-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما أروع أن تتلهّف أرواحنا إلى الجنّة!

سلطان بركاني
  • 784
  • 0
ما أروع أن تتلهّف أرواحنا إلى الجنّة!
ح.م

مع أوّل ليلة من رمضان، تفتّح أبواب الجنان، فتهبّ نسماتها لتشرح الصّدور وتغمر الأرواح، وتذكّر عباد الله المسلمين المؤمنين، بأنّهم ما خلقوا إلا ليعبدوا الله، ويطيعوه جلّ في علاه، فيرحمهم ويكرمهم بدخول جنّته ودار كرامته ومستقرّ رحمته.. يذكّرنا رمضان بهذه الحقيقة، لتبقى الجنّة نصب أعيننا، ماثلة في أذهاننا، فنجعل الفوز برضا الله ودخول الجنّة غاية أمانينا، ونسعى لنحطّ رحالنا في أرجائها مع والدِينا وزوجاتنا وأبنائنا؛ شعارنا دائما: “مِن هنا نبدأ وفي الجنّة نلتقي بإذن الله”.

الزّوج المسلم يجعل هدفه أن تستمرّ عشرته مع زوجته في الجنّة دار القرار؛ فيعينها على طاعة الله، ويسعى ليحول بينها وبين غضب الله. يذكّرها إن هي نسيت أو غفلت، ويشحذ همّتها إن هي تثاقلت أو تكاسلت، يهتمّ لدينها وآخرتها أكثر من اهتمامه بدنياه ودنياها.. يغضّ طرفه إن هي قصّرت في أمر من أمور الدّنيا الفانية، وربّما يتغافل إن قصّرت بعض الشّيء في حقّه، كأن تتأخّر مثلا في إعداد الطّعام أو كيّ الملابس، لكنّه لا يتغاضى أبدا عن تقصيرها في حقّ خالقها جلّ في علاه، ويفرح وينتشي كلّما رآها مقبلة على دينها مهتمّة بطاعة خالقها، لأنّه يعلم أنّها ستكون مدرسة لأبنائه، يتعلّمون منها الصّلاح ويسيرون خلفها على طريق النّجاح والفلاح.
وهكذا الأب مع أبنائه وبناته؛ يسعى ليجتمع بهم في الجنّة كما اجتمع بهم في الدّنيا، ويهتمّ بدينهم وأخلاقهم أكثر من اهتمامه بدنياهم، يهتمّ بأن يحافظ أبناؤه على الصّلاة في المساجد، ويحفظوا القرآن والأذكار والأدعية، ويظهروا في مظهر يليق بشباب مسلمين، ويهتمّ بأن تحافظ بناته على الحجاب ويتحلّين بالعفاف ويتجمّلن بالحياء ويتابعن القنوات والمواقع والصّفحات الدينيّة والدّروس والمحاضرات النّافعة.
إنّه لا أسعد ولا أمتع ولا أنفع من أن يعيش الأب مع أسرته في كنف طاعة الله، في بيت تحفّه الملائكة وتغشاه الرّحمة. لا مكان فيه للعداوة والبغضاء والخصام. لا يُسمع في أرجائه إلا الكلام الطيّب؛ لا غضب ولا نصب، ولا عداوة ولا وصب، من نسي يجد من يذكّره، ومن غفل يجد من يوقظه، ومن فترت همّته يجد من يستحثّه ويشجّعه. غاية الجميع أن يجتمعوا في جنّات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، في نعيم مقيم لا يشوبه ضجر ولا كدر، وفي لقاء ووفاق ليس بعده فراق ولا شقاق. ((جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار)).
إنّ الحرمان منتهى الحرمان أن يجتمع الزّوج مع زوجته والأب مع أبنائه تحت سقف واحد، على الدّنيا، ولأجل الدّنيا، لا هدف ولا غاية إلا الدّنيا، ولا حديث ولا همّ إلاّ همّ المطاعم والمشارب والمناصب والمراكب والرّواتب، لا مكان للحديث عن صلاة ولا صوم ولا قرآن ولا ذكر ولا دعاء.. ثمّ يكون الفراق الذي لا لقاء بعده بالموت.
لهذا، فمن كان يودّ زوجته حقيقة، فليعمل وإياها على أن يجتمعا في الجنّة، ومن كان يحبّ الخير لأبنائه صدقا، فليعمل على أن يجتمع بهم في الجنّة، ((وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)).
أبواب الجنّة مفتّحة في رمضان، فهل تحرّكت قلوبنا وأرواحنا شوقا ولهفا إليها؟ وهل حان الوقت لنتزيّن ونتهيّأ لها، وهل آن الأوان لتتزيّن بيوتنا وأسرنا، أملا في الظّفر بمكان بين أرجائها؟ إنّ الخسارة التي ما بعدها خسارة أن يسمع العبد بجنّة عرضها السّماوات والأرض، ويعيش في هذه الدّنيا عقودا من الزّمان، ثمّ لا يكون له في تلك الجنّة الواسعة شبر واحد!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!