-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مؤرخون ودبلوماسيون وإعلاميون يقرؤون تقرير بنجامين ستورا:

لا مناصّ لفرنسا من الاعتراف بجرائم الاستعمار

الشروق أونلاين
  • 3539
  • 14
لا مناصّ لفرنسا من الاعتراف بجرائم الاستعمار
أرشيف

يستوقف التقرير الأخير الذي أعده المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا حول الاستعمار وحرب التحرير الوطنية، أولا وقبل كل شيء، الطبقة السياسية الفرنسية بغية التصالح مع ذاكرتها، لأنه ليس “صيغة جديدة” لتاريخ الاستعمار الفرنسي في الجزائر، بل “واقع الذاكرة”، حسب ما أفاد به مؤرخون جزائريون.

أكد المؤرخ الجزائري محمد ولد سي قدور القورصو أن التقرير الذي قدمه بنجامين ستورا الأربعاء الفارط للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، “يستدعي بادئ ذي بدء من كافة الطبقة السياسية الفرنسية التصالح مع ذاكرتها، قبل أن يكون خارطة طريق تمهد لمفاوضات حول مواضيع حساسة بين الجزائر وفرنسا قصد إقامة مصالحة في المستقبل ليس بشأن الذاكرة فحسب، وإنما مصالحة سياسية وإستراتيجية وعلمية واقتصادية وثقافية… الخ”.

وأوضح المؤرخ أن “جهد إقرار الحقيقة مطلوب من أعلى السلطات الفرنسية المدعوة إلى الاعتراف بالجرائم المرتكبة باسمها خلال 132 سنة، لاسيما خلال الفترة 1945-1962، والجهد ذاته مطلوب من المواطنين الفرنسيين الملزمين بالتصالح أولا مع ذاكرتهم”، مشيرا إلى أن “حرب الذاكرة” هي قبل كل شيء حرب في “الذاكرة الفرنسية” في حد ذاتها، حسب مقابلة أجراها مع وكالة الأنباء الجزائرية.

الاعتذار والندم لا يكفيان ليستعيد الجزائريون كامل حقوقهم

من جهته، شدد الخبير في علم الاجتماع والمؤرخ حسان رمعون أن هذا التقرير يستجيب للطلب الذي قدمه الرئيس ماكرون “ولا يتعلق الأمر بإعداد صيغة جديدة لتاريخ الاستعمار الفرنسي في الجزائر وحرب التحرير الوطنية، وإنما هو عرض لواقع الذاكرة وانعكاساته على العلاقات الجزائرية والفرنسية”.

كما أوضح رمعون أن الهدف من هذه الخطوة هو “الاضطلاع بالنزاع الكبير الذي أورثه التاريخ في هذا المجال وتهدئة ذاكرة المعنيين قدر الإمكان”، معتبرا أن المؤرخ ستورا “حاول أن يؤدي دور المسهل من خلال اقتراحه السبل والإمكانيات التي من شأنها أن تفسح الطريق في هذا الاتجاه”.

وبخصوص مسألة اعتراف فرنسا بالجرائم التي اقترفتها خلال احتلالها للجزائر، قال المؤرخ حسان رمعون أن “طلب الاعتذار وندم الفرنسيين لا يكفيان ليستعيد الشعب الجزائري كامل حقه بعد كل ما عاناه”، مضيفا ان “الاعتراف الصريح بالجرائم المرتكبة من شأنه المساهمة في تهدئة العلاقات بين الشعبين”.

وتابع قائلا “اعتقد صراحة أننا ثأرنا من الاستعمار حينما حررنا وطننا واسترجعنا شرفنا ولكن شرف الفرنسيين على المحك لاسيما بعد الجرائم التي ارتكبوها التي تؤرق ضمائرهم. إن الانتقال إلى طلب الصفح والاعتراف بجرائم الاستعمار المرتكبة سيتم حينما يصبحون جاهزين للقيام بخطوة شجاعة كهذه”.

