-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ماذا بقي من جمعية العلماء؟!

ماذا بقي من جمعية العلماء؟!

تستعدّ الجزائر خلال العام 2019 لتدشين ثالث أكبر جامع في العالم بعد الحرمين الشريفين، وسيكون الصرح المُشيّد، بلا شكّ، فخرًا ورمزًا لهوية الوطن، بل حسنة تُكتب بماء الذهب في سجلّ التاريخ للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وصدقةً جاريةً يلقى بها موْلاه.
لكنّ فتح المسجد الأعظم قريبًا يُحيلنا على سؤال مؤرّق: أين هم علماء الجزائر الذين سيعمرون هذه المؤسسة الحضاريّة الفريدة، علمًا وفقهًا وفكرًا وإنتاجًا معرفيّا في حقول العلوم الشرعيّة بكل أبوابها وتفريعاتها المتشعّبة، لأنّ التطاول والتفاخر في البُنيان لا يغني أهله في شيء.
لقد تأخرت بلادنا كثيرا في ميدان تخريج العلماء، بل قصّرت حتّى في تكوين الأئمة الأكفاء، إذ ظلّت منذ الاستقلال بلا معاهد عالية متخصّصة لتأهيل القائمين على المنابر والمساجد، لوْلا سدّ الفراغ من بعض حاملي الشهادات الجامعية.
يوم وضع الرئيس هواري بومدين حجر الأساس لمشروع الجامعة الإسلامية في قسنطينة، كان الحلم أنْ يصنع منها أزهرَ جزائريّا يشعّ على بلاد المغرب العربي قاطبةً، لكنّ الجزائر لا تزال بعد 35 عامًا على انطلاقة جامعة الأمير عبد القادر لا تتوفّر على مفتٍ للجمهوريّة، لأنّ الرئيس الحالي غير مقتنع بوجود قامة كبيرة تملأ المنصب الرفيع!
لا شكّ في أن ربوع البلاد تزخر بآلاف الطاقات والنوابغ والمشايخ، لأنّ الجزائريين ليْسوا أقلّ ذكاءً من غيرهم، لكنّ الخلل يكمُن حتمًا في منظومة قاتلة، أو في أحسن الأحوال غير محفّزة على بروز هؤلاء كأقطاب علميّة ومرجعيّة في الفضاء الأكاديمي والاجتماعي على السواء، والمجال لا يسع للتفصيل في العلل ومسبِّباتها.
أمّا النتيجة فهي ماثلة في الواقع، شعبٌ تائه في سبيله، يأخذ الفتاوى والآراء الشرعيّة من مشاهير الفضائيات العربيّة، بينما يتشكّل عقله الديني في ضوء القُصاصات العابرة للحدود، لأنّ الطبيعة تأبى الفراغ.
صحيح أنّ الدولة سعت خلال السنوات الأخيرة إلى ترسيخ معالم المرجعية الوطنية في الحقل الديني، عبر إحياء التراث المغاربي ونفض الغبار عن أعلام المنطقة، لكنّ الهوّة لا تزال سحيقة بين المأمول والمُنجَز، لأنّ التأخر فادح والاستدراك في حاجة إلى جهود مضاعفة، وقبلها تعوزُه إرادة فعليّة ورؤية واضحة نحو الاتجاه الصحيح.
إنّ صناعة النخبة العلميّة مسارٌ طويل ومتكامل، يرتكز على رعاية الموهوبين، انطلاقًا من التنشئة التعليميّة الأولى حتى الطور العالي، مع تهيئة الشروط الموضوعيّة كافّة لصقلهم، في حين تخلّت الجزائر منذ 2004 عن شعبة العلوم الإسلاميّة في المرحلة الثانوية، وكان الأجدر أن تتأسّس أقطابٌ وطنية في كل التخصصات الإنسانية والاقتصادية والدقيقة، على غرار الثانوية الوطنية للرياضيات بالعاصمة.
قبل أيّام قليلة، مرّ المؤتمرُ العام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين مرور الكرام، كأنه حدثٌ هامشيّ، هذه الهيئة تحمل ميراث الإمام عبد الحميد بن باديس، لكنّها تعاني اليوم من قلّة ذات اليد وتشكو تغافل السلطات عن دعمها المادّي والمعنوي للنهوض بواجباتها الجسام، وذلك مؤشر آخر على تفريطنا في حقّ علمائنا، أم إنّ حالهم تذكّرنا برأي الكواكبي، رحمه الله، في علاقة السلطان بالعالم؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • kahina

    هدهç الجمعيه بالامس كانت تخدم مصالح فرنسا التي لم تضايق نشاطها او سجنت احد اعضائها وهي اليوم تجاوزتها الاحداث لانها لم تكن تمثل اوتنادي بالعلم فهي جمعيه دينيه مختصه في هدا حلال وهدا حرام اما تلقين العلوم للشباب فهدا امر اخر لان اعضاؤها غير متكونين علميا فهم حفضوا الكتاب والسنه

  • وناس فرنسا

    سيحاسب عن الالف مليار التي دخلت للخزينة العمومية من سنة1999 حتى سنة 2014
    أين ذهبت وما هو مصيرها خبراء المال في العالم قالوا أن مبلغ ألف مليا ر دولار تصبح
    48 ولاية الجزائرية مثل دبي بينما حدث العكس الشعب أزداد فقر والبنية التحتية الأسوا
    في العالم العربي

  • uopm

    ماذا بقي من جمعية العلماء؟! ... وماذا كانت ???? لا شيء بل لا تختلف عن لا شيء !!!

