-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مخابر لصناعة الكراهية!

مخابر لصناعة الكراهية!
ح.م

بيان رئاسة الجمهورية بتكليف الوزير الأول لصياغة قانون للتصدي لخطاب الكراهية والعنصرية والجهوية يعدّ تطورا إيجابيا من زاوية تحمُّلِ السلطات لمسؤوليتها في التصدي للانحراف الكبير الذي يهدد تماسك الشعب الجزائري، ويدفع نحو فتنٍ عرقية ولغوية وحتى دينية، لكن هذا التحرك من طرف السلطة يفتقر إلى تشخيص سليم للأسباب التي أدت إلى هذا الانفلات.

وعلى الرغم من أنّ الجزائر من البلدان القليلة التي حباها الله بمقومات وحدةٍ وتماسك؛ إذ لا توجد طوائف ولا نِحل ومِلل متناقضة، وعلى الرغم من التّاريخ القريب الذي صنعه الجزائريون عبر ملحمة التحرير المباركة، إلا أن بعض المرضى إيديولوجياً يجتهدون في إحداث ثغرات في هذا الجسم الواحد، مستخدِمين نعمة التنوُّع والثراء الثقافي والحضاري ومحاولة الدفع نحو اصطفاف إما ديني أو عرقي أو لغوي.

والمثير في الأمر أن هذا التصعيد بدأ مباشرة بعد الصّور الخالدة التي قدَّمها الحَراك الشعبي عندما خرجت الملايين بصوت واحد وبطريقة حضارية وسلمية، لكن المخابر اشتغلت في الظلام وأنتجت مصطلحات جديدة مثل “زوافي” و”مبردع” و”لحاس الرونجاس” استخدمها ضعافُ النفوس للنيل من خصومهم السياسيين.

محورٌ آخر اشتغل عليه البعض هو استثمار الخلافات والتصفيات التي حدثت بين قيادات الثورة لتعميق الهوة بين الجزائريين، وأصبح كل من اطلع على مذكرات أو قرأ صفحاتٍ مجهولة على الفيسبوك، يتطاول على رجال كان لهم أدوارٌ كبيرة أثناء الثورة أو قبلها، لا لشيء إلا لأن هذا القائد أو ذاك ليس من “دشرته”، فتـجد من يطعن في قادة ورموز كبار أمثال محمد بوضياف وعبان رمضان، ولم يرحموا في ذلك رائد النهضة الجزائرية الشيخ عبد الحميد بن باديس، واستمر العبث بموضوع الهوية باستدعاء أحداث التاريخ الحديث والمعاصر وحتى التاريخ القديم، ووصل الأمر إلى درجة متقدمة من التفاهة والابتذال، أصبح الحديث فيها عن إنسان ما قبل آدم عليه السلام؟!

لذلك، فإن أول عمل يتعين على السلطات العليا القيام به، في سياق وضع حدٍّ لخطاب الكراهية والعنصرية والجهوية، هو تجفيف منابعه عبر التّضييق على المخابر التي تصنعه، وملاحقة رموز هذا الخطاب في مواقع التواصل الاجتماعي، وهم لا يمثلون توجُّها سياسيا واحدا، وإنما خليطا من المعتوهين الذين يتبنُّون خطاب كراهية سواء ضد منطقة بذاتها في الجزائر أو ضد أركان الهوية من لغة ودين، وما أكثر الذين يطعنون يوميا في الدين ويزدرون شعائره.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • الفيروس و الدواء

    الفيروس معروف لكن الدواء مر

  • HOCINE HECHAICHI

    الكراهية والعنصرية والجهوية والإقصاء يصنعه من يتظاهلر فيحراك الشرذمات الحالي :
    1. شرذمة فلول FIS (لإحياء المشروع التيوقراطي على الطريقة الداعشية )
    2. شرذمة عناصر MAK (للمطالبة بالانفصال على الطريقة الكردية)
    3. المغرر بهم من مناضلي الأحزاب "الجهوية" FFS ,RCD,PT, RAJ(للمطالبة بحكم "طائفي" على الطريقة اللبنانية ).
    4. الغوغاء (للمطالبة "بيتنحاو قاع").

