-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مساعي تأجيل الرئاسيات تصطدم بالدستور

ماذا يعني التقاء مطلب “حمس” بندوة معسكر الموالاة؟

الشروق
  • 5135
  • 1
ماذا يعني التقاء مطلب “حمس” بندوة معسكر الموالاة؟
ح.م

فجر استماتة رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، في الدفاع عن تأجيل الانتخابات جملة من التساؤلات حول خلفية دعوة من هذا القبيل، فهو الذي نقل حزب الراحل نحناح إلى معسكر المعارضة في عز عنفوان الربيع العربي. من يطرح مثل هذا السؤال ينطلق من قناعة مفادها أن هذا المطلب لا يخدم إلا السلطة التي تبحث عن مخرج لها، حتى وإن حاول مقري جاهدا الدفع بخوفه على استقرار البلاد. ما يعزز هذه القراءة هو أن مطلب معسكر الموالاة يلتقي مع مقري في هذا المطلب، وفي ذلك مصلحة للسلطة، أو على الأقل هذا ما يمكن فهمه. فما جدية مثل هذا التساؤل؟ بمعنى هل التقاء مشروع مقري مع مشروع معسكر الموالاة أمر طبيعي وأن مصلحة البلاد حتمت ذلك؟ أم أن في القضية أمورا أخرى وخلفيات يتعين تفكيك ألغازها؟ وما تأثير ذلك على موقع حركة مجتمع السلم كأحد أبرز مكونات المعارضة؟ هذه الأسئلة وأخرى سيحاول “الملف السياسي” لهذا العدد الإجابة عليها.

انتقل إلى الضفة الأخرى قبل أزيد من خمس سنوات
مقري يغرد قريبا من سرب السلطة.. ماذا يريد؟

لم يسبق أن اقتربت وجهات النظر بين أحزاب الموالاة وحركة مجتمع السلم، بشأن مسائل سياسية كتلك المتعلقة بالانتخابات الرئاسية المرتقبة شهر أفريل المقبل، منذ نحو أزيد من خمس سنوات. وإن اختلفت التسميات من “تمديد” أو “تأجيل” أو “توافق وطني”، إلا أنها تلتقي مع أطروحات السلطة ومحيطها.
فحركة “حمس”، التي أنهت علاقتها بالسلطة منذ العام 2012، عادت لتغرد إلى جانب محيط أحزاب الموالاة، في توجه يمكن قراءته على أنه حنين إلى دفء السلطة ونعيمها، برأي متابعين، حتى وإن أعطى ولا يزال، رئيسها عبد الرزاق مقري، مبررات يقول إنها تستهدف الحفاظ على المصلحة العليا للبلاد والحصول على مكاسب سياسية لصالح المعارضة.
لقد تحول خليفة أبو جرة سلطاني في حزب الراحل محفوظ نحناح، إلى مدافع شرس عن تأجيل الانتخابات الرئاسية، وهو ما أوقعه في صدام مع الرافضين للتأجيل، إلى درجة أن هناك من اتهمه بأنه “قبض” كما جاء على لسان رئيس “حزب جيل جديد”، جيلالي سفيان.
مقري يتحدث عن “خطورة الوضع في الجزائر بعد الانتخابات الرئاسية”، ولذلك يصر على “أهمية التوافق الوطني”، كما أصبح يتحدث عن “حاجة السلطة للمعارضة في هذه المرحلة لتأجيل الانتخابات مقابل الحصول على إصلاحات سياسية وضمانات قانونية تحد من التزوير”.
من يتابع مقري، هذه الأيام عبر صفحته الخاصة على شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يقف على حقيقة مفادها أن الرجل لم يعد يدعو فقط إلى التأجيل، وإنما يهاجم من يدعو إلى تثبيت موعد الانتخابات الرئاسية: “أظن أن خوفهم ليس من التأجيل ذاته بل من إمكانية ضياع الفرصة وإمكانية تعديل الدستور أثناء هذا التأجيل لإنهاء الصلاحيات الإمبراطورية التي يتمتع بها الرئيس المنتهية عهدته”.
وإن كانت مطالب أحزاب الموالاة بالتمديد أو التأجيل مبررة انطلاقا من منطق الربح والخسارة، فهم مستفيدون من الوضع القائم، مصالح مادية ونفوذ سياسي (حقائب وزارية، مناصب سامية)، ولذلك هم يسعون إلى الحفاظ على هذه المكاسب. فما الذي يجنيه مقري وحركته من التأجيل؟
عندما يتحدث مقري عن التأجيل فهو يستهدف الحفاظ على المصلحة العليا للبلاد وخاصة بعد الانتخابات الرئاسية في حال أجريت في موعدها المحدد دستوريا، غير أنه لم يقدم من المعطيات التي تدعم طرحه هذا، طالما أنه يسعى للحشد السياسي من أجل إنجاح مشروعه؟
يجب ألا يركز المتابع للشأن السياسي على مطالب معسكر الموالاة في التمديد أو التأجيل أو الاستمرارية، لأن المواطن البسيط مدرك لخلفيات مشروعهم هذا.. ببساطة هم مستفيدون من الوضع القائم ولا يتمنون تغيّره.. وبالمقابل تبقى المخاوف التي رفعها رئيس “حمس” هلامية، ولذلك جلب لنفسه كل هذه العداوات من الأحزاب التي كانت تنشط إلى جانبه في المعارضة.
للوهلة الأولى، يمكن للمتابع البسيط أن يحكم على مشروع مقري بأنه غير دستوري فضلا عن كونه غير قابل للتجسيد، لأنه يصطدم بمحاذير قانونية ودستورية يصعب تجاوزها بسهولة.. وحتى الظروف التي يمكن أن تساعد هذا المشروع على النجاح غير متوفرة (حالة الحرب، كما يقول الخبراء)، فعلى أي سند تشريعي يستند مطلب مقري؟
البعض يحاول القفز على النصوص القانونية والدستورية من خلال الحديث عن التوافق، لكن هل الطبقة السياسية الحالية حقيقية أم افتراضية؟ ما دام القاموس السياسي لا يزال يحتفظ بأحد أعداء الممارسة الديمقراطية وهو “التزوير”، فلا يمكن اتخاذ القرارات بالتخفي تحت غطاء الشرعية الشعبية، لأن الغالبية الساحقة من الجزائريين عبروا في أكثر من مناسبة انتخابية عن استقالتهم من الممارسة السياسية، ولعل نسبة المشاركة في آخر استحقاق أبرز إجابة عمن يشكك في ذلك.
ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن شعار التوافق الذي رفعه البعض لا يمكن أن ينطلي على أحد، ولو كانت أهدافه حركتها الشعارات الرنانة.

