ما هو أجمل هدف في تاريخ “الخضر”؟

بمجرد انتهاء مباراة الجزائر أمام زيمبابوي، التي جرت في هراري، حتى تبادل الجزائريون بالصورة والصوت والتعليق، هدف رياض محرز الثاني، وجاء في غالبية التعليقات بأنه أجمل هدف في تاريخ المنتخب الوطني الجزائري، بالرغم من أن المعلقين لم يعيشوا الأزمنة السابقة لـ”الخضر” من ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ولا يعرفون النجوم الذين مرّوا على المنتخب ولم يشاهدوا طبعا أهدافهم.

هدف رياض كان جميلا لأنه جاء خارج الديار، وعلى أرضية ميدان سيئة، حيث استقبل كرة عالية من سعيد بن رحمة فاستقبلها بعقب قدمه اليسرى مراوغا مدافع المنافس، ومندفعا إلى قلب المرمى فكان ثلاثة مدافعين وحارس في استقباله، فعبث بمدافع يمينا ويسارا أمام أنظار زميليه، ثم دسّ الكرة باقتدار في المرمى، جمال الهدف يكمن في كونه من اجتهاد فردي ومن غير المعقول تذكر تمريرة سعيد بن رحمة لأنها لو جاءت للاعب آخر ما كانت تحوّل إلى هدف، ولو جرت المباراة في أوربا بتصوير وإخراج أوروبي لاستمتعنا بالهدف من كل الزوايا ولظهرت حلاوته أكثر. من الأهداف النادرة في روعتها، ذاك الذي سجله رابح ماجر في مرمى نيجيريا في أكتوبر من سنة 1981 في قسنطينة ضمن مباراة السد النهائية للتأهل لكأس العالم في إسبانيا، حيث وصلته كرة عالية فراقبها وهو يجري ملتصقا بمدافع، فراوغه بلقطة فنية وأرسل قذيفة باليسرى، كما أن جمالية هدف بلومي في مرمى ألمانيا سنة 1982 تبقى راسخة في التاريخ، حيث تلقى رفقاء سرباح هدفا من رومينيغي، فباشر “الخضر” إعادة الكرة من نقطة وسط الميدان، فمرّر عصاد لبلومي الذي أعاد الكرة إلى فرقاني الذي راوغ ومرّر لزيدان الذي حوّل الكرة إلى منصوري الذي قدّمها لدحلب ومنه إلى عصاد ثم دحلب الذي وضعها على قدم عصاد المنطلق بسرعة ليقدمها على طبق لـ”الخضر” بلومي الذي اكتفى بوضع قدمه، فكانت عشر تمريرات دقيقة وسريعة كافية لتحقيق هدف خرافي في جماعيته، كما كانت جماعية هدف الخضر الرابع في مرمى كوريا الجنوبية في مونديال البرازيل من قدم ياسين براهيمي علامة أيضا، وعموما فإن أهداف “الخضر” في المونديال في أربع مناسبات كانت عادية باستثناء جماعية هدفي بلومي وبراهيمي، في وجود لاعبين متميزين على مدار التاريخ.

ومن الأهداف التي نسيها الناس بسرعة بالرغم من جمالها، مقصية علي مصابيح في مرمى مصر، وربما نسوه لأن المباراة انتهت لصالح مصر بخماسية مقابل هدفين في تصفيات مونديال 2002، وحلاوة الأهداف تبقى راسخة في حالة الفوز، كما كان الشأن في هدف حسين آشيو أمام مصر في تونس في سنة 2004، أو هدف عنتر يحيى أيضا أمام مصر في سنة 2009، فمثلا لو لم يسجل عنتر يحيى ذاك الهدف ما علق كلاعب في ذاكرة الناس أبدا.

لكن إجمالا فإن لرياض محرز حاليا كمّا لا يستهان به من الأهداف الجميلة مع “الخضر” ومنها هدف المباراة بملعب 5 جويلية في مرمى زيمبابوي وهدفاه في مرمى كولومبيا والمكسيك على وجه الخصوص، من دون نسيان مخالفته أمام نيجيريا، والواقع عندما يجمع لاعب هذا الكمّ من الأهداف الجميلة جدا، فمعنى ذلك أنه هو الأحسن، لأن البقية سجلوا هدفا وخلّدوا أنفسهم مثل مصابيح وآشيو وكان مرورهم عبر “الخضر” يشبه ظهور ضيوف الشرف فقط.

أكيد بأن هناك أهداف كثيرة منها التي سجلت في مباريات لم تصوّر أصلا عندما كان الخضر يلعبون في بلدان لا تمتلك أصلا التلفزيون، فلا أحد شاهد أو سيشاهد أهداف لالماس الثلاثة في مرمى أوغندا في بطولة أمم إفريقيا التي لُعبت في إثيوبيا سنة 1968 مثلا، ولا أحد يذكر أهداف رابح قموح في مرمى العملاق الساسي عتوقة حارس منتخب تونس في السبعينيات، ولو يقوم التلفزيون الجزائري الذي يمتلك أرشيفا ضخما لـ”الخضر” بتقديم عشرة أهداف للتصويت على الأجمل فيها، قد يكون من بين العشرة، ثلاثة على الأقل من ألعاب الساحر رياض محرز.
يقال إن أجمل الأهداف، هي تلك الذي تحقق للفريق أو المنتخب الانتصار، خاصة إذا كان الهدف الأخير، لأنه لا معنى في وصف هدف استثنائي لفريق هو في الأصل خاسر للمباراة، ومن حسن حظ رياض محرز، أن أهدافه الجميلة لا تتزامن أبدا مع الخسائر، فتعلق في الذاكرة.
ب. ع