-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
علي فضيل... المؤسس والمبتكر والمبدع

مدرسة جديدة في إدارة وقيادة المؤسسات الإعلامية

محمد قيراط
  • 274
  • 0
مدرسة جديدة في إدارة وقيادة المؤسسات الإعلامية
أرشيف

ذات خريف من سنة 1977 توجه إلى الجزائر العاصمة بعد نجاحه في شهادة البكالوريا. جاء من بئر غبالو، ذلك المجتمع الريفي بعادته وتقاليدة إلى العاصمة حيث استقر به المشوار في الحي الجامعي طالب عبد الرحمن بإبن عكنون. سجل في معهد العلوم السياسية والإعلامية وتخصص في التنظيم الإداري. عرفت دفعته (1977-1981) تنقلات ومحطات مختلفة بسبب تعدد مقرات وقاعات الدراسة حيث تعددت أماكن التدريس من جاك كارتتي إلى العربي بن مهيدي إلى كلية الحقوق بابن عكنون إنتهاء ب الليسانيات ل ITFC حاليا. من زملاء الدفعة المرحوم صالح قيطوني والمرحوم العاقل ياسر وعمر قيطوني ونور الدين بوزيان ومخلوف زرطيط وبوعلام رمضاني وصالحي حمود وزاوية محمود وخلية عبد الحميد وأحمد بيوض…كان بسيطا طموحا مثابر وملتزم شغوف بالعلم والمعرفة . كريم مخلص يحب الجميع ويحب مساعدة الفقراء والمساكين.أنهى دراسته وعلى خلاف تخصصه توجه لمهنة المتاعب وعمل صحافيا حيث ألتحق بجريدة الشعب سنة 1982 وعمل في الإذاعة الوطنية وجريدة المساء قبل أن يؤسس “الشروق العربي”. صال وجال في دروب الصناعة الإعلامية في الجزائر تعرف على خلجانها ودروبها. ما يحسب للراحل وما يسجله له التاريخ بحروف من ذهب هو مهاراته الإدارية والقيادية حيث أستطاع أن يؤسس أكبر مجمع إعلامي في تاريخ الجزائر.

الجزائر التي كانت تفتقد لثقافة المجمعات الإعلامية وثقافة الاستثمار في المجال الإعلامي. المرحوم علي فضيل أستطاع أن يؤسس لثقافة جديدة ولإعلام متنوع وفتح المجال للطاقات الشابة لتوظيف مهاراتها وتفوقها في الميدان. في ثقافة الصناعة الإعلامية عندما نتكلم عن مجمع هذا يعني إمكانيات مادية معتبرة، مقرات، كوادر بشرية متميزة ومنتج إعلامي متنوع ومتميز يستجيب باستمرار لاحتياجات الجمهور. رؤى واستراتيجية المرحوم علي فضيل جاءت في الوقت المناسب لأن الجزائر والقارئ الجزائري والشعب الجزائري بصفة عامة كان بحاجة إلى إعلام جديد، أسلوب جديد في إدارة المؤسسات الإعلامية والخروج من ثقافة الإعلام الحكومي الرسمي الذي كان بعيدا كل البعد عن هموم وانشغالات المواطن الجزائري. إعلام أعادي عمودي من السلطة إلى الجماهير، يغلب عليه الروتين والرسميات وخطاب السلطة الذي انشرخت أسطوانته منذ عقود خلت. إعلام رسمي كان شغلة الشاغل هو “شرعنة” السلطة ونقل رسائل إلى عامة الشعب. رؤية المرحوم كانت تختلف تماما حيث أنتهجت أسلوبا وطريقة تختلف عما تعود علية الشعب لعقود من الزمن. منهجية المجتمع تعطي التنوع وتوفر التوجه إلى قطاعات مختلفة من الجمهور وتعطي إمكانية الاهتمام بالمجالات المختلفة في الحياة اليومية للمجتمع. وهذا يعني أن المجمع بإمكانه التوجه إلى المرأة وإلى الشباب وإلى كبار السن والأطفال. كما أن فكرة المجمع توفر الإمكانيات للاهتمام بالسياسة والرياضة والاقتصاد وقضايا المرأة والثقافة والمسرح. من جهة أخرى نلاحظ إهتمام المجمع بالقرى والمداشر ومناطق الظل التي لم تتغير أحوالها منذ عقود من الزمن ولم ينظر إليها إعلام السلطة الذي يلخص البلاد بالجزائر العاصمة وفقط.

علي فوضيل أسس لنظام غعلامي جديد في الجزائر رغم العراقيل والمشاكل. ففكرة مجمع إعلامي لا تأتي إلا من رجل له رؤية واستراتيجية ولهه مهارات في الإدارة والقيادة. جاء بشيء مختلف، شيء جديد ونمط جديد في رؤية الأشياء والقضايا والمجتمع بكامله بهمومه وتحدياته. إبن الريف إنحاز إلى حنينه لبيئته الطبيعية بيئة بئر غبالو، بيئة البساطة والكرم والمحبة والوئام والتآخي. هذه الصفات انعكست في فكر علي فضيل وجسدها المرحوم في الواقع من خلال المجمع الإعلامي الذي أسسه وأشرف علية وأداره باقتدار. ما قام به المرحوم لم يفعله أحد من قبله. نجاح المرحوم علي فضيل تمثل في اهتمامه من خلال المجمع الإعلامي بقضايا الفقراء والمساكين والمهمشين، القضايا الكبرى والمصيرية لمجتمع كثر فيه الفساد وتبدير المال العام وتجاهل هموم ومشاكل المغلوب على أمرهم. جعل المرحوم علي فضيل مجمع الشروق في خدمة الجزائر والتحديات الكبيرة التي كانت وما زالت تواجهها. كرم المثقفين والمبدعين والرياضيين وكل الذين تفوقوا ونجحوا وهزموا التحديات والصعاب. الرجل كان يحب التميز والتفوق والنجاح. من خصال المرحوم أنه كان لا يؤمن بالمستحيل، كان طموحا إلى أقصى درجة كان يؤمن بقدراته وبقدرات من حوله. ميزنه أنه كان قائدا بأتم معنى الكلمة وهذه الصفة لا تتوفر إلا في من يتميزون بمهارات وسمات وصفات وهبات من الله. المرحوم فتح أبواب مجمع الشروق أمام الشباب ووجههم وشجعهم على المثابرة والعمل والإصرار على النجاح.

المرحوم بفضل خصاله الحميدة وثقافته الواسعة ومواهبه في الإدارة وقيادة الرجال أستطاع أن يخرج من الروتين ويأتي بالجديد. نعم أستطاع أن يؤسس مجمعا إعلاميا ناجحا ومن خلاله أستطاع أن يكون مدرسة جديدة في الإعلام تهتم بقضايا الشعب، وبقضايا الأمة وبقضية العروبة والإسلام وقضية اللغة العربية وفلسطين. كما كرم العلماء والمبدعين، وحفظة القرآن، والمتفوقين والناجحين. لم يضع الربح نصب أعينه لكن الربح بالنسبة له كان خدمة الوطن والمواطن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!