-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مخاطر المرحلة الانتقالية كبيرة

الشروق أونلاين
  • 584
  • 0
مخاطر المرحلة الانتقالية كبيرة
ح.م

كلُّ دَعوةٍ إلى مرحلة انتقالية مهما قصُرت، تحمل في تقديري مخاطر كبيرة على مستقبل الإصلاح الشامل في البلاد. حقيقة، تبدو المشكلات معقدة وقضايا الانتقال متشابكة، وهناك صعوباتٌ كبيرة ينبغي تَخطِّيها للتمكن من تحقيق الأهداف المنشودة، إلا أن فتح المجال أمام مرحلة انتقالية بحُجة كَسْب مزيدٍ من الوقت من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق عكس ذلك تماما، أي مزيدٍ من تضييع الوقت وفتح المجال أمام متاهات لا نهاية لها.

لذلك، فإننا اليوم في حاجة إلى الحسم، أكثر من حاجتنا إلى التسويف وفتح المجال أمام مرحلة انتقالية يعتقد البعض أنها ستكون في صالحنا. أي ينبغي أن نفصل في مسألة مَنْ سيحكم البلاد في أقرب الآجال، وبطريقة ديمقراطية، ومن خلال الصندوق الشفاف والسيِّد. وهذا أمرٌ ممكن حتى في الظروف الحالية، لسببٍ بسيط هو أن مسألة مثل هذه العمليات لا تكمن صعوبتها أبدا في القضايا التنظيمية أو الإجرائية أو اللوجيستية، إنما في الإرادة السياسة التي تكون خلفها.

إذا ما كانت هناك إرادةٌ سياسية عالية تُقرِّر بصرامة وفي وضوح تام أنه لا مجال هذه المرَّة للتزوير، فإنّ كل القضايا الأخرى سيتم التحكم فيها وبطريقة فعَّالة..

إن مشكلتنا الأولى كانت دائما وجود إرادة سياسية عالية تأمُر بالتزوير، لذلك لم يكن ينفع معها لا احتجاجاتٌ ولا لجان مراقبة ولا عدالة ولا توافقات سياسية… كل شيء كان ينهار أمام القرار الفوقي الذي يأمُر بالتزوير، ولا أحد يستطيع الصمود. أما اليوم، إذا ما استطعنا تجاوز هذه المشكلة، فإننا نستطيع القيام بالعملية الانتخابية حتى قبل انقضاء المدة القانونية التي حدَّدها الدستور، وإن لم نقم بها بالمثالية اللّازمة…

إننا لا نملك كتلة انتخابية من 900 مليون نسمة كما في الهند، لكي نخشى عدم التحكُّم فيها. كل الهيئة الناخبة لا تزيد عن أن تكون قرية تنتخب بمقياس هذا البلد. ومع ذلك هناك انتخاباتٌ تجري حاليا في الهند، الأكبر من نوعها في العالم يشارك فيها أكثر من 400 حزب، ومئات الأعراق والفِرق والجماعات الدينية وغيرها… وكل شيء يسير بالطرق القانونية وإن حدثت بعض التجاوزات هنا وهناك. فكيف بنا نحن وعدد ناخبينا الإجمالي لا يزيد عن 23 مليونا، نُصوّر للناس استحالة القيام بالعملية في ظرف يمتد إلى غاية 03 أشهر؟

يبدو لي أننا إذا انتظرنا الاتفاق على التفاصيل قبل القيام بانتخابات رئاسية، أو بحثنا عن المثالية القصوى مع أول محاولة، وقررنا لأجل ذلك حكومة انتقالية أو رئيسا انتقاليا أو ما شابه، فإننا أبدا لن نخرج من عنق الزجاجة، بل سنغرق أكثر في هذه التفاصيل، ونسلك الطريق الذي سلكته بقية التجارب العربية الفاشلة إلى حدِّ الآن، بدل أن نأخذ الحكمة من الشرق، إذا لم تكن من الصين كما جرت العادة، فمن الهند على غير العادة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!