-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بومدين بلكبير يتحدث عن كتابه "الجزائر.. البحث عن التغير المفقود" ويؤكد:

مثقفون تواطؤوا مع النظام ثم ركبوا الحراك ومن الخطأ اقتراح حلول جزئية لأزمة عميقة

زهية منصر
  • 2251
  • 4
مثقفون تواطؤوا مع النظام ثم ركبوا الحراك ومن الخطأ اقتراح حلول جزئية لأزمة عميقة
ح.م
بومدين بلكبير

يتناول بومدين بلكبير في كتابه “الجزائر البحث عن التغير المفقود” الصادر مؤخرا عن منشورات الوطن اليوم أسباب ومسارات الحراك الشعبي الذي عرفته الجزائر منذ العام الماضي ويخوض في مآلات هذا الحراك وكذا أدوار المثقفين والمجتمع المدني وأهم العوائق التي تواجه الجزائر لدخول مرحلة جديدة.

انطلاقا مما جاء في الكتاب أن مسار التغير في الجزائر ما يزال طويلا انطلاقا من عدة كوابح اقتصادية ثقافية وتاريخية ما هو المطلوب لإحداث القطيعة مع هذه العوائق؟

من الخطأ اقتراح حلول جزئية لأزمة الفساد السياسي والاقتصادي، وأزمة ضياع سلّم القيم في المجتمع خارج السياق الكلي، فالحلول والمبادرات المقترحة كثيرا ما تصدم بما هو أكبر منها. لأنَّ هذه الأزمات وغيرها بمثابة تحصيل حاصل ونتيجة لأزمة شرعية السلطة.

ببساطة لما تكون السلطة تمتلك الشرعية الكافية التي تستمدها من قبول ورضا أغلبية المحكومين، وبالتالي تخضع هذه السلطة للمتابعة الشعبية (المجالس التمثيلية ومنظمات المجتمع المدني)، والقضائية (استقلالية القضاء)، ولعامل الزمن المحدّد بعهدتين رئاسيتين لا أكثر. هذه الضوابط بمثابة صمام أمان يضمن عدم انحراف الأقلية الحاكمة.

أزمة استرجاع الشرعية لمسارها الصحيح تحتاج إلى نضال سلمي ونفس طويل. البلد في حاجة ملحّة (اليوم قبل الغد) إلى تغيير حقيقي جوهري وعميق يقود إلى مخرج لأزماتنا العصيّة، شرط أنْ يكون تغييراً هادئاً وسلمياً، يجنّبنا الدخول مجدداً إلى نفق مظلم لا نهاية له.

البلد في منعطف طرق، ضيّعنا فرصتين تاريخيتين ونحن أمام فرصة تاريخية أخرى ولدتها الأحداث الجارية في المنطقة؛ الأقلية الحاكمة ضيعت فرصة صيف 1962 وكذلك فرصة خريف 1988. وهاهي السلطة الحاكمة (بعد أحداث الربيع العربي وأحداث شتاء جانفي 2011 في الجزائر) بمراوغاتها وباستمرار ممارساتها القديمة وبإخلاف تعهداتها في تطبيق “إصلاحات جوهرية”، ستضيّع على البلد (مجدداً) فرصة تاريخية قد لا تتكرر للتغيير السلمي.

الكتاب وجّه نقدا كبيرا للطبقة المثقفة التي فاجأها الحراك.. ما رأيك في طريقة تعاطي المثقفين مع مخرجات الحراك بين من يدعو لمعارضة تقليدية للنظام وبين من يدعو لمساعدة النظام على الرحيل والمشاركة في تقديم خدمات؟

طبعا المثقف والمبدع له أدواره ومسؤولياته تجاه المجتمع الذي يعيش فيه، وغالبا ما يدفع المثقفين ثمنا باهظًا لآرائهم الحرة من قبل السلطة، أو المجتمع، أو من كليهما في الوقت عينه. هناك مثقفون وقفوا مع الحراك منذ البداية، وهذا الموقف منسجم تماما مع قناعاتهم ونضالاتهم ما قبل الحراك. وهناك بعض مثقفي النظام وخدمة السلطة والمستفيدين من الريع والمنافع والبقاء في الواجهة التي وفرها لهم النظام لأنهم لم يتأخروا في دعمه ومساندته والصمت عن تجاوزاته طيلة عقود، ها هي قوة الحراك في مرحلة أولى (في الأسابيع والأشهر الأولى للحراك) تدفع بهم إلى ركوب الموجة؛ وأصبحوا بقدرة قادر يناضلون بالكتابة وعلى بلاتوهات القنوات العربية، والكل يعرفهم اسما باسم، في محاولة منهم لإخفاء حقيقتهم البشعة ولتبييض جريمة صمتهم وتواطئهم مع السلطة المستبدة، تتحول مواقفهم بشكل يثير الاشمئزاز، حسب تغيّر عقرب بوصلة القوة في أجنحة الحكم؛ من رسائل خضوع من قبيل: “عاش الملك”، مرورا برسائل نضال وبطولات دنكوشتية على صورة: “مات الملك”، إلى رسائل تزلف منصب أو موقع مسؤولية على شكل: “يحيا الملك”!!. وهناك فئة أخرى سلبية تنتقد كل شيء وتخون الجميع وتقلل من أدوار ونضالات المثقفين.

