-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا نريد حَراكا تقوده الرايات والوجوه المشبوهة

لا نريد حَراكا تقوده الرايات والوجوه المشبوهة
ح.م

قضت سنن الله ونواميسه في الأرض أن لكل ظاهرة حياتية وإنسانية حيوية وجهين، أحدهما ظاهر واضح مُعلنٌ عنه، يأخذ شكلا من أشكال التفاعلات والنشاطات والإنجازات الاعتيادية. وثانيهما باطن كامن وخفي وغير معلن عنه، ولا يعرفه ولا يطلع عليه إلاّ أصحابه المُضمر ضُمنهم أهدافُه الحقيقية السوداء المغايرة لأهدافه البراقة المعلنة. وقد صاحبت هذه القاعدة في الفهم والتحليل والاستنتاج العمل الحزبي والسياسي والجمعوي والثوري والتنظيمي والإداري والانقلابي.. منذ الأزل إلى اليوم، ولم تشذ عنه أي حركة أو حزب أو ثورة أو تنظيم أو جماعة نجحت في الوصول إلى أهدافها الخفية المبطنة تحت شعار وبريق أهدافها المعلنة.. على العكس من عمليتي التغيير والإصلاح القرآنيتين التي انطلق بها الأنبياء والمرسلون يدعون الناس كافة إلى دين الله في الأرض، فهما عمليتان قائمتان على الوضوح والبيان منطلقا ووسيلة وهدفا وغاية، وهو عبادة وإرضاء الله تعالى وتطبيق شريعته في الأرض.

غير أن الأمر تقرر في عالم السياسة والإدارة والحكم، وإدارة الصراع والتدافع لإزاحة الآخر من القيادة ودفعه نحو المؤخرة والهاوية.. بشكل مغاير تماما البتة، حتى صار لكل الحركات والانتفاضات والثورات والاحتجاجات والأحزاب وحتى السلط الحاكمة وجهان، وجهٌ خفي يضمر منطلقاته وأهدافه وغاياته، ووجه معلن تُرفع فيه شعارات وبيانات ومعالم تمويهية القصد من ورائها جذب أكبر كمية طاغية من الجماهير ذات الثقافة والوعي المحدودين، تلك الجماهير التي يمكن خداعها واستخبالها بالشعارات الزائفة من أرباب الحزبية والتآمرية المقيتة، ومردة المنافقين والأفاقين ممن تمرغوا سنين حياتهم التآمرية في الأقبية والتنظيمات الخفية والمشبوهة، وتنعّموا أوضار تراب الحركات السرية والماسونية والفِرق الهدامة، ورتعوا في رغام نفايات الفكر الماركسي واللينيني والماوي والعلماني الإلحادي المفسد.. ورهنوا قلبوهم واستودعوا عقولهم ونذروا أرواحهم لطاعة وعبادة الآخر المتغطرس.. الذي لا يُسعده أن يرى ديار العروبة والإسلام تعيش في أمن وأمان ورخاء وكرامة.. فيعمل جاهدا على تثوير أزلامه المحترفين في ممارسة العهر السياسي، والمهوسين لنشر الفوضى القيمية والأخلاقية تحت شعارات حقوق الإنسان والحرية والكرامة والسيادة والعيش الكريم والحق في التعبير وإبداء الرأي..

والذين نعنيهم هم الفئام المشبوهة وجوههم وانتماءاتهم من همّل العمل السياسي والحزبي الراديكالي.. الذين رأيناهم يتصدرون طليعة الحَراك الفئوي ضمن مشهد هزلي مكشوف لصناعة قيادة حراكية قديمة جديدة، فشلوا في صناعتها في السنتين الماضيتين، إذ فاتتهم الفرصة يومها في تصدّر وتزعّم الحراك، على اعتبار انكشاف مخططاتهم ومشاريعهم الانفصالية المشبوهة التي طالما أغرقوا بها البلاد وتسببوا في العشريتين السوداوتين وفي تغوِّلِ حقبة الفساد المسكوت عنها، وممن يتصدرون الحديث والظهور عبر المشهد الإعلامي والصحفي والاتصالي والإلكتروني مع قنوات الفتنة الفضائية المهاجرة، ومع قنوات الاستعمار الفرنسي الإعلامية الحاقدة، بحجة حرية الرأي والتعبير والإصلاح والتغيير والنهضة بالأمة..

