-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

محاربة الديكتاتورية.. بالديكتاتورية!

محاربة الديكتاتورية.. بالديكتاتورية!
ح.م

إلى زمن قريب جدا، كنا ومازلنا ننتقد الصور التي يقدِّمها التلفزيون العمومي في كل موعد انتخابي، حول جموع من المواطنين يتسارعون إلى درجة التدافع نحو صناديق الاقتراع، ويركّز دائما على المناطق النائية في صحرائنا، حيث البراءة في صورها الطبيعية، وكنا نعتبر ذلك نوعا من ديكتاتورية الصورة والصوت التي تمارسها السلطة التي لا تُرينا إلا ما ترى، لأجل تمرير سياساتها التي تتركَّز على احتكار الحكم، وعدم الاعتراف بالديموقراطية المرتبطة باسم الجمهورية الجزائرية الشعبية، للزينة فقط.. لكن أن يتم معالجة الداء بالداء، من طرف من يعدّون أنفسهم من المعارضة، أو من يختلفون مع الآخرين في الرأي، فتلك هي الخيبة الكبرى.

ما حدث في بعض الولايات من رفض بالقوة وبالعنف للاقتراع، وتصوير بعض المشاهد التخريبية التي سبقتها صورٌ قادمة من الخارج أيضا، فيه الكثير من الإساءة إلى الجزائر؛ فعندما يتبادل جزائريون صورا لمغتربين يطاردون شيخا مغتربا يحمل بطاقة الناخب وينعتونه بـ”الخائن” و”الحركي”، وآخرون يُنشئون صناديق موازية في قالب كاريكاتيري، فإننا بصدد استنساخ ديكتاتورية جديدة، لا تختلف عن الديكتاتورية التي فُرضت على الجزائريين مدة 57 سنة.

لم يتمكن النظامُ الجزائري من الفوز على معارضيه من المتحرّكين ومن الصامتين، وعددهم كبير جدا، بالإقناع وبالحجج السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فبنى بينه بين الشعب باستبداده المخفي وأحيانا الظاهر للعيان، جدارا إسمنتيا تجلى في التنافر وفي مقاطعة المواعيد الانتخابية، ويبدو أنه أصاب معارضيه بالعدوى. وكل الجزائريين على قناعة الآن بأن من يسمّون بالإسلاميين سواء الوسطيين أو المتشددين لو بلغوا السلطة ما تركوها ومارسوا ديكتاتورية بلون ديكتاتورية بن بلة وبومدين وبوتفليقة، وبأن من يسمّون أنفسهم بالديموقراطيين لو تمكنوا من دواليب الحكم ما نزعوا أيديهم من المقود حتى ولو سارت بهم وبنا المركبة إلى الهاوية، فهم أعلنوها قبل الموعد الانتخابي، بأنهم لا يعترفون بالرئيس المنتخَب من طرف بعض الشعب حتى ولو حدث ذلك ديموقراطيا كما كان فعلا، ولا يثقون في أيِّ نية من النظام حتى ولو كانت صادقة كما هو الشأن حاليا، وهم لا يعلمون، وبكلمة أدقّ، لا يريدون أن يعلموا بأن بعض الشعب يرفضهم كمعارضين، ويرفض طريقة معارضتهم.

لقد مرّ الموعد الانتخابي بين تفاخر السلطة بما أسمته “النجاح الباهر الذي أذهل العالم” في انتخابات أصرّت على أنها “سابقة في تاريخ البلاد”، وتُفاخِر المعارضة التي تسمي نفسها “ديمقراطية؟” بصور التكسير ومنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم بالقوة والتي سافروا بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ظنا منهم بأنها ستحيّر العالم.

لكن الحقيقة أننا لم نغيّر شيئا، وسيكون التفاؤل بغد أفضل مجرد مُسكّن لجسدٍ أعياه الألم، وأشقاه علاج الألم بالألم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • saidoune

    بعض المُدَّعين بمعادات النظام الديكتاتوري ومواجهة الناخبين بوسائل ديكتاتورية ليس لهم دافع سوى أنهم لم ينتفعوا من هذا النظام. فلو كانوا من المستفيدين منه لكان موقفهم معاكس. إنهم الإنتهازيون.

