-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

متى نهتدي إلى الإصلاح على الطريقة الماليزية؟

محمد سليم قلالة
  • 1240
  • 11
متى نهتدي إلى الإصلاح على الطريقة الماليزية؟
ح.م

عندما نَطلبُ الإصلاح أو التغيير علينا أن نُدرك بأننا نتعامل مع غاية تتعلق بمُركَّب اقتصادي – اجتماعي- ثقافي – سياسي، تَشكّل عبر فترة زمنية ليست بالقصيرة، ووَصل في بعض المستويات إلى حالة فقدان القابلية للتغيير، ولسنا نتعامل مع هدفٍ جزئي له علاقة بشخص أو قطاع أو شركة أو حتى مجموعة أشخاص وشركات وقطاعات تَبيَّنَ لنا فسادُها… بما يعني أنه علينا في المقام الأول، أن نعي جيدا درجة التداخل بين المتغيرات والمكوِّنات المُشَكِّلة لمعادلة “موضوع التغيير”، وفي مرتبة ثانية أن نُدرك الترابط التصاعدي والتنازل بين عناصر هذه المعادلة المُعقَّدة جدا، وفي مرتبةٍ ثالثة أن نأخذ بعين الاعتبار معامل الزمن وميكانيزم التكيُّف لدينا عند الشروع في عملية تفكيك مختلف المجاهيل.. دون هذا الإدراك الواعي للمتطلبات الثلاثة تُصبح الدعوة إلى الإصلاح أو التغيير أو الثورة كما يتساهل البعض في استخدام المصطلح، مجرد أداة للتلاعب بالعواطف والعقول لأجل الدفع بالمجتمع نحو تحطيم ما بَقي من صلابة في الأرضية التي يقف عليها، ليسقط تدريجيا في الهاوية المُعَدَّة له سلفا، ولا ينتبه إلى كونه قد سار شوطا في طريق السقوط إلا بعد فوات الأوان…

ولعل هذا ما وقع لأشقائنا في ليبيا وسوريا واليمن والعراق والسودان إلى حد الآن، ومصر في طريقها إليه، ونحن نعيش مقدِّمات ذلك إذا لم نتدارك الأمر في ما بقي لنا من زمن وقدرة على التكيف… بل حتى أشقاؤنا في تونس على خلاف ما يبدو لم ينجوا من ذلك، فالنظام السياسي ما بعد “بن علي” أوصل “ديمقراطيا” إلى الحكم مَن أصبحوا يتجرؤون حتى على أحكام القرآن الكريم!

بما يعني أن بحثنا عن التغيير الإصلاحي وليس التغيير التخريبي، ينبغي أن يتجاوز المجال الجيوسياسي المباشر الذي ننتمي إليه، ما بين أقصى تجربة فاشلة (سورية، اليمن)، وأكثرها نجاحا (تونس)، إلى النظر إلى تجارب أخرى أكثر نجاحا مثل ماليزيا… وأنه علينا ألا ننساق خلف مثالية البعض التي تصل إلى درجة الوهم، أو واقعية البعض الآخر التي تريد إخفاء الحقيقة. بل أن نجد نقطة التوازن الملائمة التي تُمَكِّننا من أن ننتقل بذكاء، تدريجيا نحو وضع جديد بعيدا عن كل تهويل أو تخويف ومن دون خسائر تُذكر.

لقد تمكنت شعوبُ جنوب شرق آسيا من تحقيق التقدم بسلاسة بسبب خياراتها الذكية والاقتصاد في الخسائر… لماذا لا نكون مثلها؟

عندما هيمنَتْ “عصابة” سياسية على الحكم ونهبت خيرات ماليزيا طيلة 15 سنة (2003ـ 2018) التي تركها حكم محمد مهاتير… لم يلجأ الشعب إلى خيار ثالث لتصحيح الأوضاع بل أعاد إلى الحكم محمد مهاتير عبر الانتخابات وليس بوسيلة أخرى… وفي ظرف 10 أيام استطاع استرداد ملايير الدولارات من ناهبيها، وشرع في استرداد الأموال المهرَّبة إلى سويسرا والولايات المتحدة وسنغافورة وألغى الضرائب غير المشروعة، ومَنع على وزرائه قبول أيِّ هدايا سوى الورد أو الطعام… أي أقام نظاما حقيقيا ضد الفساد، وهكذا تمَكّن هذا الرجل الذي يبلغ عمره 94 عاما، ليس فقط من كسب تأييد شعبه رغم تقدُّمه في السن، بل من الشروع في إصلاح حقيقي وتدريجي لنظام بلده السياسي والاقتصادي والاجتماعي دون أن يَدَّعي الثورية ولا أن يُزايد في الكلام على أحد… بل من خلال تحالف أسماه تحالف “الأمل”، فاز في الانتخابات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • أحمد

    من تخاطبهم و تسألهم لا يقرأون و إن قرأوا "بالصدفة" لا يعون .
    التجربة السنغافورية التي قادها الشاب لي كوانيو 33 سنة بدية من الخمسينيات تعد أفضل برنامج
    اقتصادي و تربوي و علمي و اجتماعي حمله شخص و طور به بلاده.
    مع عدم اغفال مجهودات أخونا في الله مهاتير محمد في القفزة العملاقة التي حققها لبلاده ماليزيا.

