-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

محاسبة “الرب” والصفح عن “العبيد”

الشروق أونلاين
  • 746
  • 0
محاسبة “الرب” والصفح عن “العبيد”
ح.م

بعيدا عن القضاء الذي باشر متابعة واستجواب بعض المتورطين في نهب المال العام، يشعر غالبية الجزائريين بالحرج ويصابون بالحساسية تجاه بعض الأسماء التي عاثت في أرضهم فسادا، ويصرّون على ضرورة أن ينتهي بهم المطاف إلى السجون، وهذا أمر منطقي ولكنه يبقى ناقصا.

فمثلا أحمد أويحيى تمّ تعيينه كاتبا في وزارة الخارجية بأمر من الراحل هواري بومدين وفي وزارة أحمد طالب الإبراهيمي، وصار مستشارا بديوان وزارة الخارجية بأمر من الراحل الشاذلي بن جديد، وتم تعيينه رئيسا للحكومة بأمر من الرئيس السابق اليمين زروال، ويكاد مسار بقية الساسة من جمال ولد عباس إلى عبد القادر بن صالح ورجال الأعمال على كثرتهم يكون على نهج أحمد أويحيى، أي أن للفساد جذورا، وللأسف أغصان أيضا زرعها هؤلاء على مدار عقود.

فالرئيس المستقيل والمغضوب عليه هو من عيّن غالبية رؤساء الدوائر والأمناء العامين والولاة وحتى القضاة، ومع ذلك يخرج هو من الباب الضيق ويرتفع من عيّنهم إلى أعلى الدرجات، ووزير التعليم العالي الذي لا يعترف بجائزة نوبل خرج من الباب الضيق ودخل من عيّنهم من مديري الجامعات ومديري الخدمات الجامعية باب الحراك الشعبي وصاروا يُنظّرون له ويحاضرون، ووزير الشؤون الدينية السابق هو من عيّن نظراء الأوقاف، وزير الصحة السابق هو من اختار من أصدقائه مديرين لقطاع الصحة، وحتى الأمين العام الحالي لحزب جبهة التحرير الوطني محمد جميعي ما كان ليتسلق كل هذه الدرجات لولا سعيداني وجمال ولد عباس.

ليست المشكلة في من عيّنهم الفاسدون، وإنما في كون هؤلاء هم الذين زيّنوا للفاسدين أعمالهم بالتهليل والتصفيق ولعق الأحذية، وقالوا لهم لا غالب لكم من الناس، وبمجرد أن اندلع الحراك الشعبي، نكصوا على عقبيهم، وخرجوا من تهم الفساد وهم ملطخون فيه وبه.

أليس من ارتضى العبودية طواعية أسوأ من مستعبد الناس، وكلاهما سيء؟ أليس من أوصل الفاسدين إلى القمة وحماهم أسوأ منهم، وكلهم فاسد؟

صرنا نخشى أن يتعب الشعب من الحراك في انتظار حركات المغادرة البطيئة جدا من مسامير النظام التي تثبتت وصدأت في الجدران، ونخشى أن يطول زمن المتابعات القضائية، وتتعطل أهم أهداف الحراك وربما الهدف الوحيد وهو البناء على أرض صلبة يكون فيها الأجدر بالمسؤولية من يقود البلاد، ليس في قصر المرادية وإنما في مقرات الولايات ومديريات السكن والصحة والفلاحة وفي المجالس البلدية وفي رئاسة الأندية وفي دور النشر والحضانة والتعليم، لأن ما بين القول والفعل وما بين الوعود وتحقيقها مسافات، فتهديم البناء أسهل من ترميمه أو إعادة بنائه، وانتقاد المخطئين أسهل من الإتيان بما هو أجود وأحسن منهم. وكلما تأخر الصعب صار مستحيلا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!