وليعلم أبناء الشعب الجزائري العزيز أن عمليتي التغيير والإصلاح –كما تقرره الدراسات والأبحاث والمعارف العلمية والحضارية التي نعرفها ونتقنها جيدا- عمليتان شاقتان ومكلفتان وعسيرتان وتحتاجان إلى مدد زمنية وجهدية وتضافر جهود الدولة والجيش والشعب وسائر القوى الحية في الأمة.. كي تؤتيا ثمارهما، وليست كما يُصور لكم عبيد الاستعمار وسدنة الاستغلال والدجل الإعلامي ورعاة المشاريع الاستكبارية من أنها ستكون بمجرد تربُّع تلك الفئة على سدة الحكم، أو اقتسام السلطة والدخول في مرحلة انتقالية.. وتغيير وجهة الأمة الجزائرية باتجاه رياح المستعمِر القديم.. الذي مازال يحلم بهوى وغرام مستعمِرته القديمة التي ضاعت منه وإلى الأبد إن شاء الله..

وليعلم الشعب الجزائري –حسب تقارير وأبحاث الدارسين والمراقبين العالميين- أن الحَراك الشعبي الجزائري منجزٌ جزائري ووطني بامتياز.. وهو نسخة واحدة لم تستطع أعظم وأكبر الدول الديمقراطية المتحضرة أن تعرض مشاهده الجميلة.. وأنه صناعة جزائرية خاصة ومتميزة، وأنه علامة فارقة في قمة العمل السياسي والحزبي والنضالي والتغييري، كما كانت ثورة الفاتح من نوفمبر 1954م قمة في العمل الثوري المسلح الذي أطاح بأكبر امبراطورية استعمارية في العصر الحديث.. التي صارت إلى شفق الأفول وشعاع المغيب والتراجع تحت عاديات الدورة الحضارية التي ستأتي على جميع الإمبراطوريات الاستعمارية البائدة.. فلا تتركوا لأمثال هؤلاء المهوسين بالسلطة والنفوذ والتمرُّغ في أحضان القابلية للاستعمار أن يعبثوا بكم، أو أن يخدعوكم بشعاراتهم البرَّاقة الكاذبة.. وبدعايتهم السوداء الخفيَّة المخادِعة، فنحن نعرفهم جيدا، ونعرف ماذا جنوا علينا في العقود الفتنوية الثلاثة الماضية 1991-2019م؟..

وقد أثبتت حقائق التاريخ وسنن التغيير ونواميس الإصلاح والتحضر.. أن كل اندفاعة شعبية صادقة وخالصة وسوية تؤتي ثمارها مهما تربّص بها المتربصون.. ومهما حاول اعتراضها المغرضون أصحاب المشاريع الاستئصالية والكيدية الاستعمارية.. ومهما حاول حرفها عن مقصدها المتآمرون.. وأن الحراك الشعبي التلقائي ظاهرة صحية وطبيعية وحيوية لبقاء واستمرار الأمة، ولكنه يجب أن يتأطر وفق منطلقات وأهداف وغايات وطنية ومطالب جزائرية واضحة ومحددة.. كما يجب على جماهير الحراكيين أن يحتاطوا ممن يحاولون تقدُّم وتزعُّم صفوفهم، وهم يعلمون أن صفوفهم عامرة بمختلف فئات وشرائح الأمة الجزائرية الصادقة الأبيَّة.. فلا يسمحوا أن يُستغلَّ حراكهم من أجل تحقيق رغبات وهوى وحلم فاشل أو فاشلة، أو من أجل إرضاء هوس مريض أو معقد وجدانيا، أو مصدوم أو مصدومة نفسيا.. وما أكثر من عرفتُهم عن كثب ممن نصَّبوا أنفسهم متحدثين باسم الحَراك خلال العقود الثلاثة الفتنوية الماضية.. وللحقيقة أنقل لكم صورة عن هؤلاء كما عرفتهم.. فمن هؤلاء المتزعمين للحراك من استولى على تراث مفكر وفيلسوف جزائري كبير جدا راحل بقصد نشره ثم أعفى عنه لأنه يناقضه في الفلسفة والرؤية.. فاسألوه: إلى أين ذهبت تلك الكراسات والمخطوطات والمكتوبات التي سطا عليها منذ أكثر من عقدين؟ ومنهن من كانت حديث الخاص والعام في رحاب الجامعة أيام الطلب؟ وتأتي اليوم لتتزعم الشرفاء والأطهار والأخيار من خيرة شباب وبنات الجزائر.. ومنهم من تخفى وراء حقوق الإنسان وكان من الواجمين يوم أن كانت الحقوق والحريات تُهدر وتُنتهك لأنه آثر السلامة بنفسه، واليوم ينفخ أوداجه في صغار الحراكيين لأنهم لا يعرفونه جيدا.. ومن هؤلاء المتزعمين للحراك من كان عضوا بارزا في أول اجتماع سري وكُتب اسمه في أول ورقة وُضعت لتأسيس حزب وطني معتمد ولكنه أُسس وعُقد اجتماعه التأسيسي في باريس.. وهو وحده يعرف هذه المعلومة ومن نقلها وكشفها عنه.. وهو اليوم يصرخ بأعلى صوته في مقدمة الحراك.. مناديا بالتغيير..

