-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما لم يقله أردوغان!

قادة بن عمار
  • 3057
  • 3
ما لم يقله أردوغان!

من استمع إلى خطاب الرئيس التركي بالأمس سيخرج بنتيجة مهمة، وهي أن سقف التوقعات والطموحات التي كانت منتظرة من كلمة رجب طيب أردوغان جاءت أعلى بكثير من مضمون الخطاب في حد ذاته، والأمر الآخر أن أردوغان فضل الإبقاء على أوراق القضية و”دليل الجريمة” في درج مكتبه إلى غاية إشعار آخر.
أولا: لقد صوّر الإعلام لنا “الخطاب المرتقب” على أنه سيكون مخصصا بالكامل لموضوع واحد وهو سرد تفاصيل جريمة اغتيال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول، لنكتشف في ما بعد أن الموضوع مثّل فقرة بسيطة ضمن الخطاب، الذي أتى في معظمه موجها إلى الاستهلاك الداخلي.
ثانيا: لم يُضِف أردوغان شيئا مهمّا عن تلك التسريبات التي بات الإعلام التركي ومعه العربي ينقلها يوميا عن الجريمة منذ وقوعها، بل وتبين أن القضية تم غلقها رسميا ليلة “الاعتراف السعودي” بتورط 18 شخصا، وأن الأمر وقع دون علم القصر الملكي وتحديدا وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان.
ثالثا وهذا هو الأهم، يبدو أن الاتصالات المكثفة التي تم إجراؤُها في الـ48 ساعة الأخيرة وتحديدا بعدما قال أردوغان إنه “سيكشف كل شيء يوم الثلاثاء”، قد سمحت بإطلاق مفاوضاتٍ سرية، فقد لا نعلم نتائجها فورا ولكنها ستكون مهمة جدا وبالغة التأثير على خارطة المنطقة ككل في الفترة القادمة.
أردوغان أثنى في كلمته على الملك السعودي سلمان، وقال إنه رجلٌ صادق في كلامه وأفعاله، وهو الوصف الذي تلقته وسائل إعلام سعودية بحفاوة كبيرة بل وأعادت تكراره في جميع منابرها خلال الساعات الماضية، لكن هل معنى ذلك أن أردوغان رضخ لإغراءات سعودية مهمة؟ وما طبيعة تلك الإغراءات؟ وهل يدخل في مضمونها رفع الحصار عن قطر مثلا؟! ثم لماذا زار وزيرُ الخارجية المصري سامح شكري الرياض ساعات قبل خطاب أردوغان؟ وما فحوى اتِّصال هذا الأخير بترامب قبل الخطاب أيضا؟ ولماذا اختارت موسكو ساعة الخطاب لتنشر بيانا رسميا تؤكد فيه براءة القصر الملكي ومحمد بن سلمان من الجريمة؟!
هذه الأسئلة وغيرها تبدو أهمَّ من تلك التي أطلقها أردوغان في خطابه عن مكان جثة خاشقجي، وعن هوية المتعاون المحلي الذي تصرَّف فيها، فمثل هذه الأسئلة الجنائية قد لا تكون مهمة إذا ما طُمِست وفقا لتفاهمات سياسية بين كل أطراف القضية.
يبقى أن وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان وإن كان على وشك الخروج من الأزمة دوليا، والتحرر من تلك الضغوط الممارسة من طرف واشنطن عليه ومن حالة “الابتزاز التركي” إن وُجدت، فهو لن يخرج سالما من الضغوط التي ستمارسها العائلة المالكة، وقد نشاهد قريبا استدعاء هيئة البيعة لمراجعة المناصب وفي مقدِّمتها ولاية العهد خصوصا وأن وزير الطاقة السعودي اختار افتتاح أهم ملتقى استثماري اقتصادي في السعودية أمس ليقول إن الأزمة أخطر مما كانت الرياض تتصوَّر، وهي العبارة نفسها التي استعملها الأمير والرجل القوي في العائلة تركي الفيصل ومن قبله أيضا وزير الخارجية عادل الجبير، فهل سيكون منصب محمد بن سلمان مطروحا للتفاوض أم لا؟ الأيام كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال وعن بقية الأسئلة الشائكة الأخرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • العمري

    أردوغان كوميدي واستراتيجي من الطراز الأول.في الكثير من الأحيان يصرح بشيئ ويفعل شيءا أخر. رأيناه يدين اسرائيل في العلن ويطور علاقاته معها الى أبعد حد، كما رأيناه يبتز الأوروبيين برفع ورقة المهاجرين الذين سيطلقهم على أوروبا. اليوم جاءت الفرصة ليبتز بقضية الغاشقجي السعودية وحاميها ترامب. فكل التسريبات الى الصحافة تريد أن تعني أن أردوغان لديه الادلة لإدانة السعودية في القضية وإذا أعلنها ستكون العاقبة وخيمة على حكام السعودية ومن يتعامل معها. وعليه فإن أرادوا أن يستر المستور فما عليهم إلا أن يقدوموا له يد المساعدة لإخراج بلده من الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد التركي. وكان له هذا وصمت الرجل.

  • متسائل

    من مات فهو عند ربه يرحمه و يحاسبه, المهم و الاهم هي سياسة الاحياء فيما ينفعهم و يحييهم و ينظم حياتهم بالعلم و العدل. ليس مثل بعض اشباه الاحياء يعيشون و يقتاتون من قصص الغابرين .

  • mahi

    لان القضيه اثارت كل هذا الزخم الاعلامي العالمي ولان العالم كان ينتضر كلمه اردوغان بوصفها الكلمه الرسميه فان المتتبعين الذين يقراون مابين السطور فانه من الطبيعي ان تاتي الكلمه بخطوط عامه بعيدا عن التفاصيل فان الاعتراف السعودي بالمسؤوليه عن الجريمه قلل من اهميه تصريح الرئيس اردوغان وهو الذي كان يمكن ان يكون مزلزلا لو لم يعترف االسعوديون بذلك وهذا ما حرصت عليه تركيا من البدايه حين حشرت الجانب السعودي في الزاويه من اجل الاعتراف هو بدلا من ان ياتي الاتهام من الغير وهو ذكاء سياسي محترف من الاتراك اما الباقي فهو مجرد تفاصيل جنائيه يتكفل بها القضاء اما التداعيات السياسيه فهي بطيئه وسوف تتتال