-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
صار يتابعها غير الجزائريين ويتمتعون بتفاصيلها الغريبة

مباريات الخضر صارت أشبه بالأفلام السينمائية المثيرة

الشروق الرياضي
  • 2461
  • 0
مباريات الخضر صارت أشبه بالأفلام السينمائية المثيرة
ح.م

إلى غاية مباراة الدور الثمن النهائي أمام غينيا، كان المنتخب الجزائري لا يجد صعوبة في الفوز، فكانت انتصاراته الأربع المتتالية أمام كينيا والسنغال وتانزانيا وغينيا، أشبه باللوحات الزيتية الجميلة، وكانت الأهداف التسع الأولى في غالبيتها من ألعاب مدروسة وخاصة في مباراة غينيا حيث كان كل هدف من الأهداف الثلاثة أجمل من الآخر، ولم يكن الجمهور يجد داع للاحتفال الشعبي، بمنتخب كان ينهي المباراة في النصف ساعة الأول من عمرها، ولم يترك أي فرصة للإثارة والتشويق للمتفرجين الذين يكتفون بالتمتع فقط.

لكن منذ مباراة الربع النهائي، تغيّرت الأمور رأسا على عقب وصارت كل مباراة هي فيلم سينمائي مليء بالسوسبانس، يتابعها الناس من أول دقيقة إلى آخر دقيقة بل ويقرّون في أماكنهم خوفا من حدوث مستجدات في المبارة من لقطة إلى أخرى.

فبعد الفيلم الدرامي الذي عاشه الجزائريون وغرقوا رفقة الكثير من غير الجزائريين في بحر من دموع بغداد بونجاح ويوسف عطال وجمال بلماضي، وعاشوا مع ضربات الحظ التي كادت أن تقضي على العشرات أمام كوت ديفوار، تواصل العرض السينمائي المبهر، في مباراة النصف النهائي أمام نيجيريا، بدءا بقوافل المشجعين الذين استعمروا القاهرة وقدموا كرنفالا في الهواء الطلق أمام المصريين الذين كانوا منذ سنوات مشحونين إعلاميا ضد كل ما هو جزائري.

وبالرغم من أن المباراة بين المنتخبين الكبيرين لم تكن ذات مستوى عالي، وكانت أشبه بنهائي يريد كل منتخب أن يسرق فيه الكأس من الآخر، إلا أنها تمّيزت بالسوسبانس الذي تواصل إلى غاية الثانية الأخيرة من الوقت بدل الضائع.

كانت كل الأنظار متوجهة نحو بغداد بونجاح بطل الفيلم السابق، كان الرهان عليه لأن يثأر لنفسه، على كل لسان، ولكن البطل الدرامي عجز عن صنع المتعة، فأضاع كمّا من الأهداف، وخرج عن النص، وعرّجت الأنظار نحو خليفة عطال اللاعب مهدي زفان الذي وصفوا رواقه بالطريق السيّار شرق غرب، والذي كان في مواجهة قائد فريق نيجيريا أحمد موسى، رفيق محرز السابق في نادي ليستر، ولكن مهدي زفان لم يلعب دور الضحية ولم يترك موسى يستعمر الجهة اليمنى. وسجل الخضر لأول مرة منذ بداية الدورة هدفا من هدية من المنافس، بعد محاولة من رياض محرز الذي بحث عن بونجاح العاجز عن التهديف، فوجد مدافعا نيجيريا تولى التهديف لصالح الخضر، ولم يوفق رفقاء محرز في قتل المباراة، وفي الشوط الثاني صنع الجندي المخفي، الرائع ماندي الحدث، عندما تسبب في ضربة جزاء لعن فيها الجزائريون الفار، وعجز أيضا الحارس مبولحي عن توقيفها. وفي أواخر الشوط الثاني بدت المباراة وكأنها نسخة كاربونية طبق الأصل لمباراة كوت ديفوار الربع نهائية، وكأنها فيلم سينمائي مكرر، وبالرغم من محاولة سفيان فيغولي الأولى وكرة بن ناصر التي ردتها العارضة الأفقية، إلا أن غالبية الجزائريين استسلموا وتأكدوا بانهم سيعيشون الوجع مرة أخرى، كما عاشوه في اللقاء السابق أمام كوت ديفوار، وحتى النيجيريين كانوا متيقنين بأنهم سيجرّون الخضر إلى الأوقات الإضافية لكي يستغلوا تعبهم ويجهزون عليهم.

