-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

متى نعالِج وفق مقاييس عالمية؟

متى نعالِج وفق مقاييس عالمية؟

لا أفهم لماذا تبقى التسهيلات في مجال الاستثمار الصحي في بلادنا محدودة بالنسبة للقطاع الخاص، ومعدومة بالنسبة للقطاع الأجنبي؟ لماذا نسعى لتشجيع الاستثمار الأجنبي والخاص، أو على الأقل نُبدي نيَّتنا في ذلك، في مجالات المحروقات وصناعة السيارات مثلا، ولا نولي أي أهمية لقطاع خدماتي حسّاس يحتاجه المواطن كل يوم مثل قطاع الصحة، رغم أن الجميع يعلم أن ما لدينا من مرافق عامة أو خاصة لم تعد قادرة على استيعاب الطلب الكبير للعلاج في مختلف التخصصات، وأن ما بذله بعض الخواص من جهد في هذا المجال بالذات غير كاف ويتم بصعوبات جمّة ولا يزيد عن كونه عبارة عن وحدات صغيرة متمركزة في المدن الكبرى؟
في أكثر من بلاد، كانت بالأمس القريب في مستوانا من حيث المرافق الصحية، عرف فيها القطاع الصحي تحولات جذرية بلغت أحيانا نطاق العالمية، يكفي أن نذكر في هذا المجال تجارب كل من تركيا والأردن وتونس، حتى لا نقارن أنفسنا بالدول الأكثر تقدما. لماذا لا نعتمد سياسات صحية في هذا المجال تُمكّننا من الخروج من حالة التدهور التي نحن عليها؟
هل يُعَدُّ مساسا بالسيادة الوطنية أن نعقد شراكات مع مستشفيات عالمية تأتي لتفتح فروعا لها على مستوى مختلف ولاياتنا بالمقاييس الدولية بالتعاون مع القطاع الخاص والعام؟ أليس من حق المواطن الجزائري أن يعالَج في بلده وفق المقاييس الدولية، وأن يتم فتح مجال الخيارات أمامه ليتوجه حيث يجد راحته؟ ما الذي يمنع من أن يُعاد النظر في أساليب الضمان الاجتماعي ليتمكن ذوو الدخل المحدود من الاستفادة من خدمات صحية راقية؟ بل أليس هذا هو أفضل سبيل للدفع بمستشفياتنا العامة إلى تحسين أدائها والاستفادة من التطورات الحاصلة في العالم؟ هل يُعقل أن تبقى منظومتنا الصحية تُسيَّر بالكيفية التي نراها اليوم؛ أي متخلفة بقرن من الزمن أو أكثر على ما يحصل في العالم؟
إنه لشيء غير مقبول أن يبقى العلاج وفق المقاييس الدولية حكرا على المحظوظين من الناس أو كبار المسؤولين وعائلاتهم، في حين يُترَك بقية المواطنين يعانون بين الموت والحياة في ظل ظروف صعبة وضمن سلسلة من التبريرات لا نهاية لها.
اعتقد أنه حان الأوان اليوم لتغيير خيارنا الاستراتيجي في مجال الصحة بكيفيةٍ مدروسة وعقلانية ودون تأخير. إننا نملك كفاءات وطنية عالية المستوى في الداخل وفي الخارج، ونملك حتى الكثير من الوسائل غير المستخدَمة بطريقة عقلانية، وننفق مبالغ ضخمة على هذا القطاع، ولكننا في ظل خيارات غير ملائمة للمرحلة وسياسات صحِّية عفا عنها الزمن، وتسييرٍ غير ملائم، لا نشعر بالطمأنينة والأمان ونحن نمرض، ونحس بكثير من الأسى ونحن نسمع أن كبار القوم يتجهون نحو باريس وغيرها، والبقية الباقية تَحلم بالعلاج حتى في تونس وقد ضاقت بها مستشفيات بلادها ذرعا.
نُشر من قبل

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • عبدو

    بالمختصر المفيد يجب اعادة النظر في السياسة الاجتماعية للدولة ليس في قطاع الصحة فقط بل في كل القطاعات خاصة التربية والجامعات من خلال التوجه الرأسمالي البحت مع الحفاظ على الدعم للطبقات الاجتماعية الهشة والتي تستحق فعلا دعم الدولة

  • احسن

    تمنيت لو كنت متزنا و مووعتا كما هنا و ساندت اللائكية العلمانية

  • حاسن لهشيلي

    شكرااستاذ لقد كان موضوعك هذاعلاجا لما يختلج في صدري بل في صدركل مواطن وانت تتحدث عن رداءةالعلاج في بلدنا .وكأن قبمة الالة المستثمر فيها اغلى من قيمة الانسان من سيارات وقطع غيار ...الخ

  • الطيب

    كيف ننتظر النوعية في الصحة و في غيرها من القطاعات و نحن نفتقد إلى من يهندس لها و يخطط لها و يبدع فيها و في تسييرها ؟! هؤلاء لا يفقهون لا في المصلحة العامة و لا في تطوير البلد و لا في الاستشراف و لا في التحديات المعاصرة التي على رأسها الصحة و البيئة و الأمن بمفهومه الواسع....هؤلاء همهم اليومي هو المال و العقار و المشاريع و التحواس... إنك تعلم يا أستاذ أنّ الشوك ينتج الشوك لا ينتج العنب .

  • ابن الجزائر

    يا دكتور في هده الحالة لن تصبح الجزائر جزائرا ؟تعرف لمادا يا سي سليم أولا لأن فافا لا تريد هدا وهي من تتحكم في كل شئ وهي من تنصح وتأمر في نفس الوقت هل تريد للتاجر الكبير في الدشرة يمنح فلوسا للآخرين حتى يفتحوا تجارة تنافسه ؟ثانيا ورد في مقالك عن تركيا وتونس والأردن هم مواطنون أصليون في بلدانهم ولهدا هم مخلصون لها أما عندنا بالأسم وبالوظيفة وبما يأخده من المصرف للبتول والغاز طبعا بدون مقابل ،ألم ترى ما يحدث في البرلمان هل يتقاتلون على تنمية البلاد وتحسين معيشة وخدمة الشعب الدي يدعون أنه أنتخبهم وهوبرئ منهم ولم ينتخب عليهم الا أصحابهم ممن ينتظرون منهم مقابلا لدالك ؟هده الحقيقة التي لا يريدونها

  • عيسى

    حسبنا الله و نعم الوكيل

  • محمد البجاوي

    لا شيء يسير وفق المقاييس العالمية في هذا البلد..و لا حتى الفساد لا يخضع لأي مقياس.