-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مصيبة خسارة رمضان

سلطان بركاني
  • 2800
  • 0
مصيبة خسارة رمضان

لعلّ كثيرا من النّفوس المؤمنة قد بدأت تتحسّر على قرب رحيل رمضان.. نفوسٌ تتمنّى أن تكون الحياة كلّها رمضان.. نفوسُ عبادٍ لله مؤمنين عرفوا حقيقة هذه الحياة، وعرفوا قدر رمضان، صاموا وقاموا يرجون عتق الرّقاب وعفو مولاهم العزيز الوهّاب.. منعوا أنفسهم الشّهوات والآثام، وجنّبوها الجدال والخصام.. غضّوا أسماعهم وأبصارهم عن محارم الله، وأمسكوا ألسنتهم عن الوقيعة في أعراض عباد الله.. أمضوا شهرهم بين صلاة وبكاء، وذكر ودعاء.. عرفوا الحكمة من الجوع في رمضان، فتصدّقوا من أموالهم وأطعموا من يجوع في رمضان وغير رمضان، يرجون العفو والرّضوان والعتق من النيران.

ما من عبد مؤمن مهما بلغ اجتهاده في رمضان، إلا وهو يجد في نفسه مع قرب رحيل الضّيف العزيز شعورا بالتّقصير في استغلال أيامه ولياليه الغالية.. سبعُمائةٍ وعشرون (720) ساعة، هو عدد ساعات رمضان، مضت منها ستّمائةٍ وستون (660) ساعة، لا شكّ أنّنا جميعا نحسّ بأنّنا لم نحسن استغلالها بما يليق بفضل ومكانة رمضان، وبما يَحسُن لعبد مؤمن لا يدري ربّما لا يدرك رمضانَ آخرَ بعد رمضان هذا العام.

ثقيلةٌ وطأة الإحساس بالتّقصير في أيام رمضان الخالية، لكنّ الأثقل منها وطأةُ إحساس العبد المؤمن بأنّه ربّما يكون قد خسر رمضان، ولو تأمّل العبد أثرَ مصيبة “خسارة رمضان” على حياته، لكان حريا أن يتقطّع قلبه حسرة وحزنا على إضاعة خير الليالي والأيام، ولكان حريا به أن يبكي بدل الدّمع دما، لأنّه لا يدري لعلّه سيكون آخرَ رمضان له في هذه الدّنيا. يقول نبيّ الهدى صلّى الله عليه وآله وسلّم: “رغم أنف رجل دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له”.

أخي المؤمن. لعلّك إلى الآن، وبعد صوم 27 يوما من رمضان، لم تتخلّص من ذنوبك ولم تعتق من النّار؛ أُعتِق حولك في هذا العالم الآلاف بل ربّما الملايين، وأنت لا تزال رهينة لنفسك الأمّارة بالسّوء.

أخي المؤمن.. تخيّل لو دخلت المسجد صبيحة العيد فوجدت قائمتين؛ إحداهما للفائزين في رمضان وأخرى للخاسرين. تنظر في قائمة الخاسرين فتجد اسمك بينهم، ثمّ تنظر في قائمة الفائزين فتجد فلانا وفلانا وفلانا، من أقاربك وجيرانك. تخيّل أخي هذا الموقف ثمّ ارجع إلى حالك واسأل نفسك ماذا قدّمت في رمضان وماذا أخّرت؟ هل تحسّنت حالك مع الصّلاة ؟ هل أصبحتَ تجد الرّاحة والطّمأنينة في حثّ الخطى إلى المسجد لصلاة الفجر؟. هل أصبحت تجد لذّة لقراءة القرآن قبل وبعد كلّ صلاة؟ هل أصبحت تجد حلاوة وأنسا للدّعاء والتذلّل لخالق الأرض والسّماء؟.. اسأل نفسك وفتّش في قلبك وروحك، وحاول أن تصحّح مسارك ما دام في العمر بقية، وما دامت الأنفاس تخرج وتعود.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!