  • وليد بوعديلة

    اشكر الاعلامي الدكتور بوسيافة على موقفه هذا،وتبقى ميادين الهوي واشكالاتها من اهم ميادين البحث الثقافي والسياسي المعاصر،فقد تكون الهوية والاقليات اللغوية والدينية والثفافية.عاملا للتنمية والوحدة والانسجام المجتمي والحوارالبناء،او تكون عاملا للتخلف والفتن والتراجع التنموي ،والتجارب كثيرة عبر العالم،ونحن نحتاج لوسائل كثيرة تواجه الكراهية والتخوين والحقد،نسال الله ان يحفظ الوطن،وان يتحرك الشرفاء لمواجهة كل خطر،لكن القرار السياسي ورجال السلطة والدول عليهم ان يقدموا النموذج الامثل في مواجهة الظواهر السلبية المهدد للوحدة و بعدهم سيكون المواطن البسيط على درب النضال ضد الكراهية،عبر المواقف .

  • hijo ben

    الكره ينبع من حب الدنيا والتنافس عليها
    الا تكفينا ارض واحدة سقيناها معا بدمائنا لنتحد
    الا تكفينا سماء واحدة لنتحاب تحتها
    الا يكفينا هواء واحد نتقاسمه
    الا يكفينا تاريخ واحد يجمعنا
    الايكفينا انه لا يحبنا احد الا بعضنا البعض...

  • franchise

    - سترون بأعينكم كيف سيصبح قانون الكراهية أداة لصالح الشّواذ و الأقلّيات التي ستزيد الأمور تعقيدًا .
    - كم من مبادرة أتى بها جزائريون بعنفوانهم المعتاد وشغفهم للعموميات و تجاهلهم للتفاصيل، إنتهت بالأزمة الأخلاقية و الهوياتية التي نتخبّط فيها

  • عبد الرحمان إليزي

    إذا كان عندنا من يروج الكراهية والعنصرية بقلمه ولسانه فإن في دوائرنا الحكومية من يروجها بأفعاله فالوزير الذي يصطفي للمسئولية أبناء عرقه وجهته وإن كان يوجد من هو أولى وأحق وأكفء وكذالكم المديرون الذين الذين يصنفون العمال في المؤسسات الوطنية على أساس العرق والجهة وليس على أساس الكفاءات بل حتى النقابات داخل هذه المؤسسات تزرع الكراهية والعنصرية حيث ينحصر دفاعها على أهل الدشرة بل قد يطالبون بعطاءات لابن الدشرة لا يستحقها فهؤلاء هم أول من تجب محاربتهم فهم السبب الأول لتفشي الظاهرة

  • عبدالله FreeThink

    لما تكون عندك دولة باطنية داخل الدولة تملك الإعلام والثقافة والإقتصاد والشركات وتملك الإدارة والمديريات ، وتوظف أفرادها عرقيا في المراكز الحساسة وفي الشركات ، وتنتشر عبر ربوع الوطن لتسيطر على الشعب إقتصاديا وسياسيا وتمارس الإحتكار والفساد ، وتقول عن نفسها أنها سكان أصليون (ذوي العرق النقي كما قال هتلر) والبقية غاشي.... فإن محاربتها هنا يسمى مكافحة للعنصرية والتعصب والإضطهاد والتمييز ، وليس عنصرية في حد ذاته. فهي تضاهي الصهيونية في تغلغلها ومكرها وخبثها. ومكافحتها ليس معاداة للسامية. بل هو حق ، مثلما فلسطين حق للفلسطينيين وليس لشرذمة جاءت من أوروبا تدعي أنها السكان الأصليين للقدس.