-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لِنَتَّزِن…

لِنَتَّزِن…
ح.م

ليست هناك إمكانية لنحقق في آن واحد كلا من الأهداف التالية: الاستقرار السياسي، استعادة الشرعية، تطوير الاقتصاد، التكفل بالمطالب الاجتماعية الملحّة للناس، الاحتياط من الآن لسنة 2022… وغيرها من الأهداف الكبرى التي يتطلع نحوها الجزائريون.

بكل تأكيد هناك نظرياتٌ ومقاربات شتى في هذا المجال. هناك من يرى بأن البداية ينبغي أن تكون من استعادة الشرعية السياسية، التي ستتمكن من مقاربة المستويات المختلفة الأخرى بسندٍ شعبي قوي وتتمكن من تجاوز مختلف العقبات. وهناك من يرى بأن الشرعية السياسية لا تصنعها فقط الانتخابات غير المزوَّرة إنما تصنعها فعالية الأداء الاقتصادي والاجتماعي في الميدان (أي تحقيق المطالب الشعبية) فضلا عن- وهذا مهم- القدرة على إدارة لعبة التوازن الدولية التي لن ترضى عن نوع من الحكم حتى وإن كان شرعيا بل وستؤيد الإطاحة به بكل الوسائل المتاحة إذا أفرز نظام حكم تراه مثيرا لاضطراب النظام (النظام الإقليمي أو الدولي في هذا المستوى)، مثلما حدث في الجزائر في بداية التسعينيات أو حدث في مصر بعد انتخاب الرئيس مرسي رحمه الله…

لذا، علينا، في تقديري، موازنة الأمور بين المأمول والممكن، وبدل الإصرار على المأمول، الذي لا شك هو الأمثل، دون القدرة على تحقيقه، أو صعوبة المحافظة على تداعياته بعد تحقيقه، دَعْنا نُفكِّر ضمن منطق الممكن باعتبار السياسة كذلك.

الممكن من وجهة نظري أن الشرعية السياسية تُصنَع من خلال السياسات الاقتصادية والاجتماعية والدولية وليس فقط من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة. الانتخابات الحرة والنزيهة هي جزءٌ من صناعة الشرعية وليست كل صناعة الشرعية.

وعليه يجب أن نبحث في الكيفيات والوسائل التي تجعل الحكومة تلتزم بالسياسات صانعة الشرعية، وتبتعد تدريجيا عن تلك التي كانت باستمرار تؤدي بها إلى فقدانها.

وهذا ممكن في نطاق ما توفر لدينا من وسائل ضغط ورقابة وتجنيد. ويبدو لي أنه إذا ما كانت هناك قوى سياسية منظمة، فإنه من السهل عليها تحقيق ذلك إذا ما وضعته نصب عينيها كهدف استراتيجي.

إنني لا أتصور أننا مازلنا نعيش في عصر تحقيق النصر الكامل أو الهزيمة الكاملة. كل الصراعات اليوم هي صراعاتٌ ناعمة وذكية تسعى إلى تحقيق أهدافها بأقلِّ الخسائر الممكنة وأحيانا من دون خسائر.

وأملي كبير في أن تناقش مثل هذه المسألة على نطاق واسع، بدل التركيز على الواحد المأمول. ذلك أن بين طرفي الممكن والمأمول مسافة واسعة يمكن التحرُّك ضمنها وتحقيق الأهداف… لنبحث في أفضل نقطة في هذه المسافة الأقرب إلى المأمول وننطلق منها نحو الهدف المنشود. الوقت ليس في صالحنا والمخاطر أكثر مما نتصور. والله أعلم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • علي بن مجمد بن علي

    لا يمكن أن نبني وطن بالعاطفة . الأوطان تبنى بالعمل فقط.