-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا يا فقهاء السوء!

حسين لقرع
  • 2617
  • 11
لا يا فقهاء السوء!
أسوشيتد برس
مبنى بلدية تل أبيب يضيء بألوان العلم الإماراتي احتفالاً بالإعلان عن إقامة علاقات كاملة بين أبو ظبي والاحتلال الإسرائيلي يوم الخميس 13 أوت 2020

لو اكتفت الإمارات بالقول إن دافعها إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني هو مصالحُها الخاصّة، لكانت أكثر صدقا مع نفسها والآخرين، أمّا أن تدّعي بأنها فعلت ذلك من باب “التضحية” من أجل القضيّة الفلسطينية ومنع ضمِّ الأغوار والمستوطنات، فلن يصدّق أحدٌ هذا التبرير الأرعن، حتى نتنياهو نفسه سارع إلى نفي التنازل عن ضمّ “يهودا والسامرة”، قبل أن تكشف صحيفة “يديعوت أحرونوت” الثمن الذي طلبه الإماراتيون ووافق عليه ترامب ونتنياهو وهو الحصول على طائرات “أف 35” وطائرات بلا طيّار فائقة التطوّر، ولم يكن الضمّ سوى مسألةٍ ثانوية.

لكن الأدهى من كذبة توقيف الضمّ، هو وصف مسؤولي الإمارات للتطبيع بـ”الإنجاز التاريخي”، وقد تماهى معهم دعاة السوء وفقهاء البلاط الذين يقدّمون رضا الحاكم على رضا الله؛ إذ لم يتورّع “الداعية” وسيم يوسف في “تهنئة” الإمارات والصهاينة على ما وصفه، بكلّ صفاقةٍ وتبجّح، بـ”الإنجاز العظيم”، بينما وصفته “هيئة الإفتاء الشرعية” الإماراتية بـ”المسعى الإيجابي والخطوة السديدة”، ولا ندري كيف تكون خيانةُ فلسطين والقدس والمسجد الأقصى “خطوة سديدة”؟! وكيف يتحوّل الانبطاحُ الذليل والاستسلام المُهين للاحتلال المغتصِب للأراضي إلى “إنجاز تاريخي” يُفخَر به وليس خيانةً يتوارى صاحبُها عن الناس خجلا من عاره؟ ألا قاتلهم الله أنّى يُؤفكون.. ألم يقرأ هؤلاء الفقهاءُ المطبِّلون للحكّام والدعاة على أبواب جهنّم قولَه تعالى: “ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم”؟

وما دامت الخيانة وبيع قضايا الأمة ومقدّساتها بأبخس الأثمان وتزكية الاحتلال والتحالف معه، قد أصبحت “إنجازا تاريخيا”، فلماذا نخوِّن إذن أبا رغال الذي قاد أبرهة وجيشَه في سنة 571م إلى مكّة لهدم الكعبة المشرَّفة، وابنَ العلقمي الذي أعان جيوش المغول على اجتياح بغداد والقضاء على الخلافة العباسية في 1258م؟ ولماذا نخوِّن “جيش لبنان الجنوبي” الذي حارب إلى جانب الاحتلال الصهيوني ضدّ بلده، وقبله خونةَ الثورة الجزائرية الذين حاربوا إلى جانب فرنسا ضدّ شعبهم؟ لماذا لا نعيد إليهم الاعتبار إذن ونصنّفهم في خانة الأبطال والشرفاء والشجعان، ونكرمهم ونعدَّ خياناتهم “انجازاتٍ تاريخية” لهم ولأوطانهم؟

إذا كان هناك حسنةٌ للرئيس ترامب فهي إرغامه المنافقين من الأنظمة العربية وفقهاء البلاط والنخب المأجورة المسترزِقة على الخروج من جحورها وإسقاط الأقنعة عن وجوهها لتظهر قبيحة كما هي، والكفِّ عن سياسة النفاق والإدِّعاء في العلن بتأييد القضية الفلسطينية وبأنها تُعدّ “قضيّتها المركزية الأولى” في حين تعمل في السر على توطيد علاقتها بالاحتلال وتأييد مشاريعه لابتلاع فلسطين وتهويد مقدَّساتها، ولسانُ حالها يردِّد “إنّا معكم إنّما نحن مستهزئون”.. اليوم أرغم ترامب هؤلاء المنافقين على تحديد مواقفهم بوضوح، فرأيناهم يتسابقون على التطبيع بشكل مُذِلّ، ورأينا نخبهم وفقهاءهم يبرّرون لهم خطاياهم وأهواءهم ويزيّنون لهم الباطل والسوء في سقطةٍ مدوّية جعلت الملايين من متابعيهم في العالم ينفضّون عنهم بعد أن أضلّوهم طويلا.. فشكرا لترامب وتبّا لحكام العار الذين تخلُّوا عن فلسطين والقدس وآثروا الاصطفاف إلى جانب الاحتلال لخدمة مصالحهم، وسُحقا للفقهاء والدعاة المأجورين الذين يكتمون الحق وهم يعلمون ويسارعون إلى تأييد الباطل إيثاراً للسلامة والنجاة.

