-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
فواصل

ماذا ننتظر من ثلاثية ناقصة وحكومة مقيدة؟

بشير مصيطفى
  • 3308
  • 3
ماذا ننتظر من ثلاثية ناقصة وحكومة مقيدة؟

قال الوزير الأول، في ندوته الصحفية بمناسبة اختتام أشغال الثلاثية، إن مرضاة العمال في تحسين الحد الأدنى للأجور غاية لا تُدرك، وهذا صحيح، لأن مقاربة “الأجور مقابل المطالب” في سياق نمو الاقتصاد الجزائري باتت محدودة النتائج.

  • وفي الموازاة مع ذلك، قال ممثل عن الاتحاد العام للعمال الجزائريين، إن نقابته راضية عن نتائج الثلاثية لأنها زادت في الحد الأدنى للأجور ما قيمته 30 يورو بالصرف الرسمي أي 20 يورو بسعر الصرف الموازي ويحق لنا التعبير عن القيم النقدية في بلادنا باليورو مادامت اتجاهات السوق الداخلية انعكاسا مباشرا لقيمة صرف اليورو في الأسواق المالية وخاصة لقاء الدولار وأن اتجاهات التضخم في الاقتصاد الوطني تستجيب لحد بعيد لاتجاهات التضخم في منطقة اليورو.
  • هناك إجماع من كل الملاحظين على أن الثلاثية لم تقدم شيئا للأجراء ولا للمتقاعدين، في حين أنها قدمت كثيرا لبعض أرباب العمل الذين باركوا الزيادة المذكورة بعد أن نالوا من الثلاثية الاقتصادية شهر ماي الماضي أكثر من عتبة مطالبهم في ضبط وضعيتهم المالية وتحسين موقفهم إزاء الضرائب والبنوك ومناخ الاستثمار.
  • فماذا يعني أن تجتمع الثلاثية لمدة يومين حول الملف الاجتماعي دون أن تحقق الحد الأدنى من مطالب الطبقة الاجتماعية، في حين أن اجتماعها لساعات في الثلاثية الاقتصادية ماي الماضي حسم في 4 ملفات ظلت تؤرق مضاجع أرباب العمل لسنوات؟
  • الثلاثية الناقصة
  • غاب عن الثلاثية طرف مهم من مجتمع العاملين في الحقل النقابي ممثلا في النقابات المستقلة في قطاع الوظيف العمومي وجناح من التنظيم النقابي الأبرز الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وفي جعبة  هذه الأطراف أفكار تتجاوز مطالب المشاركين في الثلاثية وخاصة ما تعلق بفوارق المنح بين قطاعات الوظيف العمومي ومحددات القدرة الشرائية وحتى مستوى الحد الأدنى الفعلي للأجور ومحتوى المادة 87 مكرر من قانون العمل.
  • وعلى الرغم من الحوار الوطني الجاري  بين القطاعات الوزارية وممثلي النقابات المستقلة، إلا أن أحدا لا يفهم لماذا لم تدرج مطالب تلك النقابات واقتراحاتها في ملفات الثلاثية بينما حظيت مطالب منظمات أرباب العمل المستقلة بكل الرعاية.
  • ونفس الشيء بالنسبة لمجتمع المتقاعدين وعددهم 2.3 مليون نسمة، أي ما يزيد عن أجراء القطاع الخاص ويساوي بالضبط 40 بالمائة من أجراء القطاع العام و55 بالمائة من أجراء الوظيفة العمومية. هؤلاء وعدتهم الحكومة بزيادات مرتقبة دون التزام بالآجال أو القيمة، الشيء الذي يفتح المجال أمام احتجاجات اجتماعية أخرى بطلها هذه المرة: الرجال المتقاعدون والعاملات المتقاعدات.
  • الحكومة المقيدة