  • زعموش

    أوافق رقم..01....

  • abu

    غريب جدا تفكيرك ياسي عثماني...الأجر يأخذه صاحب المال ..المال الذي ينفقه من جيبه وليس من خزينة الشعب...فهل من يأخذ من خزينة الشعب ويتصرف في مال الشعب سيجازيه الرب في الآخرة ويفتح له الفردوس....ما هذا الذي تقوله يا سي عثماني....الصدقة الجارية تكون من حر المال وليس من خزينة الغاشي....

  • جميل يسري

    أما تساؤلك عن علماء الجزائر الذين سيعمرون هذه المؤسسة الحضاريّة الفريدة فالجواب واضح سيعمر بالمطبلين و أصحاب الزردات لأن أهل العلم الحقيقيين الذين ضاقت بهم الجزائر فخرجوا تخشاهم السلطة أيما خشية لأنهم ليسوا على هواها..
    و ألفت انتباهك أن عدم توفّر الجزائر على مفتٍ للجمهوريّة، لا يعود إلى عدم قناعة الرئيس الحالي بوجود قامة كبيرة تملأ المنصب بل يعود إلى كون العلمنة سارت في أوصال الدولة ومن يكون أهلا للمنصب يستحيل أن يقبل به في بلد مثل الجزائر اللهم إلا إن اشترى دنياه بأخراه..

  • جميل يسري

    يا سيد عثماني هذه ملاحظات عسى أن يتسع لها صدرك أما قولك أن الصرح المشيد حسنة تُكتب بماء الذهب في سجلّ تاريخ الرئيس وصدقةً جاريةً فاعلم إن الأجر الوارد في الحديث يكون لمن بنى لله مسجدا لا لغيره و الدولة بنت المسجد لتفاخر بحيطانه ومنارته.. أنا اسكن حيا يضم 10000 ساكن نصارع منذ 4 سنوات لإتمام مصلى نقيم فيه الفريضة فلم نفلح لانعدام الدعم إن بناء المساجد في الأحياء الجديدة منعدم في برامج السلطة المريضة بلوثة العلمانية

  • جميل يسري

    أما تساؤلك عن علماء الجزائر الذين سيعمرون هذه المؤسسة الحضاريّة الفريدة فالجواب واضح سيعمر بالمطبلين و أصحاب الزردات لأن أهل العلم الحقيقيين الذين ضاقت بهم الجزائر فخرجوا تخشاهم السلطة أيما خشية لأنهم ليسوا على هواها..
    و ألفت انتباهك أن عدم توفّر الجزائر على مفتٍ للجمهوريّة، لا يعود إلى عدم قناعة الرئيس الحالي بوجود قامة كبيرة تملأ المنصب بل يعود إلى كون العلمنة سارت في أوصال الدولة ومن يكون أهلا للمنصب يستحيل أن يقبل به في بلد مثل الجزائر اللهم إلا إن اشترى دنياه بأخراه...

  • bamour

    سيدي شكرا على المقال الإستشرافي لمستقبل الإسلام في الجزائر و أظن أن عنوانه هو ماذا بقي لجمعية العلماء الجزائرية أن تفعل بما أن الصرح قد شيد ، أم أنها ستبقى تشتكي التضييق و اللامبالاة من طرف أصحاب القرار ، وهو أمر مدبر منذ ما قبل إنشاء جامعة الأمير ع القادر وهذا بشهادة عميدها الأول طالبي ... مؤسسوا الجمعية عانوا الويلات لبقاءها رغم الإستعمار أما هؤلاء فينتظرون الصدقة ... على حد قول صالح عوض ...تولانا الله برحمته

  • جزائري - الجزائر

    مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي ساهم بنفسه في بنائه كانت لبناته من الطين وسقفه من جريد النخل....ربى فيه الصحابة بنور الله الذي كان يتنزل على قلبه....وهم بدورهم بعده غيروا مجرى التاريخ بنشرهم هديه في كل أصقاع الأرض. .....هل يُعجز الله أن يسخر لنبيه مابه يبني أعظم مسجد في الدنيا ....كلا...ولكن كان الهدف هو بناء أعظم جيل .....( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ ) .رواه البخاري (2652) ، ومسلم (2533)

  • arrêtez

    صدقة جارية لمن دفع المال لبناء مسجد و ليس لرئيس استعمل المال العام ..... إذا كانت هناك صدقة جارية و لا أحسبها كذلك، فهي تجري على كل الشعب الجزائري لأن المال مال الخزينة، مال الشعب.