-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

…لذاكرة عمار بلحسن

عمار يزلي
  • 1096
  • 1
…لذاكرة عمار بلحسن

لا أحد منا، على الأقل من جيل أدباء السبعينيات والثمانينيات، ومن المثقفين والمبدعين والجامعيين من لا عرف أو ينسى القاص المبدع المتميز، عالم الاجتماع.. عمار بلحسن؟ الأديب الذي رحل في عز الشباب والعطاء. القاص الذي أعترف له بأنه فعل في القصة القصيرة ما فعله علولة في المسرح التجريبي. عمار بلحسن كان له السبق في التجديد في القصة القصيرة الجزائرية المعاصرة: جددها من حيث الشكل ومن حيث المضمون. أقول هذا، كقاص مارس الكتابة القصصية قبل أن يتركها، لصالح المقال القصصي. وأقولها كمختص في علم اجتماع الأدب وسبق لي أن قدمت له مجموعته القصصية “الأصوات”. عمار بلحسن الذي يحتفل بذكراه اليوم الأحد وغدا بالمركز الجامعي بمغنية في ملتقى دراسي حول أعماله، لا يمكن أن يمر صداه هكذا. لقد كان صديقا كبيرا للراحل الطاهر وطار الذي كان يعترف له بمكانته الأولى على رأس القصة القصيرة في جزائر ما بعد الاستقلال.
رحل عمار بلحسن وهو لم يكمل مشروعه البحثي الذي بدأه ضمن حقل علم الاجتماع الأدبي حول ثلاثية محمد ديب، موضوع الماجستير التي تقدم بها في علم الاجتماع. كان ينوي مواصلة البحث رغم التعب الذي ألم به من جراء طول البحث والمدة التي قضاها يبحث عن محمد ديب، ليس فقط في شخوص الرواية، بل في شخصيات الرواية. التقى بـ “حميد سراج” بطل ثلاثية ديب وهو في عز الشيخوخة في إطار بحثه، وأتذكر أن عمار بلحسن قال لي عند لقائه بحميد سراج، المناضل الشيوعي: قلت لحميد سراج: بعد كل هذا النضال ضمن الحزب الشيوعي الجزائري، ماذا تنوي القيام به اليوم وأنت في هذه السن؟ أجابه حميد سراج: أتمنى أن أحج إلى بيت الله الحرام. وهنا اندهش عمار بلحسن من الجواب وطرح عليه استفهاما غير مفهوم: شيوعي؟ وتحج؟.. أجابه حميد سراج إجابة طويلة لا أذكرها ولكن مفادها أنه كان شيوعيا لكن مؤمنا، وليس بالضرورة لكي تكون شيوعيا أن تكون ملحدا، وأنه (حميد سراج) دخل الحزب الشيوعي كمظلة وكغطاء للنضال ضد الكولون وأنه لولا مظلة الحزب ما كان يمكنه أن يقوم بتجمعات في الساحة العمومية بتلمسان ويهاجم مفتش الشرطة علنا ولا يخشى على نفسه الاعتقال”.
عمار بلحسن، لم يكن ناقدا أدبيا، كان دارسا سوسيولوجيا للأدب، بل مهتما بأنثروبولوجيا الأدب، حيث يعتمد على المنهج الكمي والملاحظة والمقابلة والملاحظة بالمشاركة.. كان أديبا قاصا، يمارس الأدب ومتفاعلا مع الشخوص وباحثا عنها في الواقع المعيش أو عن شهادات عنها. لم يدرس محمد ديب كما درسه غيره من النقاد، بل درسه بعمق أنثروبولوجي وسوسيولوجي لم يسبقه أحد إليه. لهذا، كان علي، وكنت الثاني بعده، أن أحمل هذا الهم طويلا: كان عمار بلحسن أول من فتح هذا التوجه والتخصص في علم الاجتماع بجامعة وهران وفي الجزائر ككل. لم يسبقه أحد إليه. أول ما قام به سنة 76 هو تحضير مذكرة ليسانس في علم الاجتماع حول رواية اللآز للطاهر وطار. بعده بأربع سنوات، كنت الثاني في العمل ضمن هذا الحقل. حضرت مذكرة الليسانس في علم الاجتماع بجامعة وهران حول روايته الزلزال.. دائما بمنظور أنثروبولوجي تاريخي بنيوي. ثم هذا ما حاولت عمله في الدكتوراه سنة 99 عندما اشتغلت على المقاومة بالسخرية في الأدب الجزائري من 1900 إلى 1954.
عمار بلحسن قامة كبيرة في حاجة إلى دراسات ودراسات وإلى تكريم من أعلى المستويات..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • م/ أولاد براهيم.

    يا دكتور فبل حلول ذكرى وفاة المرحوم علقت أسفل عمودك بالتالي:. " من خلالكم أبعث بترحماتي الى روح الاستاذ عمار بلحسن رحمه الله." أنه صديقي؛ واستاذي.كنت أتعلم منه وأتغدى من افكاره؛ واهتدي بنصائحه.رغم الاختلاف في التخصص؛ والصفة .فأنا معلم فقط . ألا اننا تقاربنا .لا أدي لماذا ؟ ربما الانشطة الثقافية لتلك المرحلة ؟ ربما النضال السياسي في صفوف جبهةالتحرير لتلك الفترة؟ ربما حب الوطن؛ حب الجزائر؟ ربما تعلقنا بالسياسة المتهجة لتلك الفترة ؟ ونظرتنا للزعيم رحمه الله؟ ربما تصورنا المتقارب للاشياء ؛ والاخذ بالوسطية فيها ؛وتطبيق القاعدة " لاضرر؛ولا ضرار" .. اللقاءات كانت فترة على فترة ؛وبدون سابق وعد..