-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لماذا ينبغي أن نتمسَّك بالدستور؟

الشروق أونلاين
  • 909
  • 0
لماذا ينبغي أن نتمسَّك بالدستور؟

ليس لأنَّ الدستور قرآنٌ، أو أنه غير قابل للتعديل والتفسير وحتى التحوير، ولكن لأنه رمزٌ لوجود دولة ووجود قانون ووجود إطار نحتكم إليه عند وقوع الاختلاف. لذا علينا أن نسعى قدر الإمكان لإيجاد مخارج للأزمة التي تعرفها البلاد ضمن نطاق هذا الدستور وضمن نطاق قوانين الجمهورية، وضمن هذا الإطار تبقى كل الاجتهادات مفتوحة وتبقى كل الإضافات مقبولة.

أما أن نُلغي الاحتكام إلى الدستور جملة وتفصيلا، ونَدّعي القدرة على التأسيس لكل شيء، فإننا بذلك نفتح على أنفسنا أبوابا لا يُمكِن أن نعرف أبدا إلى أين ستنتهي بنا.

صحيح أن الشعب هو مصدر كل السلطات ومصدر التشريع وفوق الدستور، ولكن علينا ألا نُفْرِطَ في هذا الموقف إلى درجة أن نقترب من الطرف الآخر الرافض لكل شيء في هذه البلاد، أو الدَّاعي إلى الوصول بها إلى خيار تجميد العمل كليا بالدستور، ما يعني العودة إلى نقطة الصفر: الاحتكام إلى موازين القوة، المالية والعسكرية والدولية وغيرها…

ينبغي ألا نصل إلى هذه الحالة لأننا نريد تقويم اعوجاج البناء لا هدم كل البناء القائم واستبداله بآخر.

تلك مقاربة لن تعود بالخير إلا على مناصري نظرية الفوضى الهدّامة، أو أنصار مقولة: “أنا وبعدي الطوفان”، أو أنصار “نحن فقط من كان يضمن لكم الأمن والاستقرار”، والكل يعلم مَن هؤلاء…

لذا، علينا أن نتحرك بحذر وحكمة، وقبل ذلك بذكاء، علينا أن نجمع بين السياسة والذكاء، وذلك ممكن في نطاق مؤسسات الدولة الوطنية وفي نطاق إعادة قراءة قوانينها وفهمها وتطبيقها التطبيق الصحيح.

إن مشكلتنا ليست بالأساس اقتصادية ولا اجتماعية أو ثقافية إنما هي مشكلة إرادة سياسية في رفض الاحتكام إلى القانون أو تطبيق القانون في كل مرة ونشر العدل بين الناس.

إننا نعلم جميعا أنه ما كُنَّا سنعرف عشرية سوداء، وما كُنَّا سنعرف حكم العشرين سنة دون انقطاع، وما كُنَّا سنعرف الظلم وتبديد الثروات والفساد لو لم نعتدِ على القانون في انتخابات 26 ديسمبر 1991، ولم نعتد على دستور 1996 بفتح العُهدات.. وأننا ما كُنّا سنعرف كل هذه الأوليغارشيا لو تم تطبيق القانون على مختلسي المالي العام، أو أثناء منح الصفقات، ولا عرفنا كل هذا الظلم الاجتماعي والاقتصادي، ولما وصلنا إلى ما وصلنا إليه لو كانت قوانين الجمهورية كما هي، مطبَّقة بعدل وصرامة وعلى الجميع.. ونعرف قبل ذلك أن مشكلتنا لم تكن أبدا في القانون في حد ذاته، إنما في تطبيق هذا القانون وفي القراءة التي نعطيها له وفي الإرادة السياسة التي تديره.

لماذا لا نسعى إلى بلورة إرادة سياسية جديدة حول القانون القائم؟

لماذا لا نتفق على الاحتكام إلى الدستور الحالي، وإن كان في ذلك قبول على مضض لبعض الوجوه؟

أليس الأفضل لنا أن نجد الحل المناسب خلال 90 يوما وقد مضت بعض أيامها، على أن نفتح باب الاجتهادات على مصراعيه، إلى أجلٍ غير مُسمّى كل يخطّط له كما يريد؟

لتكن مهمَّتنا الأولى في نطاق قوانين الجمهورية: كيف نُكوِّن هيئة وطنية ذات مصداقية لها صلاحيات فوق كل رموز المرحلة السابقة لتنظيم انتخابات رئاسية؟ ما الذي يمنعنا من ذلك؟ أليست بداية صحيحة وقابلة للتطبيق؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!