-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
من البناء في المرتفعات إلى استهداف السلاح الأخضر بالإسمنت المسلح

لهذه الأسباب تحولت المدن الجزائرية إلى بحيرات عائمة فوق وديان نائمة

صالح سعودي
  • 3982
  • 15
لهذه الأسباب تحولت المدن الجزائرية إلى بحيرات عائمة فوق وديان نائمة
ح.م

كشفت الأمطار الرعدية المتساقطة مند شهر أوت المنصرم حجم العيوب التي مست القاعدة التحتية في مختلف المدن الجزائرية، بدليل أن معظم الطرق سرعان ما تتحول إلى وديان بمجرد تساقط الأمطار لمدة لا تقل عن 10 دقائق، والأكثر من هذا فقد تسببت مياه السيول والوديان في خسائر مادية وفي الأرواح، خاصة تلك المجاورة للمدن والمجمعات السكنية الجديدة.

أجمع الكثير من المتتبعين والمواطنين على الخلل الكبير الذي بات يميز القاعدة التحتية للطرق والأحياء السكنية في مختلف المدن الجزائرية، وهو الأمر الذي وقع عليه الجميع من خلال الصور والفيديوهات المتداولة لوديان كانت نائمة أو مدفونة في مدن ومجمعات سكنية جدية سرعان ما عادت إلى مسارها الحقيقي بمجرد تساقط الأمطار الرعدية، ما كلف خسائر بالجملة، وتسبب في وفاة أشخاص جرفتهم مياه السيول والوديان، على غرار ما حدث مؤخرا في قسنطينة، حين توفي شخصان، والكلام ينطبق على باتنة، حين مات شخص في نواحي جرمة بسبب الأمطار الرعدية، وما حدث في وادي تيمقاد الذي جرف سائق آلة حفر نحو سد كدية لمدور، دون نسيان الأضرار البليغة التي عرفتها مدينة تبسة من الناحية المادية، وكذا وفاة طفل جرفته المياه، والأمثلة كثيرة لمدن تحولت إلى مسابح مفتوحة أو مستنقعات احتلتها الأوحال ومياه الوديان والشعاب.

وقد أرجع بعض المختصين ما حدث إلى أساليب الغش في الإنجاز، بطريقة أصبحت مقننة وممنهجة، في ظل غياب آليات المتابعة والرقابة من طرف الجهات الوصية، ما جعل البالوعات عديمة الفعالية، ناهيك عن غياب الصيانة وسوء التقدير، بدليل تشييد مشاريع ومجمعات سكنية في أماكن فلاحية أو فوق وديان نائمة، والكلام ينطبق أساسا على المجمعات السكنية والمدن الجديدة، والمدن التي تم تشييدها في السنوات الأخيرة، على غرار المدينة الجديدة حملة 1 و2 التي بنيت على أرض فلاحية معروفة بإنتاجها الوفير لمختلف أنواع الخضر، قبل أن يغزوها الاسمنت المسلح من كل جانب، في مشهد أصبح عاديا لدى الجزائريين الذين لم يتوانوا في استهداف الحقول والبساتين والأراضي الفلاحية بالاسمنت المسلح بدل توظيفها في استقطاب السلاح الأخضر الذي اشتهرت به الجزائر قديما، إشارة إلى تنوع محاصيلها الزراعية، وغنى أراضيها من الناحية الفلاحية.

بنايات تنتصب في قلب الأخطار

يؤكد الدكتور سليم درنوني، أستاذ في الانثربولوجيا بجامعة بسكرة، أن معظم المدن والقرى والمداشر وكل التجمعات السكانية تقع على ضفاف الأنهار والوديان والمجاري المائية، وهذا سواء في الجزائر أو بقية بلدان العالم، لأن أغلبية التجمعات السكانية حسب قوله كانت في بدايتها قائمة على الأنشطة الزراعية التي تستلزم مصادر للمياه كالوديان والمنابع، لكن الملفت للانتباه حسب الدكتور سليم درنوني هو أن أسلافنا كانوا يقيمون تجمعاتهم السكانية في المرتفعات بعضها تكون شديدة الانحدار، وهذا ليس فقط للاحتماء من الأعداء، إنما أيضا تحسبا للمخاطر الطبيعية، مثل الفيضانات التي تعوم فيها مدننا اليوم بأزقتها ومسالكها، بل حتى الطرقات الوطنية المزدوجة حسب الدكتور درنوني أصبحت وديانا تغمرها السيول الجارفة، ما جعله يتساءل بالقول: “لماذا لا تكون هذه الخلفية الثقافية لتأسيس المدن لدى مهندسينا؟”، وهو التساؤل الذي يخلف حسب البعض الكثير من علامات الاستفهام، وهذا قياسا بسياسة واستراتيجيات البناء قديما قياسا بما يحدث حاليا، خاصة في ظل اللجوء إلى الحلول السهلة التي تجعل أغلب المدن الجزائرية على صفيح ساخن صيفا وفوق قنابل موقوتة في جميع الأوقات، في ظل العشوائية في البناء والافتقاد إلى بنية تحتية فعالة.