الجزائر سجلت في الشوط الأول أمام كوت ديفوار، وكررتها أمام نيجيريا، والجزائر تلقت هدف التعادل في الشوط الثاني أمام كوت ديفوار وتكرر المشهد، وبلغنا الدقيقة التسعين وكل شيء يشبه ما حدث سابقا.

إلى هنا بدا فيلم نيجيريا صورة طبق الأصل لفيلم كوت ديفوار، ومن الطرائف أن آخر نفس من الوقت الإضافي أمام كوت ديفوار انتهى بمخالفة على بعد 20 مترا، نفذها آندي ديلور فخرجت مجانبة الخشبة اليسرى للحارس الإيفواري، وكان آخر نفس في مباراة نيجريا بحصول بن ناصر على كرة من نفس المسافة. لأجل ذلك كان أشد المتفائلين يفكر في الوقت الإضافي، فقد ترجى بلايلي ديلور للتنفيذ فرفض، وترجى بلايلي، في مباراة نيجيريا رياض محرز للتنفيذ فرفض.

منذ أن غادر رياض محرز فريق ليستر سيتي لم يعد ينفذ إطلاقا المخالفات، ففي مانشستر سيتي يوجد الألماني ساني، أو البلجيكي دوبراين، أو حتى الألماني غوندوغان، وهذا ما جعل غالبية الجزائريين يظنون أن تنفيذ المخالفة هو قتل ما تبقى من وقت المباراة، والانتقال إلى الوقت الإضافي، فهناك من وصف المباراة بالمخيبة والفاقدة للسوسبانس بل هناك من وصفها بالمملة.

كانت ساعة المباراة تشير إلى الثواني الأخيرة من الوقت بدل الضائع من المباراة، ولكن محرز نسف الفيلم السينمائي الأول بقذيفة يسارية سحرية قدّم فيها نفسه بطلا غير متوقع لفيلم سينمائي من أروع ما يكون.

الذين يتابعون رياض محرز في الدوري الإنجليزي شاهدوه دائما وهو يسجل الأهداف الحاسمة والرائعة في مرمى كبار العالم، ولكنهم لم يشاهدوه أبدا وهو في فرحة جنونية هستيرية، كما كان حاله في ملعب القاهرة.

هل تعلمون بأن الخضر من زمن لالماس وهم يلعبون في هذا الملعب الكبير ستاد القاهرة الدولي، الذي مرّ عليه ماجر وبلومي وعصاد وتاسفاوت وبن عربية وحتى اللاعب جمال بلماضي، ومرّ عليه دزيري ومصابيح وقاسي سعيد كمال وزياني وعنتر يحيى، ولم يحدث وأن فازت فيه الجزائر، ولكن الفيلم الجديد ببطل واحد هو الجزائر، التي كسرت روتين البطولة الإفريقية البدنية والمملة، بلعب جميل وتمريرات ساحرة من كل اللاعبين من رامي بن سبعيني إلى يوسف بلايلي.

كل الإعلاميين الذين تقمصوا دور البطولة في مسلسل الأحقاد ضد كل ما هو جزائري وعلى رأسهم عمرو أديب وخاصة مدحت شلبي وهذا منذ عشر سنوات في زمن أم درمان، تغيروا الآن وصاروا يقولون بأنهم يتمتعون إلى حد الدهشة وتمني أن لا تنتهي مباريات الخضر، ومن السبّ والشتيمة إلى المديح المبالغ فيه.

كل أهداف الجزائر العشرة الأولى كانت عبارة عن تحف جماعية، هذه المرة لقطة فردية واحدة صنعت الحدث، وأكملت أشاهد هذه الأفلام الناجحة في انتظار الأوسكار في مباراة السينغال التي سيتصارع الفريقان على التاج واللاعبين ماني ومحرز على الكرة الذهبية الإفريقية، ولكن بالضرورة في فيلم سينمائي ساحر.

ب.ع

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!