة برامج قد تفيد يوما امته

    بالمختصر المفيد قاعد يعقب في الوقت
    و شتان بين من يقتل في الوقت و بين من لم يلحق بوقته لصناعة حلمه

  • شخص

    الأنترنت و غيرها من وسائل الإتصال هي كالمشرط الذي إذا استعمله الجرّاح، أنقذ الناس و إستعمله المجرم قتلهم !
    شباب اليوم (إلاّ قليلاً) أصبحوا كالمنوم مغناطيسياً في استعمالهم لهذه الوسائل. شرود تام و انقطاع عن الأهل (خاصة الوالدين) و الجيران و الأصدقاء (الحقيقيين و ليس الافتراضيين) و لا تتحدث عن الإلمام بما يجري في العالم من دسائس و مؤامرات على شعوبنا الغافلة دينياً و دنياوياً ! ! !

  • عبدالنور

    أول تدريب عليهم فهمه, هو عدم اعطاء معلوماتهم الشخصية لشركات تجارية أجنبية, وعليهم احترام خصوصيتهم وخصوصية الآخرين. ففقدان الحق في الخصوصية بسبب كمية المعلومات التي تحصل عليها شركات السيليكون فالي تلك, تؤدي بالتدريج الى فقط الحرية.
    التدريب الثاني, هو صنع تطبيقاتهم الخاصة وخوادمهم الخاصة, أو على الأقل تكون محلية جزائرية, لماذا لانملك نحن معلومات الاجانب وليس العكس? أو على الاقل نجعل معلوماتنا محمية.
    لن يعطيك الأجنبي أي شيء بدون مقابل , وأي خدمة أو موقع مجاني, يعني أنك أنت هو السلعة المراد بيعها. اليوم أصبحت معطيات الأشخاص تسمى النفط الجديد, لما تدره من أموال لمن يجمعها ويبيعها.