تحذيرات من ردم الوديان وعواقب الغش في الأشغال

ولم يتوان الكثير ممن تحدثوا مع “الشروق” من إطلاق تحذيرات شديدة اللهجة، في ظل السياسة المتبعة في الوقت الحالي، والمبني على منطق الهروب إلى الأمام حسب وصف البعض، ما كلف الكثير من الخسائر والأضرار المادية والبشرية، في وقت كان بالمقدور تفاديها لو تم التحلي حسبهم بالجدية والاتفاق وسلطة الضمير، حيث لم يتوان الكثير في دعوة الجهات الوصية إلى تحمل مسؤولياتها حول عديد المخلفات التي قد تنجر عن العشوائية في انجاز الكثير من المشاريع، وفي مقدمة ذلك طريقة تشييد المجمعات السكنية التي باتت تلتهم الأراضي الفلاحية، دون تكليف عناء البناء في أماكن مرتفعة وذات أرضية صلبة، كما حذر العض من أخطار تحدق بالمدن، بسبب اللجوء إلى ردم الوديان او بنائها حتى تتحول إلى طرق تساهم في التخفيف من حركة المرور، ولو أن هذه الطريقة وصفها الكثير بأنها غير محمودة العواقب، على غرار ما حدث مؤخرا في تبسة، حين اجتاحت مياه الوديان عددا كبيرا من السكنات، وهو الكابوس الذي يلاحق أيضا سكان مدينة باتنة، موازاة مع تغطية الوديان التي تحولت إلى طرق، ما شكل مخاوف بالجملة، خاصة في ظل غياب الصيانة والسيناريوهات الحاصلة التي خلفت خسائر وأضرارا كبيرة في مختلف المدن الجزائرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • احمد

    ماهي شهادات وخبرة رؤساء البلديات والدوائر والولاة في الجزائر حتى يقوموا بالإشراف على المشاريع ويسيرون البلديات والدوائر والولايات أحسن تسيير؟
    رئيس بلدية بولاية داخلية لم يدرس في حياته وبسبب الشيتة لعهدة طاب جنانو ترقى إلى سيناتور وبعدها أصبح أكبر مقاول بالولاية لأن له علاقات قوية مع المسؤولين الكبار خصوصا fln! صحيح مقولة "أميين يقودون أمة"

  • محمد

    أرضية مطار هواري بومدين (مكان اقلاع الطائرات ونزولها) كانت خصبة مليئة بالمياه والحل العبقري للمهندسين كان ردمها بمئات آلاف الأطنان من الاسمنت المسلح، حتى أصبحت دولتنا تتباهى ببناء أول أرضية مطار من الإسمنت! والسؤال كم كلف ترقيع الأرضية بردم كم هائل من الاسمنت المسلح ورفض الدول تغيير مكان المطار إلى منطقة أخرى، وهذه سياسة مسؤولينا "الخوف من التغيير" وانتهاج سياسة "الترقيع والبريكولاج" مادام فيه بترول وغاز!

  • ابن الجزائر

    تابع والعمل المنجز بدون تخطيط لا تحدد له المسؤلية فيصبح الكل مسؤل والكل غير مسؤل،تشويه الصورة الجميلة للجزائر بمكاتب الدراسات الفرنسية وكل ما يتم دراسته من طرف مكاتب دات مصقية لدو ل صديقة يعطى لمكاتب فرنسا لأبداء الرأي فيه وتخيلوا مدا يكون ؟مثال :نزل الأوراسي شاهد على مكاتب الدراسات الفرنسية وأسألوهم والمسؤلون الجزائرين على هدا النزل لمادا توقف عند 12 طابقا وقد كان مخطط له با 24 طابقا ؟هدا حتى تبقى كل ما أنتج من بعد فرنسا غير لائق .ودخلت نيفها حتى في الفلاحة عندما أرادت الجزائر أن تستغني عن بدورها للبطاطا فنصحتهم مخابر فرنسا بأن بدوركم التي كونتموها في مشاتلكم مصرطنة وهو كدب وزيف للحقيقة