  • الخلاط الجلاط

    ستبدي لك الايام ماكنت جاهلا ويأتيك بالاخبار من لم تزودي_ طرفة ابن العبد_

  • مجرد رأي

    تتأخر في تسديد فاتورة الكهرباء ، الماء أو الهاتف تدفع مقابل التأخر عن تسديد الفاتورة و (قد ينزعون العداد) و تراسلك المصالح بعبارة ( يجب التسديد قبل 10 أيام و في حالة عدم تسديدكم ستتخذ ضدكم الإجراءات القانونية و يحول ملفكم على الجهات القضائية
    أما أن تتأخر الدولة في إنجاز مشروع 10 سنوات عن موعده المحدد و يبقى المواطن ينتظر و يطوف حول المصالح من أجل إيجاد حل للمشكلة بأمواله الخاصة و من وقته و يتشاجر مع المسؤولين الكذابين و السارقين و (البلاعطية) فلا حساب.
    الحواب على سؤالك هو عندنا تحترم الدولة نفسها لزاما على الشعب أن يحترمها
    (عدلت، أمنت، فنمت)

  • أنا

    عندما يطالب 100 % من الشعب بتخفيض سنة استيراد السارات المستعملة إلى 5 سنوات ثم تفاجأ بحكومة غير شرعية تفرض أقل من 3 سنوات. عندها نعلم جيداً أننا في مأزق علاجه صعب إن لم نقل مستحيل !

  • ياسين

    لا توجد في ماليزيا دولة عميقة معادية للشعب الماليزي و مرتبطة بمصالح أجنبية مناقضة لمصالح ماليزيا. هذا ما لا تفهمه يا نتاج المدرسة المنكوبة.

  • ابن الجبل

    عندما ينور الملح !!

  • جزائري

    الشعوب اللتي تكره النظام والانضباط وتتهكم على المنضبطين لا امل في خروجها من النفق المظلم. الفوضى تعم كل مناحي الحياة من ابسطها الى اكثرها تعقيدا. على سبيل المثال هناك تجار لا يكتفون باحتلال الارصفة لعرض سلعهم بل جزء لا باس به حتى من الشارع. لا أحد يحرك ساكنا لا الجهة الرسمية ولا جهة النهي عن المنكر. يستمر الامر هكذا لسنوات ولا شيىء يتغير. يعني الفوضى مقبولة لدى الجميع. المقال بسيط للغاية لكنه يدل على ثقافة غالبة لشعب باكمله وهي ثقافة الفوضى. الاخطر من كل ذلك انه لو حاول احد تطبيق القانون سيصنف التاجر المعتدي على الرصيف والطريق سيوصف بالمظلوم. هذه ثقافتنا الغالبة.

  • RG

    ماليزيا لها طريقتها التي تناسبها الجزائر لها طريقتها التي تناسبها
    هناك علم واسع عندما نتكلم عن بلاد و تركيبة الشعوب و مجتمعاتها
    الجزائري له أذواقة و هويته و حقه في تفجير إبداعاته الخاصة النابعة من رخامة عظام أجداده وليس ماليزياته هم هم هم

  • جزائري حر

    نهار تروح الدنيا

  • منور

    نعم يادكتور حقيقة مرة تمر بها بلادنا لأنه من الصعب مقارنتها بماليزيا ولا حتى بتونس ،فرنسا مشكلتنا بماتركته لنا من أقدام سوداء وبتغطية اتفاقيات افيان وبروتوكولات ومواثيق عبد الرحمان فارس وديقول في جويلية 1962 .ديقول رتب كل شئ من خروجه من الجزائروببقائها تابعة لفرنسا مند استفتاء 1 جويلية 1962 حتى تاريخ الأستقلال زيفوه لأبنائنا يقولون الأستقلال 5 جويلية وهو 3 جويلية 1962 وهدا حتى يؤرخوا تاريخ دخول الأستعمار واحتفل بهدا التاريخ في عهد بوتاف من سيدي فرج المكان الدي دخلت منه فرنسا ،هده الحقيقة يادكتور شعب لا يصنف مع شعبي تونس ولا ماليزيا أبدا؟

  • محمد البجاوي

    و الجواب يا سي سليم..عندما تشرق الشمس في مغربها .