عضو المجلس الدستوري السابق عمار رخيلة لـ”الشروق”:
الدعوة إلى عقد ندوة وطنية تبديد للمال العام في زمن التقشف

تشهد الساحة السياسية هذه الأيام دعوات إلى تأجيل الانتخابات، ما قولكم؟

دعوات تأجيل الانتخابات التي تتردد مؤخرا، على لسان أكثر من فريق سياسي، غير مؤسسة لا دستورا ولا قانونا، وهي مخالفة لنص المادة 110 من الدستور، والتي تؤكد أنه يمكن التمديد للرئيس في حال وجود الجزائر في حالة حرب فقط.
إذن فـ”فتاوى” إمكانية التمديد أو التأجيل هي تغريد خارج النص، ولا يتوفر السبب الرئيس لتفعيلها وهو وجود حرب، فالدعوة إلى التمديد هي خروج عن الدستور نصا وروحا، وهي عبارة عن دعاوى سياسوية، غاية أصحابها الالتفات إلى مصالحهم والبعض يريد التقرب من السلطة.

هل هناك منفذ قانوني أو دستوري يمكن أن يستند إليه المطالبون بتأجيل الانتخابات أو تمديدها؟

كما ذكرتُ، دعوات التمديد غير دستورية ولا قانونية، بقي الآن الحديث عن الدّوافع السياسية، فأنا أرى أن الكثير من مكونات الطبقة السياسية، ومن خلال ما تقدمه من اقتراحات ومُبادرات، هي تتجاوز غالبا النصوص القانونية والدّستورية، ولذلك لا نسمع أي صوت يتحدث عن انسجام أو توافق المقترحات مع الدستور. ولذلك فمن الضروري أن يكون فيه عملية تقييم للقوانين قبل طرح أي مبادرات.
وإذا كان المُنادون بالتمديد أو التأجيل، يستهدفون إصدار رئيس الجمهورية تعديلا دستوريا يُطرح على البرلمان بغرفتيه، فهؤلاء يدفعون الرئيس لخرق الدستور، لأن تقديم اقتراح قانون تعديل دستوري وإن كان من صلاحياته، لكن تنعدم مبررات النزول إلى هذا النوع من الإجراء، لأنه يهدد استقرار واحترام الدستور، والذي يعتبر أهم وثيقة لتنظيم مؤسسات الدولة.