حذار أيها الحراكيون أن يستخفي أمثال هؤلاء تحت شعارات وأسماء وشخصيات ثورية وسياسية تاريخية لغرض تحقيق أهدافهم الخفية عن جمهور الحراكيين البرآء.. كما يجب أن يعي الحراكيون أن هذه الفئات الإيديولوجية الاستئصالية المعزولة ربما تلتفُّ تحت أو حول مطالب الحراكيين كعادتهم في التلوُّن الحربائي المكشوف.. وليعلم أبناؤنا أننا معهم في مطالبهم المشروعة ولاسيما حقوقهم الأساسية والطبيعية، وهي حقوق أبنائنا وبناتنا وأسرنا، كحقهم في التعلم والعمل والوظيف والأجر الكريم والسكن والصحة وممارسة النشاط السياسي والاجتماعي، ولكن الأمور لا تكون بهذه السرعة والاستعجال، لأن فساد أربعة عقود لا يمكن إصلاحُه بين عشية وضحاها، كما لا يمكن أن يكون تحت ظل العبيد والاستئصاليين المرهونين للاستعمار الفرنسي، فلو عرفتم الكثير من حقائق وسيرة المندسين في تزعم الحراك لطردتموه شر طردة..

وهنا نتوجه بكلمة إلى أبنائنا وبناتنا وإخواننا وسلطتنا الجزائرية لنقول للجميع: إن الإصلاح عملية جماعية وشاملة ومرحلية، يجب أن يشترك ويساهم فيها الجميع، وليست مقصورة على فئة أو شريحة دون أخرى، وليعلم الجميع أن عملية الإصلاح لها جانبان أحدهما سهلٌ وسريع، والآخر طويل النفس والأمد والجهد. ولتبدأ السلطة بالجانب السهل والسريع الذي يمكن مباشرته وإنجازه بسرعة فائقة، وفي انتظار عملية الإقلاع الاستراتيجية الشاملة نرى أن تعمل السلطة الجزائرية على تطمين الشعب ولاسيما الشرائح الشبانية والمندفعة فيه والأخذ بأحد شقي عملية الإصلاح، ولاسيما السهل والسريع منها بالتالي:

1– إبعاد كل العناصر والجماعات والأحزاب والكتل المشبوهة والتي تحوم حولها شبه الفساد والإفساد مهما كان وزنها وتواجدها وثقلها.

2– وضع كل مسؤول مهما كان حجمه وماضيه تسبَّب في الفساد وإهدار المال العامّ واستغلال الوظيفة والنفوذ والإثراء قيد المحاكمات العادلة، كما هو حاصلٌ مع العديدين منهم.

3– مراقبة الإدارة والإداريين المتسيِّبين والبيروقراطيين والفاسدين والمفسدين وما أكثرهم اليوم في دواليب الإدارة الجزائرية مراقبة حازمة آنية ومستقبلية ودفعهم للعمل الجاد وحسن التعامل مع المواطنين بانسيابية ومرونة، والعمل على تطبيق القانون، والتعجيل بالانتهاء من الملفات القديمة العالقة كملف قانون 08/15 وتسوية الأبنية الذي ظل عالقا منذ أكثر من عقد، وغيره من الملفات التي يمكن معالجتها.

4– الحفاظ على القدرة الشرائية المتدهورة للمواطن وتسخير الدعم وتوجيهه لمستحقيه، وحرمان الذين لا يستحقونه ولا يتورعون عن الاستفادة حتى من ذرة صغيرة وما أكثر الجشعين من أمثالهم.

5 – إيكال المهام والوظائف والمسؤوليات للشباب النابهين والمقتدرين والمتخصصين، الذين تتراوح أعمارهم بين الثلاثين والستين فقط، واستبعاد قدر الإمكان الشيوخ وكبار السن والطاعنين في الكبر عتيا، لأنهم مصدر إحباط الأمة كلها.

6 – إيجاد مناصب عمل حقيقية ومنتجة للشباب خصوصا، وتوزيع مناصب العمل بالتساوي بين أفراد الشعب الجزائري، فلا تفضِّلوا جهة على جهة.. وإخضاع ذلك كله للدراسات والأبحاث العلمية المحايدة ومعرفة مدى جدواها وعوائدها.