ويرى محمد القورصو أن تقرير المؤرخ ستورا هو “خطوة متقدمة” مقارنة بمواقف الطبقة السياسية الفرنسية “التي سادت غداة استرجاع السيادة الوطنية والتي لا تزال مهيمنة لحد الساعة على مستوى بعض الدوائر التي لا تتوانى في إبداء استيائها عندما يتعلق الأمر باحتلال الجزائر وحرب التحرير الوطنية”، مضيفا في هذا الإطار “إن هذا التقرير لم يكن ليرى النور لولا إصرار الجزائريين منذ الاحتلال ومرورا بالحركة الوطنية وبيان الفاتح نوفمبر إلى غاية ممارسة سيادتهم، على المطالبة بحقهم الذي لا يسقط بالتقادم في تاريخهم وهو ما أقصاهم منه المستعمر، متسببا لهم في ضرر لا يمكن إصلاحه”.

واعتبر القورصو أن هذه المطالب التي “تم تجاهلها والتقليل من شأنها بدأت تأخذ المنحى الصحيح” بفضل “وعي” رؤساء الجمهورية الفرنسية الذين تولوا الحكم منذ نهاية التسعينيات”.

وصرح رمعون أنه “حتى وإن كان بنجامين ستورا لا يقلل من شأن هذه المسألة المعقدة، فهو يعتقد بإمكانية حدوث تقدم في هذا الشأن مثلما حدث في الماضي، مضيفا أن التقرير حول الذاكرة لا يمس الدول فقط، بل جوانب متعددة من المجتمعات المعنية مع آراء تبعث أحيانا على الفرقة داخل البلدان المعنية”.

ويعتبر المؤرخ حسان رمعون أن بروز أجيال جديدة “تجدد طرح تساؤلات ومشاريع مجتمع، وعمل تجميع المعارف الذي يقوم به المؤرخون من خلال مواقف نقدية ومؤسسة منهجيا” يمكن أن يبعث على التفاؤل، حتى “و إن لا تظهر آثاره على الفور”. وهذا ما يفسر، حسب قوله، أن مسألة تبجيل الهيمنة والأيديولوجية الاستعمارية مرفوضة في كل زمان ومكان. كما يعتقد رمعون أن المضي قدما في حل المشاكل الموروثة عن الماضي “مفيد لكلا البلدين”.

قضايا كثيرة تغاضت عنها ورقة ستورا

وفي رده عن سؤال عما إذا كانت الجزائر ستكسب شيئا من هذا التقرير حول الذاكرة؟ أجاب البروفيسور حسان رمعون بالإيجاب، ولكن بشرط “عدم اعتبار أن المشكلة ستُحل كاملة دون مسائل الذاكرة”، معتبرا أنه سيكون من الضروري دائما “إتاحة الوقت الكافي لهذه المسألة خاصة وأن الأمر يتعلق بنزاع ثقيل ثقل ذلك الموروث عن الاستعمار وآثامه”.

وأكد أن الجزائر “للأسف ليست الوحيدة المعنية بالمسألة، حتى لو اعتبرنا أنفسنا واعتُبرنا من قبل الآخرين حالة رمزية”.

وبخصوص مختلف النقاط التي تطرق لها تقرير ستورا والتي تعكس “وجهة النظر الفرنسية”، حسب محمد ولد سي قدور القورصو، يرى هذا الأخير أن هناك “بالطبع أسئلة كثيرة تم التغاضي عنها والتي سيُثيرها ويناقشها، في وقتها، الطرف الجزائري”.

ويرى من جهة أخرى المؤرخ حسان رمعون أنه “تم طرح أسئلة مهمة في هذا النص وهذا هو الحال، لاسيما بالنسبة للسؤال المتعلق بالأرشيف ومسألة الاعتراف بالمأساة التي عانى منها الجزائريون”.