  • ابن الجزائر

    كل ما دكرته يا صالح لا يمثل كل الحقيقة .أولا الأدارة الموروثة عن الأستعمار الفرنسي عندنا تعمل كي السلحفات بعكس ما هي عليه في فرنسا ،مادا تفعل الدائرة التي تحمل الأسم فقط مادام كل ما هو مرتبط بالمواطن حول الى البلدية عمال الدائرة عب ءعلى الدولة وجزء كامل من البروقراطية ،عائلة مسكينة أكثر من سنة تعاني المر ولم تجد ما تقتات به بمجرد أن البلدية أخطأت في تحديد ثمن الكراء أو السيدة الدائرة لم تقبل بهدا المحضر فبقي صاحب المتجر للفقر أكثر من سنة تخيلوا عمل الأدارة الموروثة؟ حتى تبقى البرقراطية مسيطرة نزعوا أهم شئ للدولة الجزائرية وزارة التخطيط ومديرياتها حتى يبقى العمل بالنظر وبدون تخطيط.

  • حميد

    إلى مجبر على التعليق. انت لست دولة و انت لست دولة بل انت شيات الدولة

  • Sweden

    Un pays entier construit sur du sable , ......voilà le résultat de la gestion du FLN ......des voleurs et des incompétents

  • Ali

    Comment un état laisse sa population faire ce qu'elle veut? l'achat de la paix sociale
    défaillance du système complètement
    chacun fait ce qu'il veut et tout le monde est complice.
    on va laisser a notre progéniture un pays en champs de ruine

  • مجبر على التعليق - بعد القراءة

    فريد المعلق رقم 3
    اخوك و اخي من غيب الدولة فالدولة انت و انا و كلنا ....
    اما عقلية تخطي راسي يجي النهار هاي جات في روسنا

  • Omar one dinar

    LE PROBLEME DES INNOVATIONS LA BA CHEZ NOUS. CEST BIEN LE PEUPLES. ILS ONT CHANGES LEURS MODES DE VIE. ...A LA PLACE DES BUVAIENT LEAUX TOUT LE MONDE BUVAIT LA COKA COLA. IL FAUT REVENIR AUX TRADITIONAL. .......REGARDEZ HAYDRA PAS D INNOVATIONS PAS DE TERROS PAS SIROCCO. ..PAS DE LAIT EN SACHETS PAS DORDUR PARCEQUE ON BUVAIT DE LEAUX

  • Montreal

    il faut que le ministère de l'environnement ou de l habita revoir un plan d'evacuation d'eau en cas d'inondation
    dans la majorité des villes a risque d'inondation pour limiter les dégâts

    TOUT CE QUE JE SAIS EST QUE VOUS SERAIS JUGER DEVANT DIEUX !!!!

  • ملاحظ

    تخيلوا لو تساقطت نفس نسبة الامطار في اوروبا كتلك المدن لكانت تسونامي ، وهذا يعري مدى الغش والاحتيال في المشاريع غير مدروسة او غيابها...ما نراه فقط الا في الامم الضعيفة وفقيرة وجزائر ليست فقيرة بل يتيمة من رجال مخلصين لبلدهم وبعد الكوليرا تعريهم الامطار خفيفة خلقت طوفان، هذه هي دولة الكوكايين وهذه هي انجازات التي كان ولد عباس يتباهى بها....لو تشاهدوا رواندا اين وصلوا وبالمقارنة مع بلدنا تقارن صومال مع المانيا..وهذه قدرة الله فضحتكم

  • فريد

    الى مجبر على التعليق الدولة هي من تمنع من يتعدى على المساحات الخضراء لاكنها غائبة

  • guod

    ايا صباح الخير كي فطنتو بعد فوات الاوان،وهذا يدل على عدم جدوى الاميار و موضفيهم لانهم المعنيين بمراقبة مطابقة البنايات و الطرقات...الخ،لا اعرف بلد يسير بالرشوة و المحسوبية ازدهر و تطور،فلكم الخط

  • Auressien

    أتعجب من مكاتب دراسية تقوم تخطط لردم الأودية عرضها و عمقها عشرات الأمتار لوضع مكانها قناة لا يتعدى قطرها متر واحد , حتى البناء الأمي يسخر من هذه "الدراسة" .

  • مجبر على التعليق - للامانة منقول

    احترموا الطبيعة تحترمكم .................... هذا مكان
    كل ما بني من إسمنت يجب ان يقابله مساحات خضراء
    و كلما كانت البنايات شاهقة كلما كانت البنى التحتية أوسع