ومن حسن حظّ الأمّة أنها لم تخلُ من الفقهاء الذين لا يزالون يصدعون بالحقّ مهما كانت العواقب، ومنهم مفتي سلطنة عُمان أحمد بن حمد الخليلي الذي لم يتردّد في معارضة تأييد بلده للخيانة والانبطاح المُهين للعدوّ الصهيوني، وأكّد أن تحرير الأقصى وجميع الأراضي المحتلّة واجبٌ مقدّس على أفراد الأمة كلِّهم ودينٌ في رقابهم يلزمهم وفاؤُه، فإن لم يستطيعوا، فليس لأحدٍ الحقُّ في المساومة عليه، وليتركوا الأمر لله ليأتي بمن يشرِّفه بالقيام بهذا الواجب.. فتحيّة تقديرٍ وإجلال إلى مفتي عُمان، والخزي والعار لفقهاء السوء الذين باعوا دينهم بدُنيا غيرهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • أعمر الشاوي

    الأعراب يفعلون ما يرونه مناسبا لمصالحهم و معروف عليهم المتاجرة بكل شيء حتى بكرامتهم , أما القضية الفلسطينية فقد تم بيعها منذ زمن و الأعرلب يدركون ذلك جيدا فلهذا كل بلد عربي يريد أن يخرج بأكبر قدر ممكن من الأرباحعلى الصعيد الإقتصادي و الأمني و الدبلوماسي, التقرب إلى أسياد العالم أصبح غاية يحول العرب إدراكها و لو على جثت مواطنيهم , لا عجب و لا غريب في ذلك,

  • Salim

    لن سيصاب ناتنياهو وترمب بالاسهال مادام فيه عباد كأمثالك يريدون الشر لإيران فقط لأنها بلاد أغلبها شيعة،ىاستيقض من تخونيجك

  • **عبدو**

    ماذا بعد الاتفاقية ؟ طبعا هناك امور غير مذكورة
    منها فتح السفارات
    التعاون الاقتصادي طبعا الفائدة للصهاينة
    تدخل في شؤون الداخلية لتلك البلدان
    و ربما تعاونات امنية وفق مخطط صهيوني و اختراقامنيخطير للامارات
    الضغط على الامارات لصالح مخططات صهيونية
    التدخل في شؤون الامارات على المستوى الاقتصادي و التربوي و غيره
    الصهيونيةسرطان اما ان تقاومه وتقضي عليه او يقضي عليك يعقد الاتفاقيات و لكن لن يتوقف عن معاداتك
    قال الله تعالى "ان تنصروا الله ينصركم و يثبت اقدامكم" و قال :"ومن اصدق من الله قيلا"

  • لاللتطبيع فهوحرام

    تابع:كل مايجرى من تحويلات اليهود الصهاينة للمسجد الاقصى والمساجد اخرى من منع الأذان وغلقه في وجه المصلين واعتقال الأئمةوتحويل المساجد الى كنائس ومعابد ومتاحف يهودية يتحملها المطبعون والمؤيدون والمباركون من معاص ووزر وذنوب وخزي وعار لقوله محمد صلى الله عليه وسلم -- من سن في الاسلام سنة سيئة فله وزرها ووزر من يعمل بها من بعده لاينقص من اوزارهماشيء الى يوم القيامة --- سنةسيئة اي شيء مبتدع عمل او قول او فعل مخالفا لشرع الله ورسوله فان صاحبه له وزر ومعصية وذنوب جارية وان مات فتلتحق الى قبره -حكام اسرائيل مثلا يمنعون المصلين ويغلقون المساجدوتشويهها فالجريمة تكون مناصفة بينهم وبين المطبعين ومؤيديهم