  • مجمود

    لا يا سيدي، لقد غيّرنا. لكن طبيعة التغيير هي التدرّج. ماذا كنت تنتظر؟ أنت بنفسك قلت أن البعض لا يريد أن يعلم ولا يقبل بأي نية صادقة ولا ديموقراطية مهما كانت رشيدة، فأي نتيجة ملموسة تتحسس سيدي؟ لكن، هل في رأيك أن الحق لا يكون حقا إلا إذا كان قابلا للمس؟لا يا أخي الكريم، يكفي في الحق أن يكون دامغا كي نقول أنه حقّ أو أنه منه. كان باطل الماضي باطلا دون ريب،وباطل اليوم كذلك،إلا أن اليوم يختلف عن الأمس بوجود حقٍّ يزاحمه ويفصح له بأنه قد قرر التدخّل.وتلك سنة الحياة،يصول الباطل ثم ينتهي بين فردتيّ رحى الحق فيسحقه حتى يدور الزمان دورة أخرى.الحمد لله على لمعة النور في آخر النفق.

  • عزالدين

    اجل من اقترعوا يا إما حمقا و مغفلين يا إما خونه ، إما على النويا فمن الاستقلال و نحن نتعما و و نصمت بحجة حسن النية لينتهي بنا الحال في الأخير بشبه دولة لا زراعه لا صناعه و لا حتى صحة و تعليم ؟
    إلي متى نصبر على احتكار اولغارشية الجيش المال و المسمون مجاهدين 2019 و لا يزال هناك من جاهد و على قيد الحياه لا و بل يتقلد مناصب هزلت
    متا تفيقون و تتوقفون على التطبيل و التصفيق لمن يحكم ؟

  • كمال الاوراسي

    انتهز هذه الفرصة لاقول لفرنسا ولكل اذنابها بالداخل والخارج من ابناء الحركي وبلونيس والباشاغا بوعلام وغيرهم كثير انك يا فرنسا عليك قبل ان تتكلمي وتتفوهي كلمة عن الجزائر والتعليق عن رئيسها الجديد عليك الاعتذار والاعتراف رسميا بجرائمك ضد الانسانية والابادة الجماعية لشعب باكمله والتطهير العرقي بالجزائر الذي مارسه اجنرالات فرنسا السفاحين الارهابيين الدمويين -من 1830م الي 1962م اي 132 سنة من القتل والتجهيل والتهجير والتشريد -
    فرنسا قتلت مدة 132 سنة من الاستظمار 12 مليون جزائري بدم بارد
    الاعتذار والاعتراف هو الحل يا فرنسا

  • صحراوي حر

    احسنت كلامك موزون و معقول خارج التهويل و التطبيل الذي ساد الساحة الإعلامية هاته الأيام

  • جزائري

    مشكلتنا اننا لا نريد الاعتراف ان المشكلة الحقيقية للجزاءر هي مشكلة ثقافية وعلاجها هو علاج ثقافي. الحراك والنظام تحكمهما ثقافة واحدة . ثقافة الاستبداد والاستحواذ على الراي واحتكار الصواب. لم استغرب ابدا مشاهد منع الناخبين من النصويت بل كنت اتوقع اكثر من ذلك لانني ببساطة اعرف العقلية الساءدة والغالبة في المجتمع الجزاءري. بل اذهب ابعد من ذلك وفي مخيلتي سلمية الحراك مجرد تمثيل مسرحي اكثر مما هي ثقافة سلم. دليلي على ذلك ما حدث في تسعينات القرن الماضي وما نعيشه يوميا في مجتمعنا الجزاءري من عنف في احياءنا ومساكننا دون اي دخل للسلطة. شيىء اخر الحراك لم يخلو من العنف اللفظي اللذي يندى له الجبين وعادي.

  • جزائري - الجزائر

    شيئ مُحزن أن أرى من يقارن بين فعل نظام يمارس الظلم بكل أنواعه وصوره منذ 62 ويسخر لذلك كل مؤسسات الجزائر (بما غي ذلك الصحافة الخاصة)...ورد فعل أفراد فقدوا صوابهم تجاه الطغيان الذي تجاوز كل الحدود.