ما الذي يمكن أن يقدمه عقد ندوة وطنية تبحث التوافق الوطني، على صعيد تأجيل أو تمديد العهدة الحالية للرئيس بوتفليقة؟

أصلا، كلمة التوافق غير موجودة في الدستور ولا في القانون… في 2016 تم الحديث عن التوافق أثناء التحضير للدستور، فتكلموا عن توافق دستوري…. وأصل التوافق أن يكون بين الطبقة الشعبية والسلطة، ولكن أن يتم التوافق بين السياسيين، فمن يمثل هؤلاء وبأي حق يمنحون لأنفسهم هذا الحق؟ هذا تهريج سياسي.
نحن الآن في مجتمع ديمقراطي، يقوم على التنافس بين البرامج وليس على الإجماع، لأنه لا وجود للإجماع في الدولة الديمقراطية، وإلا فلنلغي التعددية الحزبية.
وهذا ما أعتبره دعوات فارغة تندرج ضمن سياسة معينة لتلهية الشعب، أو إرسال بالونات اختبار لمعرفة ردود الفعل.. الإيجابي في الأمر وجود الكثير من قوى المعارضة الفاعلة، الرافضة للتمديد أو التأجيل، على غرار الأفافاس وطلائع الحريات وبعض الفرق من الإسلاميين.
ومن جهة أخرى، هم يتحدثون عن تنظيم ندوة سياسية ومتمسكون في الوقت نفسه بالاستمرارية تحت إشراف الرئيس بوتفليقة، فلماذا إذن نذهب إلى الندوة؟ هذا هروب من الواقع، فحتى في حزب جبهة التحرير الوطني وبدل أن يجمع فرقاءه ولمِّ شتاته، هاهو يدخل في متاهة أخرى.

تم تنظيم ندوة وطنية في 1994 جاءت بزروال إلى الرئاسة، فهل الوضع مشابه؟

الوضع غير مشابه، في 1994 كان عندنا تجميد للدستور وغياب للبرلمان، وتنظيم ندوة وطنية كان ضرورة، لإيجاد مخرج العودة إلى الشرعية الدستورية، انبثقت عنها انتخابات تشريعية ثم رئاسية…أما الآن فلماذا تنظيم الندوة، مادمتم تطالبون بالاستمرارية؟ وكما أنها تبذير لمصاريف في زمن التقشف.

ما الحل برأيكم لتجاوز المأزق الحالي؟

المأزق مُفتعل، والحل هو في احترام الدستور، وتنظيم انتخابات رئاسية في موعدها، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

في البداية عن كان الحديث عهدة خامسة، ثم تراجعوا وتحدثوا عن الاستمرارية، فماذا يعنون بالاستمرارية، هل استمرارية برنامج الرئيس، أم استمرار الشخص نفسه؟

هم يريدون استمرار شخص الرئيس بوتفليقة لضمان استمرارهم في السلطة ومحيطها، وهم يجهلون أنه بمجرد انتخابه قد يرتدّ عليهم جميعا.

الخبير الدستوري لوراري رشيد لـ”الشروق”:
الدعوات لتمديد أو تأجيل الانتخابات تتنافى والدستور

ما تعليقكم على مطالب تأجيل الانتخابات؟

الثابت في النظام السياسي هو احترام المواعيد الانتخابية بالنسبة لجميع الهيئات عندما تكون البلاد في وضعية عادية، وما يؤكد هذا الكلام أن كل الاستحقاقات التشريعية وحتى المحلية والرئاسية بعد العشرية السوداء جرت في المواعيد المحددة لها، في حين أن الدعوات إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية تتنافى مع ما ينص عليه الدستور، وعلى وجه الخصوص المادة 110منه، الفقرة الثانية، حيث لا تسمح بتمديد العهدة الرئاسية إلا في الحالات الاستثنائية والمتمثلة في وقوع عدوان فعلي على البلاد أو يوشك أن يقع، وهنا يتم إعلان الحرب من قبل رئيس الجمهورية، ويترتب عنه إيقاف العمل بالدستور طوال حالة الحرب، ليتولى رئيس الجمهورية جميع السلطات وتمدد بالتالي المدة الرئاسية وجوبا إلى غاية نهاية الحرب.