وفي الأخير، قال أن الأمر يتعلق “بمفاوضات جارية والأهم هو معرفة كيفية تحديد الأهداف والمراحل التي يجب المرور منها”، معتبرا أنه “من الضروري أيضا تعبئة جميع الموارد اللازمة لإنجاحها”.
س. ع

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • المحلل

    إلى صاحب التعليق رقم 4 واضح انك مخزني محسد.

  • محمد

    يا من تمنى قضاء ليلة واحدة في أقبية باريس في حياته ثم ينتحر ها هو السيد ماكرون تكلم بالهاتف مع رئيس دولتنا فماذا تريدون؟نحن كنا دائما أحفاد الجيش الفرنسي الذي نظف أرضنا من الأغبياء الذين ضحوا من أجل الوطن.ألم تتذكروا الفتات الذي جناه الأذكياء منا وقد غمرتهم العبودية وسحرتهم الأرض الخضراء لما انخرطوا للدفاع عن بقاء سادتهم؟لقد رضي عنا ماكرون وفهم أننا لا نبتغي الجاهلين الذين درسوا في الجامعات وتلقوا معارف وتقنيات كادت تجعلهم من بناة الأوطان.يكفينا أن يبتسم لنا مكرون وينعشنا بكلمات ننام بعد سماعها.فيلركن إلى الخفاء من زعم أننا نريد تصنيع بلدنا أو نحرث أرضنا أو نعلم أجيالنا حتى نصل إلى مصف البشر.

  • كمال

    كلام المؤرخين و الخبراء ليس رسمي نحن نريد من السيد الرئيس او الوزير الاول ان يبدي رأيه بتقرير ستورا .. لان السكوت طال

  • أحمد / الجزائر

    فرنسا قبل 1830 لم تكن حضارة، كانت موطن الأسياد، ملوك أمراء إقطاعيين جيوش.
    - بعد 132 سنة من احتلال الجزائر تم نهب كل خيرات البلاد، ناهيك عن القتل والسجن والتعذيب والتشريد والإستعباد وغيرها من الجرائم التي يستحي التاريخ من ذكرها .
    - 90 % من مصانع فرنسا وبناءاتها واسفلت شوارعها والدواعم المعدنية لجسورها ومعالمها التي تفتخر بها (كبرج إيقل) هي مواد منهوبة من بلادنا، هذا بالإضافة إلى السلع الغذائية المنتجة في الجزائر التي كانت تعمر أسواقهم ومحلاتهم كالحبوب والخضر والفواكه وغيرها.
    - الحكم العادل على فرنسا هو تدفيعها ثمن ما نهبته من الجزائر.لا نطلب تعويضا.بل تسديد أثمان سلع 132 سنة.

  • كلمة حق طمسها الإفتراء

    يا معشر الجزائريين: إن الاستعمار كالشيطان الذي قال فيه نبينا صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه رضي أن يطاع فيما دون ذلك)، فهو قد خرج من أرضكم، ولكنه لم يخرج من مصالح أرضكم، ولم يخرج من ألسنتكم، ولم يخرج من قلوب بعضكم، فلا تعاملوه إلا فيما اضطررتم إليه، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها.

  • المتمرس

    لم نسمع لشيخي ركزا؟

  • قبائلي قح

    اسمه بن يمين استورا ، يهودي الديانة ، فرنسي الجنسية ،

  • خالد

    العجوز الماكرة تريد ان تجعل من ( اعترافها بجرائمها و اعتذارها ) ورقة ثمينة لن تخرچها الا بمقابل من الطرف الذي يطلبها .....حذار منعرجات خطيرة

  • LALAHOUM

    إبدأو أنتم بالإعتذار بالقبض على السفاح نزار ومحاكمته ،إبدأو أنتم بالإعتذار بإخراج فرنسا من عقولكم

