مارادونا: قلبي فلسطيني

عندما تتعدى قضية حدود شعبها فهي بلا شك استطاعت أن تكسر الحصار الذي يريده عدوّها، وعندما تصل إلى أن تكون قضية تتبناها شعوب أخرى وتدافع من أجلها وتدفع لها تضحيات جسيمة فإن ذلك يعني انتصارا أخلاقيا كبيرا حققته رغم عتو قوة العدو وقدراتها الاعلامية.
مارادونا يقول للرئيس الفلسطيني: قلبي فلسطيني.. إن هذا يعني بوضوح أن القضية ليست فقط في دائرة التفكير المنطقي والعقلي وإنما تجاوزت ذلك لتكون قضية الوجدان والروح لناس ليسوا عربا ولا مسلمين ولا آسيويين ولا إفريقيين بل هم آخر قارات الكرة الأرضية.. وهذا يتساوق مع ما نراه في أمريكا اللاتينية ورجالها العظام، وهم يهتفون لفلسطين في فنزويلا وكوبا والبرازيل والأرجنتين ونيكاراغوا.. الأمر الذي يرتفع بنا ونحن ننطق أسماء تلك الديار وكأنها من جملة ديارنا وأن أهلها من خاصة أهلنا.
أجل إن فلسطين تستحق كل هذا الحب في قلوب الأحرار الشرفاء النابهين.. إن فلسطين تستحق كل هذا التبجيل في قلوب الانسانية أينما كانت في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوربا أو أمريكا اللاتينية أو آسيا وإفريقيا لأنها فلسطين التي يتجلى فيها الانسان ضد الطغيان والاجرام.
نعرف أن لا فائدة مادية ينالها من ينحاز إلى فلسطين بل إنه سيعرِّض نفسه لمطاردة المجرمين ومحاصرة الأفاقين المرتزقة وأسيادهم العبيد.. ونعرف أن الانحياز الحقيقي إلى فلسطين يحرم صاحبه من حرية التحرك ومن فتح أبواب الرزق ومن الترحيب والتقييم.. لكننا ندرك أن الانحياز إلى فلسطين إنما هو انتصار في البداية لمعاني الشهامة والرجولة والإنسانية، وهو وفاء لكل هذه القيم وتقدم حقيقي في درب النور الإنساني الذي يرسم معالم الوعي والانتباه أمام البشرية.
إن قلبي فلسطيني.. أجل ما أحرى كل عربي وكل مسلم أن ينطق هذه الجملة المكثفة فيتحرر من التمزقات العرقية والجاهليات المنتنة ولغة الفتن.. ما أحرى أن يشعر بهذا الإحساس كتابنا ومثقفونا وساستنا فيرتفع شأنهم بين الأمم ويسود فيهم منطق العزة والكرامة.
وكعادة الأحرار دوما لا يملك العرب والفلسطينيون والمسلمون إلا أن يقولوا لمارادونا: وأنت منا.. إن لك بموقفك هذا حب مليار ونصف مليار مسلم.. ولك في كل بيت فلسطين متكأ وفي كل درب من دروبها تحية وسلاما..