-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
فارس الجنوب لا يزال يصنع الحدث

لغز راعٍ دوّخ فرنسا 11 عامًا!

بديع بغدادي
  • 10431
  • 16
لغز راعٍ دوّخ فرنسا 11 عامًا!
ح.م

لا يزال فارس الجنوب يصنع الحدث، وهو راعِ برتبة جنرال دوّخ فرنسا 11 عاماً قبل رحيله المثير للجدل!

يقول المؤرخ الراحل أبو القاسم سعد الله في كتابه “الحركة الوطنية الجزائرية”، إنّ الراعي هو أبو مسلم عبد القادر الغيشاوي.

واسمه الكامل محمد بن التومي بن إبـراهـيم المـدعـو بوشوشـة بمعنى الفارس، ولد سنة 1827 بضاحية الغيشة في منطقة آفلو بولاية الأغواط.

نشأ الغيشاوي في أسـرة فقـيرة ومحافظة على التقاليد الإسـلامية، حفـظ الـقرآن وتأدب بأخلاقـه وتعـلم الرماية وركوب الخيل من الصغر.

وكانت للغيشاوي جولات قادته إلى مخـتلـف الزوايـا في الجزائر وخـاصة زاويـة طولقة ببسكـرة وكـان يصطحبه في تنـقلاته مؤدبه الخاص.

ومع وصول المحتل الفرنسي إلى آفلو، وبناء أول مركز استعماري سنة 1856 في الحي الشرقي بالغيشة، فكّر بوشوشة في الثورة.

وبدأ في التنقل لجمع المال والمؤن والسلاح الضروري لتنقلاته وحركته وإعلان الجهاد.
وبلغ مدينة فقيق بالغرب الجزائري لكنه تعرض للاعتقال وأدخل السجن سنة 1862 بوادي مقرة المحاذي لمدينة سيدي بلعباس.

وفي سنة 1863 فرّ من السجن وتوجه إلي البيض، حيث شارك في ثورة أولاد سيدي الشيخ التي اندلعت سنة 1864.

رحلة تونس وليبيا

استنادًا إلى إفادات الباحث الباذخ فيصل عثمان، فإنّ بوشوشة انتقل إلى تونس ثم ليبيا لجمع السلاح والمال، وأصبح من أعوان السنوسيين وتأثر بحركتهم.

وفي 1865 رجع بوشوشة إلى أرض الوطن متجها نحو مدينة الأغواط ثم إلى زاوية كرزاز بحيث استقبل بحفاوة كبيرة.

وتحوّل بوشوشة إلى توات، ووثّق صلته هناك بشيخ رقان، حيث جمع عدداً من الأنصار والأتباع.

وفي 1869 انضم إلى جماعة المداغنة التي جعل منها جيشا منظما بعد تأثيره فيها.

وكانت نهاية 1869، السنة التي بدأ فيها الشريف بوشوشة قيادته للمقاومة، حيث اتصل بالمقاوم الناصر بن شهرة للتنسيق معاً.

وبعدها اتجه إلى الصحراء فحرّر المنيعة وطرد قائدها الموالي لفرنسا المدعو جعفر، ثمّ واصل سيره جنوباً ليتمركز في عين صالح.

وأعلنه أتباعه زعيما وشريفا، وتمّت مبايعته من طرف شعانبة المواضي، وكان ذلك بين سنتي 1870 و1871.
وفي مارس 1871، وصل بوشوشة إلى ورقلة رفقة 80 فارساً وأعلن شيوخها الولاء له وبعدها توجه إلى وادي سوف.

وسيطر على تقرت في 14 ماي 1871 بعد قضائه على الموالين لفرنسا من أصحاب علي باي.

وفي 21 ماي 1871 رحل إلى الجنوب أخذ معه مجموعة من الأسرى الفرنسيين، وفكّ الحصار عن مساعده بوشمال.
ويفيد الراحل سعد الله أنّه بتاريخ 16 أكتوبر 1871 التقى الشريف بوشوشة وبن الناصر بن شهرة بـالمقرانيين الفارين من الشمال.

وجعلوا من قرية بني يزقن مستودعا للذخائر والأسلحة والمؤن.

وبنهاية 1871 ودخول 1872، دخلت مقاومة الشريف بوشوشة مرحلة التقهقر والانكسار، حيث افتكت فرنسا تُقُرْت وورقلة في 27 ديسمبر 1871.