  • Said

    هناك اثنان لا يعترفان ابدا بما اقترفت يدهم من جرائم الفرنسي والعربي .
    لا تنتظر العدر من فرنسا ولا من العرب
    البريطانيون اعترفو بالفضائع التي ارتكبوها
    الاسبان كذالك
    الروس اعترفو بما اقترفو من فضائع بافغانستان
    الامريكان يصرحون عن اخطائهم
    حتى اليهود يعترفون بتجاوزاتهم بعض الاحيان
    لكن فرنسا لم تعترف ولو مرة واحدة ليس فقط بما حصل بشمال افريقيا بل حتى بما اقترفه نابليون او غيره من الجنرالات في شتى بقاع العالم من فيتنام مرورا بافريقيا الغربية والجوائر ووووو.

  • Lifescream

    الأرقام الرسمية تؤكد موت مائتان و خمسون ألف جزائري في حرب الجزائر فلا ادري من اين اتى الإخوة بمليون و نصف شهيد هذه كذبة جمال عبد الناصر التي تبناها بومدين فليس هناك اي رقم بمليون و نصف و في حديث آخر فرنسا القوة الإستعمارية فقدت مليونين شخص في الحربين العالميتين التي قتل فيها تسعين او مائة مليون شخص فهل يعقل ان تفقد الجزائر مليون و نصف فقط بالجزائر بينما الحربين العالميتين كانتا افتك و اقسى من حرب الجزائر لكن المبالغة و لعب دور الضحية جعل الرقم يقفز من 250 الف الى مليون و نصف فليرحم الله موتانا و يهدي احيائها الذين يتاجرون بالموت و بشهادة الشهداء خصوصا ان حرب التحرير لم تبدأ الا في سنة 1954 ف

  • ملاحظ

    ، نفي آلاف المجاهدين إلى كايان وكاليدونيا الجديدة، قانون الأهالي المقيت، نجنيد الآلاف من الجزائريين والزج بهم في حروبها الاستعمارية (إيطاليا، اليونان، القرم، المكسيك، طونكين، تونس، المغرب، سوريا، وخلال الحربين ١ و 2)، مجازر 1945، حرب التحرير بين 1954 و 1962، ضحايا الألغام على خطّي موريس وشال ومن تعرض ولازال يتعرض للاشعاعات النووية الناتجة عن التجارب السطحية والباطنية في الصحراء بين 1960 و1966. بعض رؤوس أقلام تستحق مجلدات كاملة... ما ورد في تقرير ستورا محاولة لتعويم كل هذه الجرائم وغيرها وتغليف لها بأحداث سبّبها الاستعمار نفسه و لا يتحمل الجزائريون مسؤوليتها (المفقودين، أحداث وهران (1962)

  • ملاحظ

    تقرير ستورا تقرير انتخابي اعده صديق لصديق وغلفه بغلاف المؤرخ، فنحن شعب كتب تاريخه بنفسه ولا يحتاج لمن يرسم له معالم لكتابته. ما يهمنا من الدولة الفرنسية هو الإعتراف بجرائم ارتكبت باسمها : سرقة كنز الإيالة شهر يوليو 1830، إبادة قبيلة العوفية بالحراش، الأرض المحروقة، محارق الظهرة، مجازر الزعاطشة، استعمال غاز الخردل في الاغواط سنة 1853 (أكثر من 3500 قتيل في سويعات)، محاصرة جبال جرجرة وقتل سكانها جوعا، مجازر 1871، مجاعات العقد السادس من القرن 19، نفي آلاف المجاهدين إلى كايان وكاليدونيا الجديدة، قانون الأهالي المقيت، نجنيد الآلاف من الجزائريين والزج بهم في حروبها الاستعمارية (إيطاليا، اليونان

  • جزائر وكل شيئ ممكن

    لكلام تاع القورصو ما عجبنيش خلاص بلاك بلاك فيه أن مثل الزعيم اللي مات في فرنسا وهو من حارب فرنسا في كل شبر من ربوع الجزائر ثم دهب هناك لقضاء ليستريح في عطلة