-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ماذا عن مشروع بن محمد؟

ماذا عن مشروع بن محمد؟
أرشيف

التوجُّه الجديد في الدّولة الجزائرية في ظل الوضع السياسي الذي أفرزه الحراك الشعبي، يجعلنا نعيد طرح السؤال المتعلق بمشروع التّحرر من النّفوذ الفرنكفوني، والانفتاح على العالم، من خلال اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية أولى في التعليم، بإعطاء الحرية للأولياء في اختيار اللغة التي يدرسها أبناؤهم إلى جانب اللغة العربية.

ذلك أن الجريمة التي ارتكبها اللوبي الفرنكفوني سنة 1992، حين سرّب أسئلة البكالوريا لأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة وأطاح بالوزير الأسبق للتربية علي بن محمد، هذه الجريمة بقيت طي الكتمان، ولا أحد تكلّم عنها أو حاول طرح الأسئلة بشأنها، إذا استثنينا الوزير الأسبق بن محمد ذاته، الذي كشف عن تفاصيلها في العديد من الحوارات الصحفية.

آن الأوان لإعادة إحياء هذا المشروع، والانفتاح على العالم، والخروج من دائرة التخلف والتبعية للفرنسيين، وقد بدأ العمل بالفعل على هذا المشروع في الجامعة، التي تحوَّلت إلى اللغة الإنجليزية، وتكفي جولة على الأرضية الرقمية للمجلات العلمية للوقوف على هذه الحقيقة؛ إذ باتت اللغة الإنجليزية هي اللغة الأجنبية الأولى لدى قسم كبير من الباحثين من خلال بحوثٍ منشورة باللغة الإنجليزية، وكذا اعتماد الإنجليزية في ملخصات البحوث الصادرة باللغة العربية.

وتشير التقارير الواردة من مختلف الولايات إلى أن اللغة الإنجليزية تحظى باهتمام غير مسبوق في أوساط تلاميذ المدارس والشباب، وقد فُتحت خلال السنوات الأخيرة مئات المدارس التي تقدِّم دروسا في الإنجليزية، وهي تشهد إقبالا كبيرا من كل الفئات العمرية لتحسين مستوياتهم في اللغة العالمية الأولى.

ولا تقتصر مؤشرات إزاحة اللغة الإنجليزية للغة الفرنسية على المؤسسات التعليمية؛ بل امتدَّ ذلك إلى المجتمع الذي مكَّنته مواقع التواصل الاجتماعي من الانفتاح على العالم بأسره، وبدأ المواطن يتخلى عن الفرنسية تدريجيا في حياته اليومية، لصالح العربية باعتبارها اللغة الوطنية والرسمية، فيما أصبح يستخدم الإنجليزية في التعامل مع غيره من الشعوب، وقد رأينا في الحراك الشعبي أن الشعارات المكتوبة باللغات الأجنبية كانت في الغالب بالإنجليزية، فيما اقتصرت اللغة الفرنسية على كبار السن، وبعض الدوائر التي ما زال يشدُّها الحنين إلى فرنسا.

لقد تمكَّن الجزائريون بعد عقودٍ من المقاومة من استرجاع هويتهم ولغتهم، وبات المدُّ الفرنكفوني ينحسر من عام إلى آخر، وكان الحراك الشعبي آخر مسمار في نعشه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!