واستولى الجنرال الفرنسي دو لاكروا في 2 جانفي 1872، على زمالة بوشوشة.

وحدث هذا بعد مطاردة دامت من السابع إلى 25 جانفي 1872.

وأفيد أنّه بتاريخ 11 جانفي 1872 تعرض بوشوشة إلى محاولة اغتيال.

وكان هذا من طرف أحد رفقائه يدعى مولاي العربي، لكنه نجا بأعجوبة.

ونجح بوشوشة في إعادة تشكيل المقاومة عبر المنيعة وعين صالح.

بدأ سجيناً وانتهى شهيداً

في أواخر جويلية 1873، نفّذ بوشوشة عدة عمليات في الجنوب الجزائري على المواقع الفرنسية بين الأغواط والبيض عند أولاد يعقوب .

إلا أنّ السعيد بن إدريس أخ خليفة محمد بن إدريس أغا ورقلة قام بمطاردة بوشوشة وانتزع زمالته.

وأسر بن إدريس مجموعة من أتباع بوشوشة بينهم زوجته فاطمة بنت جلول.

في فيفري 1874، توجّه بن إدريس مع 100 فارس من الطوارق والشعانبة وأولاد سيدي الشيخ نحو عين صالح.
ونشبت بين أتباع بوشوشة وبن إدريس معركة حاسمة في 31 مارس 1874، فقد فيها بوشوشة 50 مقاتلاً.
وكان ذلك يمثّل نصف جيشه واعتقل جريحاً.

وجرى زجّ بوشوشة في سجون ورقلة، الأغواط ثمّ قسنطينة، وحُكم في الأخيرة أمام مجلس عسكري.
وصدر ضدّه حكم بالإعدام يوم 19 مارس 1875، ويقال بأنه أعدم فجر 29 جوان 1875 بقسنطينة.
وعلى نقيض المصادر الفرنسية، أكّد معاصرو بوشوشة أنّه فر من سجنه ورجع إلى مسقط رأسه بـ”الغيشة” وتوفي ودفن بها.
ويصف المؤرخ الفرنسي فيليب بوشوشة لحظة إعدامه: “واجه الموت بشجاعة فائقة في معسكر الزيتون بقسنطينة”.

وتابع: “كان شاحب اللّون لكن صلب العود قويّ العزيمة، وكان هادئاً مستسلما للقدر”.

ووصفه: “كان قصير القامة نحيل الجسم، جدّي الهيئة، عصبيّ المزاج، وكان يخبّئ قلبا من البرونز وطاقة من الحديد”.

ويعلّق أحد أحفاد الشهيد: من يذكر الآن بوشوشة الرمز في زمن الزعانف والأذيال؟

وتساءل الغيشاوي: “بوشوشة قاوم 11 عاماً وغيّبوا تاريخه، مُحزن حقاً، ننتظر من المؤرخين كشف التفاصيل”.

خطاب تاريخي أمام الزبانية

قال بوشوشة لزبانية فرنسا أثناء محاكمته:
“إني أعلم أنكم ستحكمون علي بالقتل، ولكنّي أطلب منكم أن تقتلوني حالا، وماذا تفيد أسئلتكم؟”.
وتابع: “وماذا ستجنون من شهادات هذا الجيش من الشهود في المجلس؟ إنني لا أفهم هذا التباطؤ فلننته من هذا بسرعة”.

وأردف: “أطلب أن تعدموني بالرصاص لا الشنق”، وكشف عن رقبته فإذا فيه آثار جروح غائرة.
وخاطب في ثبات: “انظروا، إنّي لا أخشى الموت، إنّ ما ترونه هو أثر جرات سكين قطعت الثلثين من أوداجي”.
وشرح: “حدث ذلك عندما طاردني الجنرال لاكروا جنوب ورقلة، وخانني بعض أتباعي فجاءني أثناء النوم وأراد أخذ كيس النقود مني”.

وكشف:” جرى مني دم غزير، ومع ذلك أمسكت رأسي بيدي حتى لا تسقط عن كتفي، فكيف عشت بعد جرح كهذا؟”.

هكذا أنهى محمد بن التومي بن ابراهيم المعروف باسم بوشوشة مداخلته أمام المجلس الحربي الذي حاكمه في قسنطينة سنة 1875.