ما محل هذه المطالب من الناحية القانونية والدستورية؟

ما يتم تداوله من دعوات إلى تمديد هذه العهدة الرئاسية، هي دعوات غير دستورية وغير قانونية، وبالنسبة لتمديد العهدة فهو غير وارد تماما في الدستور باعتباره أسمى تشريع في البلاد، فما عدا حالة الحرب الاستثنائية فلا يمكن أن يتم تأجيل الانتخابات طبقا لأي أساس قانوني أو دستوري.

يجري الحديث عن عقد ندوة وطنية تبحث التوافق، ما الذي يمكن أن تقدمه على صعيد تأجيل أو تمديد العهدة الحالية للرئيس بوتفليقة؟

هذه الدعوة وردت على لسان رئيس حزب “تاج” عمار غول، وقبله كان قد بادر رئيس “حمس” عبد الرزاق مقري بمبادرة التوافق الوطني، وكل هذه الدعوات هي عبارة عن مبادرات فردية، ولا تنم على أن أصحابها يعرفون بالضبط أو مطلعون على ما يحدث داخل السلطة، وإنما هي تعبير عن الانسداد والارتباك والغموض الذي يشوب عملية الانتخابات الرئاسية المرتقبة في أفريل 2019، وإلا كيف يمكننا أن نفسر التناقض الذي وقع فيه غول والذي كان من الأوائل الذين بادروا إلى مناشدة الرئيس بوتفليقة الترشح لعهدة خامسة، واليوم يطرح مثل هذه المبادرة التي تؤدي تلقائيا إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية وكل من يسير في فلكها. أعتقد شخصيا أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستجري في وقتها المحدد دستوريا وقانونيا، وأن المرسوم المتضمن استدعاء الهيئة الناخبة سيتم إصداره في وقته المحدد وفي أجل لا يتعدى 17 جانفي 2019 سواء ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى خامسة أم لم يترشح.

تم تنظيم ندوة وطنية في 1994 جاءت بزروال إلى الرئاسة، فهل الوضع مشابه؟

ليس هناك أي مجال للمقارنة بين ندوة الإجماع الوطني التي نظمت في 1994 وما يطالب به في وقتنا الحالي من تمديد للعهدة الرئاسية، فالسياق الذي عقدت فيه ندوة 1994 يختلف تماما في جميع جوانبه الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية عن السياق الحالي، وبالتالي لا مجال للمقارنة بينهما، كما أن الجزائر عند استدعاء الرئيس زروال كانت في ظرف أمني وسياسي حرج، أما اليوم فالبلاد تنعم بالاستقرار والطمأنينة والداعون إلى ندوة الوفاق هم أنفسهم من يقرون بالأمن والسلام.

ما الحل برأيكم لتجاوز المأزق الحالي؟

لا أعتقد أن هناك أي مأزق بالنسبة لإجراء هذه الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد فجميع الظروف الأمنية والسياسية والاجتماعية مواتية لإجرائها.

كان الحديث في البداية عن عهدة خامسة، ثم تم التراجع عنه وتحدثوا عن الاستمرارية، فماذا يعنون بالاستمرارية، هل استمرارية البرنامج، أم استمرار الشخص؟

هذا السؤال يجيبكم عنه أصحاب الدعوات نفسها، لكن بالنسبة إلي الاستمرارية تعني الاستمرار في تعميق المكاسب التي حققتها الجزائر في جميع المجالات، أما الأشخاص فيأتون ويذهبون، فأبجديات وقواعد الديمقراطية تبين بأن الأشخاص لا يدومون في هذه المناصب وإلا كيف يمكننا أن نتحدث عن تداول السلطة، فالانتخابات على جميع المستويات هي الوسيلة أو الأداة الدستورية والقانونية للوصول إلى السلطة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • كمال

    ليس هناك لا خامسة و لا تمديد .الحل هو التحديد في أفريل .لا نريد مبادرات من جديد .