  • لاللتطبيع فهوحرام

    شكرا لصاحب المقال الشيق وانا اشضاطره الرأي والصواب وعليه فما تقدم ذكره من الخيانة ووصمة العار والانبطاح والانذلال والخوف والفزع من سطوة امريكا لهؤلاء العربان المطبعين وخاصة رجال السوء واهل البطانة من الفقهاء الدينيين الذين صرحوا بدون حشمة ووقاحة بأن هذا التطبيع مع اليهود الصهاينة قتلة الانبياء الذين ينقضون العقود والعهود والمواثيق منذ الخليقة --بأنه انجاز تاريخي لمواجهة الضم - سيسة ذر الشمة في عيون المغفلين والمضللين مثلهم -هذا التطبيع هو اكبر واعظم خيانة في التاريخ العربي الاسلامي وخاصة القدس الشريف والمقدسات الاسلامية الاخرى كالأقصى والمساجد - الا يعلم هؤلاء المؤيدين والمباركين للتطبيع انه م

  • Abdelmajid

    في تعقيبي السابق ذكرت كيف علل أحد مايسمون أنفسهم بالسلفية وهو مصري إبرام الإتفاقيات والمواثيق مع اليهودالصهاينة اليوم بمافعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعاهد مع بعض القبائل اليهودية ،وتذكرت الآن أن هذا الأحمق زاد فقال بأن اليهود الصهاينة أصبحوا جيرانا لنا اليوم ولهم حق حسن الجوار منا!!!

  • Abdelmajid

    شاهدت مرة فيديو لمناظرة علل فيها سلفي مصري جواز التعامل مع الصهاينة اليهود في فلسطين من إبرام للمعاهدات والإتفاقيات بالعهود التي أبرمها النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه مع بعض قبائل اليهود! وقد غاب عن ذهن أن الحالتين غير متشابهتين البتة:قبائل اليهود التي تعاهد معها النبي صلوات ربي وسلامه عليه كانت تسكن الجزيرة العربية مثلها مثل أي قبيلة عربية،أما فلسطين فهي أرض محتلة مغتصبة فيها القدس الشريف،أخرج أهلها من ديارهم ظلما وعدوانا وشردوا ولازال العدو الصهيوني رابض على ظهورهم يسمهم سوء العذاب.

  • خليفة

    هذه هي طبيعة بني عربون عبر التاريخ ،نفاق و خداع و خيانات و صراعات على الكراسي و الحدود و تحالف مع الاعداء من اجل مصالح زاءفة و زاءلة ،قال الله تعالى (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ )

  • محمد

    الظروف التي فرضت الهجمة الاستعمارية على العالم العربي لم تختلف عن الوضع الحالي لكل بلداننا لا نستثني منها أي قطر من الخليج إلى المحيط.لاقدرة لنا في الداخل والخارج كلنا يعيش القبضة الحديدية من طرف حكام لم تكن الهمة على إخراجنا من الجهل والتخلف المواكبين لتفكك كياناتنا.الدليل على ذلك أن كل دويلة من دولنا العربية تشهد عودة القبلية إلى التناحر بين الأحياء في القرية الواحدة وتغذيها سياسة فرق تسد التي ينتهجها حكامنا لننصرف عن النظر إلى حالتنا المزرية مما جعلهم ضعفاء أذلاء أمام القادة الغربيين وحتى الشرقيين الذين اجتهدوا وتمكنوا من فرض إرادتهم على دويلاتنا الخاملة فترى طغاتنا يتنافسون في نهج الأذلاء

  • ابوحذيفة التقرتي

    “ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم”
    هل تعلم ان من الموالاة حبهم و التقرب اليهم
    هل تعلم ان من الموالاة حب ظهورهم على المسلمين
    هل تعلم ان من الموالاة تمني السفر لبلادهم و العيش على طريقتهم
    هل تعلم ان من الموالاة التكلم برطانتهم و التزي بزيهم
    هل تعلم ان من الموالاة الفرح بلقائهم و الاعتزاز باخلاقهم و حضاراتهم
    هل تعلم ان من الموالاة مشابهتم في حياتهم و معاشهم
    هل تعلم ان من الموالاة التحاكم لقوانينهم و شرعتهم
    رب قارئ للقران و القران يلعنه و الشاطر يفهم من غمزة

  • ناجي بن العيد الطريفي

    ايها السادة الكرام : هل ادلكم على حل تسحقون به اعداءئيل "اسرائيل " اعلنوها اسلامية من المحيط الى الخليج- والله معكم - وسيصاب ناتنياهو وترمب بالاسهال طبعا لا تصدقون و لا تقدرون لانكم قوم تجهلون او تتجاهلون ، ابحثوا عن النصر بالتنديد والتهديد والوعيد والمسيرات الصاخبة وحتى الرقص في الميادين ولك الله يافلسطين