جاء ذلك بعد أن أرهق جنرالات فرنسا وعملائهم من القياد والباشاغات ما بين سنتي 1864 و1875.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
16
  • ادريس

    للتصحيح =فقيق او فكيك او فجيج توجد في شرق المغرب وليس غرب الجزائر

  • dzair

    الله يرحم الشهداء

  • جزائري غيور على تاريخ بلاده

    أعذري على هاذا السئال وليس إستنقاساً من قدرك ولاكن: لماذا هذا المقال يشبه إلى حدٍ كبير المقال الموجود على موقع ويكيبيديا عن المجاهد الشريف بوشوشة ألا يوجد مرجع آخر نرجع إليه لمعرفة تاريخنا المجيد و المليء بالبطولات و الأبطال و شكراً.

  • Dziri mss as l rass le rejleen

    Pourquoi on trouve pas ces valeureux moujahidine dalns les livres de nos enfants
    Qu’est ce qu’on enseigne à nos enfants ?

  • ADLANE

    تاريخ حافل بالأمجاد، مع الأسف تكثر فيه الخيانات قليل من الجزائريين بنو مجد و كثيرا منهم أستفادو من المرحلة و كونوا ثروات على دماء إخوانهم

  • م رياض

    شكرا لكاتب المقال على هذه اللفتة التاريخية الرائعة في التاريخ، واسكن الله الشهيد محمد بن التومي الجنة مع الشهداء العليين.

  • watani

    أذناب فرنسا هم في الحكم. لما لم يكتب تاريخ هذا الوطن ؟ لأنه مملؤ بالخياناة إلا يومنا هذا. فرنسا لم تخرج من الجزائر . في 1962 دخل جيش ضخم من الحدود مدجج بالسلاح و الدبابات......لمذا لم يدخل من قبل؟؟؟ كاهم دخلوا برتبت "عقيد" و لم يطلقوا رصاصة واحدة على فرنسا أمهم.

  • moussa

    الله يرحم هؤولاء الاجداد الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وما استكانوا ولا خذلوا انشاء الله نحسبهم عند الله من الشهداء والخزي والعار لفرنسا المجرمة التي قتلت 12 مليون جزائري منذ دخولها في صيف ذاك العام المشؤوم وما تزال فرنسا الى يومنا هذا تنهب وتسرق من غاز وبترول وذهب وحتى تقتل بفضل مخلفاتها من الالغام وكذلك بسرطانتها من جراء تجاربها النووية وتلويثها للمياه الجوفية والبيئة والهواء

  • KARIM

    رحمه الله .. للاسف لم اكن اعرفه من قبل ويجب تعريف النشئ في المدارس على هؤلاء الابطال فهم قدوتنا

  • أحمد الأحمدي

    ستشاهد المسلسل التاريخي يوم نلقى الله و نكتشف المجاهد الحقيقي و المزيف . اللهم لا تحرمنا من مرافقة الشهداء في جناتك بعد إشباع أنظارنا كما تفعل يوم القيامة برجال الأعراف من الجبناء الذين سطو على مناقب الشجعان .

  • عيسى اللموشي

    من الأجدر إلقاء الضوء عن الذين أعتقلوه و سلموه لفرنسا وهم المهاريست

  • مواطن

    رحمه الله

  • مواطن

    رحمه الله برحمته الواسعة

  • El jijeli tamazight

    SI IL EST RESTER VIVANT IL SERA EN PRISON ,COMME LAKHDAR BOUREGAA .ON VIT SOUS LE MEME REGIME COLONIALE .

  • مواطن جزائري

    صحيح لا يوجد تعليق و ليس بالغريب لان الكل يعتقد ان الثورات الحزائرية كلها في الشمال و ما جرى في الشمال لكن ما علينا الا ان نقول الله يرحمه و يرحم كل شهداء الجزائر من الثوار و ما جرى في الاغواط هذا الا القليل و ما خفي كان اعظم

  • fethi

    الله يرحم كل شهيد مات من أجل هذا الوطن و العقيدة و الدين مند أن وطأت اقدام فرنسا الى اليوم فاللهم إخدل و أذل الخائنين الحالين الذين لا يزالون يتسكعون في الخفاء و إجعل كيدهم و من ولائهم في نحرهم انت المنتقم و الجبار اللهم ارنا فيهم عجائب قدرتك على كل ضارت اضرت هذا الوطن الحبيب رغم ثرائه بسبب الخائنين الجدد و اهاليهم فإنك تمهل و لا تهمل