7 – ترك الاستعراضات الإعلامية والدعائية عبر الوجوه القديمة الآسنة، والاكتفاء بتقديم الحلول العملية الملموسة في حياة المواطن اليومية، لأن المواطن يؤمن بالعائد والملموس، ويكره وينفر من الكلام والتطبيل والمدح والتزلّف..

وفي انتظار هذا كله عجلوا برفع مستوى الأجر القاعدي الذي وعدتم به المواطنين في الحملة الانتخابية ريثما تكملوا رسم المخطط النهضوي الحقيقي المنتظر.. وبهذا وبغيره يمكنكم سحب الغطاء والتأييد من تحت أقدام هؤلاء المشبوهين.. ويومها يفرح الجزائريون بنصر الله القريب وتمتين الجبهة الداخلية التي تنتظر الملموس، أللهم اشهد أني بلغت.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • المقنع الكندي

    ما احوجنا إلى حراك إيجابي فعال في سائر مجالات الحياة.. حراك إيجابي فعال في سائر من نشاطات حياتنا وليس مسيرات ومظاهرات نضيع فيها الوقت والجهد... أللهم استرنا يارب..

  • المتنبي

    لم يبق حراك.. بعد أن صار لنا برلمان تشكل احزاب الأفلان والرند الأغلبية الساحقة فيه... يا لهول الثورة المضادة؟؟؟!! وما تفعله بجهود الشرفاء والوطنيين...

  • كداعية ناشئة

    وصلت الى الشارع وتشخيص بسيط لاجد.ما يضع هؤلاء في وضع لن يفهموا انفسهم ولن يصلوا الى الحق وان كانوا ليسوا على باطل وبحجابي رفعت شعار الحل في الجماعة وبدا الناس يحومون حولي وبدات الالفاظ تقتات بعض الافكار الهامشية التي يوثق بها الدستور الحراكي الذي بدات بتعريفه للناس فقلت نبدا بوضوح وننتهي بشمس الاصيل من معي قالوا الحقوقيون نحن نريد تطبيق الانسانية على الشارع لا بيوت في الشوارع لا لاجئ لاجئ للعرى والبرد اين حماية المواطن اين مراكز الطفولة والايتام والمعوزين وقال النفسانيون تفعيل ديار الصم واابكم ووضع احزاب تقدر وضعهم وادخالهم في البرلمان سكن وعمل وجامعة

  • يقول استاذ

    الكواكبي لن نصل بعد الى السلطة حتى نصلي جماعة وندعو على الحكم بالزوال
    طبائع الاستبدادو
    ج٩
    ص٢

  • استاذ

    انت تصوم اذا افطرت على بصلة فتذكر حراك كهذا لماذا تقبل بالبصل وهو مكروه والملائكة يبتعدون عنك وانت تصلي تؤذي زوجتك او ولدك او صاحبك في المسجد لماذا المسلم يقبل بالدونؤة مع ان رسول الله وهوفي قمة الحزم والحزن والحرب افطر على تمر ولبن

  • يا استاذ

    العملية ليست سرد ولا توصيف ولا اي تحنيط لاخر مومبا تفتري على ما وصلت اليه الحركة الشعبية وترثي حركة الى حراك وكان الشلل وصل به الى دفع ثقيل يعول عليه بالصبر الجميل ولا نتبجة بعدها الا حصيلة اخر انسان تم خروجه او دخوله غرف سوداء كحل ناجع يمضي عليه الزمن وهو خالد يفيض زهرا واقحوان وعبق ياسمين لنقول ان ثورة في ويط بلغ فيه السيل الزبى لا داعي اتكررار ااحراك الحرام المجتمع يخضع لسياسة ترفع من سقف الظلمات ويا ظلم لا يزيحك حراك

  • يوبا الاول

    ان كل الاحزاب بالجزائر قد انتهت صلاحيتها وسقطت عنها الاقنعة -الاحزاب الجزائرية تستعمل الدين والوطنية والتاريخ الثوري للشعب الجزائري لاظهار حبها للوطن وللشعب زورا وبهتانا ونفاقا وكذبا - ولم تعد صالحة علي الاطلاق وما عليها الا ان تستقيل من الحياة السياسية افضل لها.
    الحراك الشعبي سيختار ويتكتل في حزب جديد يمثله ويمثل مصالح البلاد والشعب الجزائري العليا وسيطلق عليه حزب الشعب الجزائري .
    تحيا الجزائر جيشا شعبيا وشعبا