استنادا إلى ما طرحته في الكتاب، هل يعني أن التغير في الجزائر أمر مستحيل، وما هو موقع مؤسسات المجتمع المدني حاليا “الجامعة والأحزاب والجمعيات والنقابات”؟

البناء الديمقراطي ليس سهلا؛ يحتاج إلى زمن وإلى تغيير مستمر، كما يحتاج إلى قبول الآخر المختلف. صحيح هناك حقائق موجودة من الصعب القفز عليها أو إنكارها، يجب التعامل معها. في اعتقادي أن الفئات المستنيرة في المجتمع ما زالت غير مؤهلة بالدرجة الكافية للعب دور تاريخي في خلق المناخ الملائم للتغيير، لأنها منهكة بفعل الصراعات والانقسامات، وغياب النضج الفكري والسياسي، بالإضافة إلى هشاشتها وضعف مصداقيتها أمام مجتمعها.

خاصة وأن النظام في الجزائر له تاريخ كبير وتجربة رائدة في تقسيم وتفكيك كل من يناوئه، فقد نجح في تشتيت الكثير من الأحزاب وإضعافها وخلق بدائل لها، كما استوعب واستقطب وأعاد إلى صفوفه الكثير من الأطراف المعارضة. حيث إن فشل منظمات المجتمع المدني وعجزها عن أداء مهامها الحقيقية ورضوخها لمختلف الاستعمالات والتوظيفات الآنية والمصلحية من طرف السلطة والأحزاب السياسية، ساهم في إنتاج وإعادة إنتاج نمط من القيم والسلوكيات التي تقوم على العنف والانقسام الاجتماعي.

كما ساهم عدم التداول على السلطة، والتضييق على الحريات، وبقاء نفس الوجوه في إدارة دفة الحكم منذ سنوات طويلة، في خلق مناخ من القلق والإحباط واليأس لدى فئة كبيرة من أبناء المجتمع الجزائري. هذا المناخ القاتل مهّد لاستقالة الطبقة المتوسطة والنخبة المثقفة الحقيقية من الساحة، وعجل بميلاد فئة جديدة، فئة هجينة، فئة لا تؤمن إلا بالمصالح الآنية والشخصية، فئة لا تعرف من الوطنية إلا انتهاز أقرب فرصة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والمنافع الشخصية والعائلية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • HOCINE HECHAICHI

    ....حصيلة تلبية مطالب الحراك الشعبي

    II . مطالب الحراك الكاذب الحالي- التي ترفضهاأكثرية الشعب - هي:
    1- فلول FIS (لإحياء المشروع التيوقراطي على الطريقة الداعشية )
    2- غوغاء العامة المصابون بداء "Dégagisme" (المطلب غير المعقول " يتنحاو قاع" )
    3- المغرر بهم من مناضلي الأحزاب FFS ,RCD,PT, RAJ … (لفرض دسترة حكم "طائفي" على الطريقة اللبنانية )
    4- أزلام MAK (مطلب انفصالي ).

  • نمام

    المثقف اكثر قدرة على تبرير الترحال السياسي حين اصبح التعلم وسيلة للرقي الحكومي والتحقت الثقافة وصارت حكرا على المتحلقين حول عرش السلطة وتوارى الابداع واصبح الالتقرب من وهج السلطة والشهرة مرتبطين بالابداع الذي يجب ان يمر عبر ابواب السلطة واصبح التخوين بين المولاة و المعارضين ولذا راى البعض بان المثقفين اكثر الناس قدرة على الخيانة لما يملكونه من تبريرات طمعا في ذهب المعتز وخوفا من سيفه وان كانت هناك حدودا للوهن و السقوط وان كانت المرحلة مرحلة انكسار وانهيار النظام وننتظر حين يكتب التاريخ بنزاهة ونعلم ما كان يهمس به البغض ويحس به الناس ولا نجرؤ على البوح به لاسباب مفهومة بتاثير اطراف صديقة

  • نمام

    المثقف اكثر قدرة على تبرير الترحال السياسي حين اصبح التعلم وسيلة للرقي الحكومي والتحقت الثقافة وصارت حكرا على المتحلقين حول عرش السلطة وتوارى الابداع واصبح الالتقرب من وهج السلطة والشهرة مرتبطين بالابداع الذي يجب ان يمر عبر ابواب السلطة واصبح التخوين بين المولاة و المعارضين ولذا راى البعض بان المثقفين اكثر الناس قدرة على الخيانة لما يملكونه من تبريرات طمعا في ذهب المعتز وخوفا من سيفه وان كانت هناك حدودا للوهن و السقوط وان كانت المرحلة مرحلة انكسار وانهيار النظام وننتظر حين يكتب التاريخ بنزاهة ونعلم ما كان يهمس به البغضويحس به الناس ولا نجرؤ على البوح به لاسباب مفهومة بتاثير اطراف صديقة

  • ابن الجبل

    هناك مثقفو البطن ،وهم الذين يجرون وراء المنافع الدنيوية الآنية ، ويحاولون في كل مرة ركوب الموجة حسب اتجاه الرياح ...! وهناك مثقفو الراي والمبادئ ، وهم الذين يدافعون عن أفكارهم النيرة ، ويستنير الشعب بآرائهم ، لا تزعزعهم العواصف العاتية ولا تحركهم الأمواج العالية ...! انهم زبدة المجتمع ومصباحه المنير ، الذي لا ينطفئ أبدا !!!.