  • دخلت الحكومة الثلاثية وبين يديها مشروع للميزانية السنوية الجديدة ـ مشروع قانون مالية 2012 ـ  تمتص فيه الأجور 35 في المائة من بند النفقات و90 في المائة من بند الخدمة الاجتماعية وهو ما يعادل بالضبط نصف ما تخصصه الحكومة لبند دعم الاستثمار. وإذا علمنا أن 70 بالمائة من الأجراء المصرح بهم في الجزائر يتبعون القطاع العام وأن القطاع الخاص لا يشمل أكثر من 2 مليون أجير لأمكن تصور الثقل الذي تشكله كتلة الأجور في اقتصاد هش وضعيف المساهمة في إنتاج الثروة. وإذا أضفنا إلى ذلك أن 75 في المائة من أجراء القطاع العام يتبعون الوظيفة العمومية وفقط 1.5 مليون يتبعون القطاع الاقتصادي لأمكن تصور حجم المشكلة، أما إذا علمنا أن 33 في المائة من أجراء الوظيف العمومي يتبعون قطاع الادارة تصبح المشكلة أعظم.
  • وفي الميزانية عجز قدره 25.4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، ولا تؤمّن الحكومة في المشروع الجديد لمالية الدولة سوى 50 بالمائة من إجمالي النفقات دون احتساب الزيادة الجديدة في الحد الأدنى للأجور والذي سيكلف الخزينة كلفة إضافية حجمها مليار دولار. وكباقي الميزانيات السابقة تتكئ الحكومة في إيراداتها على الجباية من المحروقات بنسبة تلامس 60 بالمائة.
  • مشهد للاقتصاد ولطبيعة سوق الشغل ولمحتوى سوق السلع ولاتجاهات السوق النقدية هذا وضعه لا ينتظر فيه أن تخرج الثلاثية بأكثر مما خرجت به، ليس لعيب في نوايا الأطراف المشاركة ومسعاها الذي يستهدف تحسين ظروف معيشة السكان ولكن لأن سياسة الحكومة المتبعة لغاية الآن في موضوع التوازن الاقتصادي لا تسمح بتوفير الموارد اللازمة لتحقيق الأهداف المعلنة خارج نطاق الجباية على المحروقات وعجز الميزانية.
  • والمطلوب إزاء ذلك مقاربة جديدة مبنية على ضبط منظومة الجباية وقوانينها على قاعدة العدالة الضريبية والاستثمار في الزكاة والأوقاف، لأنهما يختزنان حصيلة مالية مهمة، تمكين الحكومة من أدوات أكثر نجاعة للحد من التهرب الجبائي وللتحكم في الأسعار، وأخيرا ضبط منظومة دعم الاستهلاك والمواد الغذائية التي تستهلك وحدها 3 ملايير دولار سنويا، أي 3 في المائة من ميزانية النفقات كي تصبح منظومة موجهة فقط لذوي المداخيل الدنيا والمحدودة.
  • ولهذا كتبنا في مقالنا السابق عشية انعقاد الثلاثية التالي: “وعندما نعرف بأن الهامش المرتقب لزيادة كتلة الأجور في القطاع الخاص لن يكون مهما أمام الرقم المتدني للأجر المضمون وسلوك القطاع الخاص في التصريح بعدد العمال، لأدركنا بأن الرابح الأكبر من حوار الثلاثية هو بكل تأكيد جماعة الباترونا، في حين لن يجني الاتحاد العام للعمال الجزائريين سوى مباركة الحكومة لمطالبها المتعلقة بحماية المنتوج الوطني وترقيته”.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • nad

    صدق حدسك وصدق تحليلك برافو

  • علي - قسنطينة

    الاقتصاد الجزائري غير منتج يعتمد على الريع النفطي لهذا لا يمكن التقدم في ما يخص الشق الاجتماعي وكما قال الدكتور يجب اعادة النظر في منظومة الجباية لأنها قديمة وتعد المعرقل الأول للاستثمار ولا يجب اغفال العمل الخيري و العمل على قانون الزكاة

  • سي لخظر محمد

    أعتقد أن ماقاله الدكتور في هذا المقال ينبأ بمدى ضعف التسيير الإقتصادي و الإجتماعي من طرف إدارة الدولة و هذا ماجعلها تعالج جل المشاكل بذون بعد النظر و بذون سياسة واضحة و ناجعة في تسيير المشاكل